بكثير من الوقاحة أطلّ رئيس التيار الوطني الحرّ وتكتل لبنان القوي وصهر العهد، الوزير السابق النائب جبران باسيل، على اللبنانيين معلناً أسماء مرشحّيه الواحد والعشرين في انتخابات 15 أيار 2022.
جبران باسيل يبقى جبران باسيل، وكما سائر الزعماء السياسيين في لبنان لا يعلن عن مشروع انتخابي ولا عن خطوط للمواجهة، بل يكتفي بالتصويب على خصومه السياسيين ومنافسيه في الدوائر الانتخابية، بدلاً من أن يتحدث عن إنجازاته يهاجم أخصامه المتفرّقين في الطائفة وفي مجلس النواب والحكومة وعلى المستوى الوطني، وهم أنفسهم حلفاؤه أيضاً، هاجم القوات اللبنانية من دون شكّ، وحركة أمل وتيار المستقبل وكل من تيسّر أمامه من قوى وأحزاب، هو شريك معها في السلطة والنهب والفساد والتحاصص، ولم يترك أياً من هذه الأحزاب أساساً إلا وبنى معها التحالفات والتفاهمات.
تفاهم باسيل مع حزب الله جعل من الرئيس ميشال عون خطاً أحمر، تحالفه مع القوات اللبنانية، أعطاه البركة المسيحية لفرض مرشح رئاسي، تفاهمه مع تيار المستقبل تمّم الخطوة وحظي عون بالأكثرية النيابية، والتنسيق والتواصل مع حركة أمل والرئيس نبيه بري سمح بإطلاق الحكومات والمشاريع، أما النائب وليد جنبلاط فهو الذي اعترف من تلقاء نفسه أنّ الغلطة الكبرى كانت بابتداعه عبارة "العهد القوي" كشريك في جرم انتخاب رئيس للجمهورية عام 2016.
جبران باسيل، حليف الكل وخصمهم، هو خلاصة زيوت عبارة "كلن يعني كلن" لكونه اللاعب الذي يشرف على كل القواعد فيكسرها حين يشاء ويضعها حين تحتّم مصلحته ذلك. هو ملك "الهيلاهو"، سيّدها، وهذا الوصف سيلاحقه في كل محطة سياسية سيسلكها. أطلق باسيل اليوم عبارة "حرباية" على خصومه على اعتبار أنهم متلوّنون ويسيرون مع التيار الذي يغلب. جبران باسيل ملك المتلوّنين، يطلّ في مقابلة مع تلفزيون أميركي فيؤكد على حق إسرائيل بحماية نفسها وأن تنعم بالأمن، تفرض مصلحته إعلاء الخطاب الداعم لحزب الله، فينصّب نفسه مقاوماً أولاً ويرفع شارة النصر ويحتفي بقذيفة فارغة مهداة له عربون وفاء وتقدير لمساندته "المقاومة". بإمكانه اعتبار بري شريكاً أساسياً في مكافحة الفساد ليعود ويصفه بـ"البلطجي" حين يعارض برّي تمرير معمل سلعاتا، يؤكد على الشراكة مع وليد جنبلاط ويعود لينقلب عليه عندما يرفض الأخير التوقيع على مشروع سدّ بسري، أما علاقة جبران باسيل بالقوات اللبنانية ففي مصاف آخر، يوم رفع مع سمير جعجع والنائب ستريدا جعجع وسائر القواتيين نخب شعار "اوعى خيّك" في معراب، بدأ جلده يحكّه. الحرباية التي تحكمه وتعيش فيه وتتحكّم به انتفضت وستظلّ تنتفض عند كل محطة سياسية ليبدّل جلده وموقفه ويمضي في الخيار المناسب لضمان مصلحته.
جبران باسيل يريد الوصول إلى الرئاسة، وهذا طموحه الأول والأخير، وهذا ما يعمل عليه منذ عقد من الزمن. فالحرباء، تظنّ نفسها أحياناً ديناصوراً قادراً على هتك الأرض ومن فيها، بينما هي في الخلاصة من الزواحف، تزحف وتتلوّن لتحمي نفسها أو لتنقض على الحشرات.