جاء في “المركزية”:
رَمَت الحكومة الميقاتية “قنبلة خطة التعافي” في وجه المودِعين والمصارف، ومَضَت… تاركة وراءها تخبّطاً ما بعده تخبّط على وقع انهيار مالي واقتصادي ومعيشي غير مسبوق في تاريخ البلاد التي لم تنهض بعد من مفاعيل “بركان” حكومة الرئيس حسّان دياب بإعلانها تعثّر الدولة عن سداد ديونها، ما أدّى إلى ما نحن عليه من انهيار وانعدام الثقة الدولية بلبنان، فيما روسيا، ومن باب المفارَقة، أعلنت استعدادها تسديد سندات الـ”يوروبوند” بالكامل كي تحافظ على ثقة الدول المُقرِضة بها، علماً أنها خاضعة حالياً لأشدّ العقوبات الاقتصادية.
… بعد مرور استحقاق 15 أيار بسلام وأصبحت الانتخابات النيابية وراءنا، تتوجّه الأنظار اليوم إلى جمعية مصارف لبنان التي سبق أن لوّحت بخطوات تصعيديّة ستُقدِم عليها اعتباراً من 16 الجاري، يتقدّمها رفع دعوى ضدّ الدولة اللبنانية لتحميلها كامل الخسائر للمودِعين والمصارف من دون أن تتحمّل أي مسؤولية من جهتها… وما زاد الطين بلّة، إقرار مجلس الوزراء في جلسته الأخيرة خطة التعافي الاقتصادي من دون الأخذ بملاحظات الجمعية.
لكن الاستحقاقات الدستورية المرتقبة، يبدو أنها فَرمَلَت زخم المصارف في تقديم الدعوى المشار إليها، ودفعتها إلى انتظار انتخاب رئيس لمجلس النواب وهيئة مكتبه وتكليف رئيس للحكومة العتيدة وتشكيلها، كي لا تكون الدعوى مجرّد خطوة في الهواء لا تصيب الهدف في ظل حكومة تصريف أعمال ومجلس غير ملتئم، وفق ما كشف مصدر مصرفي لـ”المركزية”، كما أن جمعية المصارف “على موعد مع جولة جديدة من اللقاءات والمفاوضات مع المجلس الجديد بِوجوهِه الجديدة، ومع الحكومة العتيدة، سعياً إلى إيجاد حلول أخرى مغايرة للتي خرجت بها الحكومة الحالية، كما أنها ستتواصل مع كامل أعضاء مجلس النواب لتبيان خطورة الوضع القائم”.
لكن فكرة الدعوى لا تزال قائمة كمبدأ قانوني، وهي قيد الدرس… إذ لا يمكنها أن تُشرعِن النأي بنفسها عن تحمّل جزء كبير من الخسائر وتصويب المسؤولية الكاملة في اتجاه القطاع المصرفي والمودِعين!
فالدولة في قرارها هذا تضرب الملكية الخاصة وهذه مخالفة فادحة للدستور… يقول المصدر، “تماماً في ما إذا استملكت أي عقار خاص من دون تسديد المبلغ المتوجّب عليها لصاحب العقار كونه يُصَنَّف ملكية خاصة، في حين أنه يمكنها التعويض عليه لفترة 5 أو 10 سنوات… انطلاقاً من هذا المبدأ القانوني فالدولة لا يمكنها السطو على أموال الناس والمصارف على السواء، وأن تغفل تحمّل أي مسؤولية! فما تقوم به اليوم يخالف القواعد الدستورية”.
وعن سبب استثناء مصرف لبنان من الدعوى، يقول “أولاً، البنك المركزي لم يرفض يوماً إعطاء المصارف أموال احتياطيها لديه، لكن الدولة تمنعه من ذلك لسبب وحيد أنها ترفض أن تردّ الأموال التي اقترضتها من مصرف لبنان… ثانياً، البنك المركزي ليس متعثراً أما الدولة فمُتعثِرة”.
ومن باب التشديد يجدر التكرار أن أخذ أموال المصارف والمودِعين ضربٌ فاضح للدستور، فكيف تعتبر الدولة أن بأخذ أموال الناس يتم إنقاذ البلاد وإعادة الثقة بالقطاع المصرفي؟! وإذا تمت رسملة المصارف بالدولار الـFresh فذلك لتسديد أموال صِغار المودِعين على مدى 15 عاماً! فهل من عاقِل يفكّر بهذه الطريقة؟!
إذاً المصارف على موعد مع جولة جديدة من اللقاءات والمفاوضات مع المجلس الجديد بِوجوهه الجديدة، ومع الحكومة العتيدة ومجلس النواب الجديد… وهنا يُثار السؤال حول جدوى المفاوضات إذا تم إعادة انتخاب الرئيس نبيه برّي في سدّة البرلمان، وتم تكليف الرئيس نجيب ميقاتي مجدداً برئاسة الحكومة؟! لننتظر ما ستحمله قابل الأيام… علّه يصحّ القول “الصبر مفتاح الفَرَج”.