جاء في “المركزية”:
بين ألغام الخيبات التي تلقفها الناخب في دائرة بعلبك-الهرمل على مدى أربعة أعوام نتيجة تقاعس نواب”الحزب” الذين صوت لهم بكل ثقة من جهة، وانحباس حرارة الحماسة في الإقبال على صناديق الإقتراع ، تنطلق معركة انتخابات 2022 في دائرة البقاع الثالثة التي من المرجح أن تقلب الأوراق وتغير معادلات متوارثة.
82 مرشحا يتنافسون على 10 مقاعد موزعين على الشكل التالي: 6 شيعة، ماروني 1، وكاثوليكي 1، و 2 سنة وسط ظروف إنتخابية تختلف عن الإستحقاق الماضي. نبدأ بانحباس حماسة الصوت الشيعي. فتحت شعار “باقون نحمي ونبني” يخوض “حزب الله” معركته “الضارية” للإنتخابات المقبلة. لكن كثيرين من ناخبي محافظة بعلبك الهرمل لا يعنيهم من الشعار سوى كلمته الأولى. وهذا يؤشر إلى إمكانية خسارته مقعدا شيعيا في دائرة البقاع الثالثة مما يعني انتكاسة وضربة مباشرة قد لا يتحرر منها في دورة انتخابات 2026. واللافت أن الثنائي الشيعي أعاد ترشيح نفس النواب ضاربا عرض الحائط رغبة ومطالب قاعدته الشعبية لتفادي الدخول في إشكالية اختيار مرشحين من العشائر التي وضعت فيتو مع العائلات ضد النواب الحاليين. فهل يكون يوم 15 أيار موعد الإستحقاق الإنتخابي لمحاسبة شيعة بعلبك نواب الأمس ومرشحي المستقبل ؟
مصادر مطلعة على أجواء المعركة الإنتخابية في بعلبك الهرمل تشير عبر “المركزية” إلى أن الأرض بدأت تهتز تحت أقدام حزب الله في هذه الدائرة ولم يعد يملك القوة ولا القبضة الحديدية.و يتطلع الحزب إلى توزيع الأصوات التفضيلية على 8 مرشحين، 6 شيعة وماروني للقومي هو عقيد حدشيتي بعد انسحاب حنا جعجع، وكاثوليكي للتيار لتأمين الحاصل الإنتخابي كما في انتخابات 2018. إلا أن أجواء النقمة والإنزعاج داخل بيوتات العشائر والعائلات تشير إلى تدني حاصل الحزب من 8 إلى 6.وهذا ما يفسر الحركة المكوكية داخل ماكينات الحزب الإنتخابية بحيث تنشط على توزيع المساعدات على الأهالي والعائلات وتكثف من زياراتها اليومية كما تسعى لتغطية “زلات” نواب الحزب الباقين في مواقعهم كما في مهامهم الحياتية المتمحورة حول تقديم واجبات العزاء في المآتم، والتهاني في المناسبات السعيدة.
الصوت السني الذي دخل دوامة البلبة والضياع بعد إعلان رئيس تيار المستقبل سعد الحريري عزوفه عن الإنتخابات إقتراعا وترشيحا ينعكس على حواصل حلفاء الأمس. وفي حين صوّت حوالى 21 الف مقترع سني لمرشح القوات اللبنانية أنطوان حبشي في انتخابات 2018 وحصد 14858 صوتا، إلا أن سمة التحالف بين القوات والسنة معدومة هذه الدورة. أما الصوت الشيعي الحر المعارض لنهج حزب الله فسيذهب للمرشح على لائحة القوات الشيخ عباس جوهري بعدما نالت اللائحة في الانتخابات الماضية 7000 صوتا للمرشح يحيى شمص.
مسيحيا يبرز إسم المرشح المستقل مع تحالف قوى الثورة والعائلات غير المرتبطة بالأحزاب عن المقعد الكاثوليكي رئيس مجلس الإدارة والمدير العام السابق في تلفزيون لبنان طلال المقدسي الذي يحظى بقاعدة شعبية كونه تمرس في العمل الإنمائي على مدى 20 عاما من دون أن يتعاطى في السياسة إضافة إلى حظوظه المرتفعة داخل الطائفة المارونية كون والدته مارونية وتتحدر من منطقة دير الأحمر ووالده كاثوليكي من بعلبك. وفي ظل الحرمان الإنمائي والزراعي الذي تعانيه منطقة بعلبك وغياب أدنى مقومات البقاء والتجذر فيها يؤسس المقدسي لمشروع البقاء والحياة في منطقة لا يتوافر فيها حتى اليوم صرحا للجامعة اللبنانية!. إهمال أم تهميش متعمد؟ لعل الفرضية الثانية هي الأصح كونها ترسخ مفهوم التبعية والإستزلام ، وهذا هو المطلوب ربما في انتظار التغيير الموعود.
بالتوازي لا يشكل الخيار المسيحي ثقلاً في مشهد السباق الإنتخابي في دائرة بعلبك-الهرمل كونه يتمثل بنائبين ماروني وكاثوليكي. و يتركز الثقل الماروني على مرشح القوات النائب حبشي وعن المقعد الكاثوليكي مدعوما من القوات المرشح المستقل إيلي البيطار من بلدة القاع. وعلى رغم القدرة التجييرية للنائب أنطوان حبشي بنحو 15 الف صوت، الا انه يجاهد في “البحر الشيعي” لتشكيل لائحة تحظى برضى عشائري، واستمالة بعض السنة، خاصة بعد فقدانه المرشح الشيعي القوي، والجناح الشرعي السني الذي كان متمثلا بالرئيس سعد الحريري، والذي استحوذ الحزب على جزء منه.
والمفارقة أن مرشح التيار عن المقعد الكاثوليكي بسام التوم (غير محسوم حتى اللحظة) من البلدة نفسها. وقد طرح التيار إسمه بعدما رفضت الكنيسة ترشح كاهن رعية القاع عن المقعد الكاثوليكي في الدائرة، الأب اليان نصرالله.
7 لوائح تتنافس على 10 مقاعد وتثبت هذه الوفرة عدم وجود ائتلاف المجتمع المدني، في حين تؤكد المصادر أنه في حال التأم شمل مجموعات الثورة والمجتمع المدني فمن شأن ذلك وصول 4 نواب إلى المجلس. وترجح المصادر انخفاض نسبة الإقتراع في انتخابات 2022 لأسباب تتعلق بالوضع الإقتصادي وصعوبة وصول المقترعين بسبب ارتفاع أسعار المحروقات لكن ثمة احتمال بأن يخرق مقترعو حزب الله والقوات القاعدة بسبب تميز الحزبين بحسن التنظيم والقدرات المالية!.
المستفيد الوحيد من مقاطعة السنة هو حزب الله والمجتمع المدني اللذين سيحظيان بأصوات السنة الذين سيتمردون على قرار الحريري على عكس حال القوات الذين سيخسرون أصوات السنة .وقد يرسو اختيار حزب الله على كل من ينال صلح من مدينة بعلبك وملحم الحجيري من بلدة عرسال بعد فشل التحالف مع الأحباش.
لا تقلل المصادر من احتمال عدم إختراق العشائر والمستقلين في هذه الدورة ،إلا أن الإيجابية التي تُسجل أولا فك ارتباط العشائر والعائلات بحزب الله وفتح باب الأمل بالتغيير في المستقبل من خلال نسبة الإقتراع.فهل يبدأ التغيير من دائرة البقاع الثالثة على خطى العشائر والعائلات والمستقلين؟