تحت عنوان "لبنان "الطائف" على شبر ماء" كتب عزت صافي في "الحياة" اليوم "كان هناك، وما زال، كلام يتوجه إلى وزير الخارجية من مختلف الجهات والمقامات الشعبية والسياسية خلاصته: يا سعادة الوزير: اعتذر، أو اعتزل. وما حدث، حتى الآن، ليس سهلاً. إنه إنذار بشرخ كبير وخطير في الوضع السياسي اللبناني المتأزم، والتوقعات مبنية على حسابات ومخاوف تتداعى من الماضي البعيد، لكن الحدث يبقى جرس إنذار لمن يجازف بإثارة زوابع طائفية ومذهبية. وثمّة تساؤلات كثيرة ترددت في الأيام الأخيرة بعد لغم "الفيديو" الذي إنفجر في خطاب الوزير، ومنها: لماذا لم يحسم الرئيس عون المشكلة بفرض واجب الاعتذار على الوزير المخالف؟... لكن كرة الأزمة تدحرجت سريعاً واتخذت أبعاداً أخرى، وبدأت الانعكاسات السلبية في الشارع، لكنها ما زالت مضبوطة إلى حد أما على الصعيد السياسي، إذ خرجت إلى العلن علامات التحذير من المس بميثاق الطائف، دستور لبنان، وغلاف الجمهورية، على ما فيه من إنتقاص من حقوق طوائف قليلة العدد نسبياً. تلك الطوائف كانت قد رضيت من خلال قادتها وممثليها الذين شاركوا في المؤتمر شبه الدولي الذي عقد في مدينة "الطائف" السعودية في العقد الأخير من القرن الماضي، بما كتب لها من حقوق تتوقف عند حدود مناصب رئاسية، وتتدنى لتنحصر في وزارات خدماتية وإنمائية وتربوية. ويتذكر بعض النواب الذين شاركوا في ذلك المؤتمر كيف وقف أحــدهم (وكان ممثـــلاً طائـــفة لبنانية قليلة العدد نسبياً) وخاطب المؤتمرين قائلاً: أيها السادة، أنا لا أطالب برئاسة جمهورية لبنان، ولا برئاسة مجلسه النيابي، ولا برئاسة حكومته، حتى ولا بوزارة الخارجية، أو وزارة المال، لكني أقول لكم إن مرافقي في لبنان يحمل الجنسية الأميركية مع جنســـيته اللــبنانية. هذا المرافق، أيها السادة، يحق له أن يترشح لرئاسة الولايات المتحدة الأميركية، وأنا المنتخَب من الشعب اللبناني لا يحق لي أن أتجاوز حدودي المذهبية في دولة بلادي! ومع ذلك فإنّ نواب الطوائف اللبنانية الصغيرة نسبياً، هم أشدّ الحريصين على ميثاق الطائف.