البواخر من أمامكم والتقنين من ورائكم

البواخر من أمامكم والتقنين من ورائكم

نظّمت الشركة التركية جولة إعلامية على متن الباخرتين الراسيتين على شاطّئ بحر الزوق شاركت فيها معظم وسائل الإعلام شرح خلالها مسؤولوها وطاقمها طريقة عمل البواخر وطمأن إلى أنها لا تلوّث مياه البحر الملوّثة أصلاً دون ذكر مخاطر التلوّث الأخرى، لتنتهي الجولة بانطباع أن علاقة تكاملية تربط لبنان بالبواخر التي يفترض أن تشكّل الطاقة البديلة والموقتة التي يحتاجها بانتظار الحل الدائم والشامل.

هذا الحل منطقي جداً لو أن لبنان يبادر في المقابل إلى تسريع أو حتى المباشرة بالبدء ببناء معامل إنتاج أرضية تستوفي الشروط وتتبع القواعد الصحيحة والبيئية الأقل ضرراً لإنتاج طاقة تعفي الشعب اللبناني من دفع فاتورتين ترهقان كاهله وترفع العجز عن مؤسسة كهرباء لبنان الذي بلغ حتى اليوم مستويات شكّلت العبء الأكبر على خزينة الدولة والدين العام.

ما كادت أن تنتهي الجولة البحرية حتى سرت الأخبار عن تقنين قاسي موعود في الشهر القادم، هذا الخبر إنتشر كالنار في الهشيم ليهشّم الجولة السياحية على متن الباخرتين وينقضها من أساسها شكلاً ومضموناً والغاية الترويجية منها، وأثار مخاوف اللبنانيين من أن يكون الهدف من الجولة هو الضغط على القوى السياسية اللبنانية الرافضة لمبدأ إستقدام البواخر أو أي وسيلة أخرى لتأمين الطاقة لا تتمتع بالشفافية ولا تخضع للمنافسة.

هذا الأسلوب البدائي في الترويج الإعلامي والإعلاني حصد نتائج عكسية وبدل أن يكون وسيلة إقناع، رفع منسوب الشكّ لدى اللبنانيين ليقترب من درجة اليقين حول الأسباب والأهداف الكامنة في عتمة الحلول الموقتة لأزمة مزمنة لا يزيدها مرور الوقت إلا سوءاً وظلمة وظلاماً، خاصة وأن اللبنانيين على قناعة بأن الحلّ المستدام متوفّر ولا يحتاج سوى إلى أن يتولّى الأمر من يمتلكون الرغبة لإيجاده، عوض وضع اللبنانيين أمام خيار السيء والأسوأ.

 

تصوير نبيل اسماعيل

اشترك فى النشرة البريدية لتحصل على اهم الاخبار بمجرد نشرها

تابعنا على مواقع التواصل الاجتماعى