إعتبر وزير المال علي حسن خليل أن الأمور لم تعد تحتمل التأجيل، وبالتالي كل الأطراف اليوم معنية بأن يضغطوا من أجل تشكيل سريع للحكومة، لأنه إذا لم يكن هناك عمل حكومي طبيعي ستبقى الأمور عالقة وقاصرة عن مواجهة المشكلات أو اتخاذ القرارات المناسبة.
كلام خليل جاء بعد لقاءٍ حواري نظّمه المجلس الاقتصادي والاجتماعي حول الأوضاع المالية ولاقتصادية والاجتماعية، شارك فيه إلى رئيس المجلس شارل عربيد ورئيس الاتحاد العمالي العام بشارة الاسمر، أعضاء من المجلس ومن هيئات اقتصادية ومن اتحادات نقابية وعمالية تم التطرق في خلاله إلى المواضيع كافة بدءًا من المالية العامة والعجز والرسوم والضرائب وسلسلة الرتب والرواتب للمتقاعدين والناتج المحلي والموازنة إلى مواضيع الإسكان والكهرباء حيث تحدّى الوزير خليل أن يكون هناك أي طلب لتأمين الفيول أو فتح اعتماد للباخرة إسراء متوقف في وزارة المال، مجدّدًا التأكيد على الالتزام بدعم الفوائد لقروض الإسكان.
وقال خليل: “اليوم فرصة كبرى لنلتقي كشركاء، دولة بوزاراتها والمجلس الاقتصادي الاجتماعي بتكوينه الكامل بين قطاعات الانتاج وقطاعات العمال والخبراء، فهذه الفرصة يجب أن تستكمل للعمل الجاد على إعطاء الدور الحقيقي لهذا المجلس عبر الإحالات الدورية من الحكومة إليه في كل ما يتعلق بالقضايا الاقتصادية والاجتماعية والمالية، واستشارته حتى ولو لم تكن ملزمة فمن المفيد أخذ رأي هذه القطاعات بشكل دائم”.
أضاف: “بصراحة أساس النقاش اليوم وقاعدته أن يكون هناك استقرار سياسي في البلد واليوم نحن في مرحلة كان من المفترض أن نلتقي وتكون الحكومة تعمل وتقوم بواجباتها بعد إجراء الانتخابات النيابية”.
وتابع: “عرضنا اليوم الوقائع المالية والمؤشرات الاقتصادية التي توضح بأننا أمام تحد كبير يتطلب إرادة سياسية صلبة وقوية أولًا باتجاه إنجاز موازنة العام 2019 التي انتهت وزارة المال من إعدادها وأحالتها إلى الأمانة العامة لمجلس الوزراء”.
واستطرد: “نحن اليوم بطور نقاش مع القوى السياسية والكتل النيابية لنكون جاهزين فور تشكيل الحكومة الجديدة. بهذا الالتزام السياسي القوي بإقرار الموازنة الذي يجب أن يترافق برأينا مع إقرار الخطة الاقتصادية، وإجراء إصلاحات ضرورية، فكل الهيئات والمؤسسات الدولية تنصح بها وهذه الإصلاحات بعض منها جذري بعمل الدولة ومؤسساتها وهي مجموعة من الإجراءات المكملة والمحفزة التي تساعد على تحريك اقتصادنا وتعزيز اقتصادنا والأهم الإصلاحات المرتبطة بحوكمة جدية وبالعمل على منع الهدر والفساد وإقرار استراتيجية لمكافحة الفساد لكي لا تبقى المسألة مجرد شعار، والفساد مسألة مركبة ومتغلغلة من جهة وعلى جميع المستويات”.
وقال: “أود أن أصرح عن جانب مضيئ أنه حين تكون هناك إرادة سياسية وغطاء في الدولة اللبنانية وموظفون في الإدارة كفوئين ونزيهين وقادرين على إحداث فرق نقوم أمام قيام الالتزام السياسي، جاوبنا في الجلسة على بعض من المشكلات المطروحة التي هي مجال جدل في الرأي العام كموضوع الإسكان. نحن ملتزمون كدولة بتأمين فرق الفوائد لقروض الإسكان بالعدد الذي كان يتحقق في السنوات الماضية وهذا الأمر أعدينا له القرارات القانونية والاقتراحات اللازمة لمجلس الوزراء و لمجلس النواب ليكون موضع التنفيذ في أول فرصة يعاد فيها الانتظام لعمل المؤسسات”، مضيفًا: “للأسف توقيف قروض الإسكان ترك انعكاسًا قويًا على كثير من القضايا المرتبطة بالمالية منها انخفاض نسبة الواردات”.
وطرح موضوع الكهرباء فأكدنا أننا بحاجة لإصلاح جدي وجذري يسمح بتأمين الكهرباء بكامل طاقتها للمواطنين حتى حين يعاد النظر بالتعرفة مع مراعاة ذوي الدخل المحدود بأن لا ترتب عليهم أعباء إضافية”.
وأضاف: “في ما يتعلق بالمتقاعدين، أكّد خليل انه اذا شعر أي متقاعد بأنه خسران ليرة واحدة مما يستحق، فهو مسؤول عن معالجة تصحيح هذا الوضع، في ما يتعلق بالضريبة المقطوعة والتي هي مدار جدل في البلد تم التطرق لها من معظم الحاضرين اليوم، المشكلة ليست مع وزارة المال لأنه من السهل أن ترمي الناس الأمر على وزارة المال وعلى وزير المال”.
وأردف: “هناك قانون قائم تم التأكيد عليه منذ سنة 2000 ومن ثم سنة 2017 ووزارة المال ملزمة به علمًا أن وزارة المال رفعت إلى مجلس الوزراء في سنة 2014، 2015،2016 و2017 طلب تأجيل واليوم إذا يناقش أمر التأجيل وأنا أعلم أن الوضع الاقتصادي والمالي، سأكون منحازًا إلى عملية التأجيل لكن خذا الأمر يتطلب وجود قرار من مجلس الوزراء أو استثنائيًا من رئيس الجمهورية أو رئيس مجلس الوزراء والوزارات المعنية لكي يتحمل الجميع مسؤولياتهم في هذا المجال”.
س: موضوع الأمراض المستعصية؟
ج: هناك موازنة لوزارة الصحة وهي مدفوعة بالكامل. هناك إنفاق إضافي وهذا الإنفاق لا تقرره وزارة المال إنما يقرّر إما في مجلس النواب أو بسلفة تعطى في مجلس الوزراء.
ليس لوزارة الصحة أي فاتورة عالقة في وزارة المال فيما يتعلق بجميع الأمراض . الإنفاق الإضافي له آليات.
س: عن اعتمادات الفيول لباخرة إسراء
ج: قرأت بعض التغريدات بالأمس بشأن باخرة الذوق وأن هناك اعتمادات فيول متوقفة. أنا أتحدى أن يكون هناك أي طلب لتأمين فيول أو فتح اعتماد متوقف. ليخرج مسؤول ويقول لي أن هناك اعتمادًا متوقفًا في وزارة المال. أنا أنفي هذا الأمر والمسؤول هم المعنيون بتأمين هذه الباخرة وتغذيتها يجب عليهم أن يجاوبوا على هذا السؤال. نحن نعمل في إطار القانون وهناك موافقة حصلت ولما عبرّنا عن رفضنا أو قبولنا، عبرنا عنه في السياسة لكن في ما يتعلق بوزارة المال، فإننا تحت سقف القانون.
س: المواطن اللبناني من يصدق، تقرير الـ “Economist” أو “Standard & Poors”
ج: المواطن اللبناني يجب أن يقرأ الوقائع.
المقالان لا يتعارضان أبدًا، ولا أحد ينكر أن هناك أزمة اقتصادية حقيقية في البلد.
ونحن أمام واقع مأزوم على المستوى الاقتصادي الذي يتطلب إجراءات. نحن لا نخفي هذه الأزمة ولكن هل هذه الأزمة ستدفعنا حتمًا إلى السقوط؟ أنا أقول، بالتزام سياسي قوي وبإرادة سياسية وبتعاون بين جميع القطاعات، نستطيع أن نتجاوز هذه الأزمة.
بدوره قال رئيس المجلس الاقتصادي والاجتماعي شارل عربيد: “التقينا اليوم مع وزير المال في جلسة طويلة تطرقنا إلى كل الأمور. قام الوزير بعرض Panorama عن الواقع. يجب أن نصارح اللبنانيين، فالوضع صعب ولكن ليس ميؤوس منه. وتطرّقنا إلى أمور أساسية لها علاقة بالشق الاجتماعي وبشرنا الوزير إلى أن قروض الإسكان لها حل ، كما تكلمنا عن الضريبة المقطوعة على الفروع في المؤسسات ووعدنا الوزير بأن يلاقي حلًا سريعًا لها”.
وأضاف: “المواضيع كثيرة لكن يمكننا أن نؤكد أن معاليه ونحن نحمل الهم الاقتصادي والاجتماعي والمالي. مطلوب من الشعب اللبناني أن يتحمل الوضع ولكن لهذا الشعب أيضًا الحق أن يقول للمسؤولين أن الوقت يسبقنا وأننا لا نستطيع أن نستمر في هذا الواقع ونتمنى أن تتشكل الحكومة في أسرع وقت للإنتاج ولدفع عجلة الاقتصاد ونقوم بالإصلاحات”.