بعد الإنجيل المقدس، إلقى المطران الجميل عظة من وحي المناسبة وقال: "احيّيكم جميعا، ويسرني أن أحتفل معكم، هذه السنة، بعيد ميلاد الرب يسوع على أرض البشر. وكم كنت أود أن يكون بلدنا والعالم بأسره ينعمون بالسلام الذي أعلنه الملائكة عند ميلاد المخلص.ِّ كلنا انتظرنا، بفارغ الصبر، السلام والفرح والعدالة مع حلول العيد. ما معنى العيد؟ الميلاد هو سرّ لقاء الله بالإنسان! إلهنا معنا. عمَّانوئيل.
قبل الميلاد، كانت القوّة حقا. بعد الميلاد صار الحق قوّة. قبل الميلاد، كان الفقر عارا، والمال سيِّدا، والاتِّضاع منبوذا. بعد الميلاد، صار الفقر فخرا، والمال خادما، والاتِّضاع مكرَّما. قبل الميلاد، كان الألم شرّا، بعد الميلاد صار نعمة. إذا كان الميلاد غيَّر وجه الكون، نحن كيف نقدر أن نساهم بتغيير العالم؟ على المستوى الشخصي، المفروض أن نتجدَّد بعلاقتنا مع الربّ.
كذلك على المستوى الجماعي والكنسي. أرى مواقف وعلامات إيجابيَّة عديدة لدى شعبنا ولدى الشعب الفرنسي: مبادرات تضامنيَّة رائعة للمساعدة ولتخفيف أوجاع الآخرين وسدّ حاجاتهم. بغض النظر عن الدين وسائر الاختلافات. كلّ ذلك ما هو إلاَّ علامات ميلاديَّة في حياتنا. لا ميلاد بدون حقيقة، وحريّة وعدل وتضامن.
انتظارنا للميلاد لا ينتهي. وهو غير مقيَّد بزمن. إذا كان عنَّدنا خوف من المستقبل، فهذا الخوف مبرَّر وطبيعي. ولكن يقابله الإيمان والثقة بالرب. مثل ثقة مريم العذراء، ويوسف، وكلّ الخيِّرين. المهمّ أن نتعوَّد على العمل معًا، حول مشروع، ونطلع من فرديّتنا القاتلة. الفرديَّة تحمل بذور موت، وتصبح حالتنا تعيسة. إنَّما تضامننا مع بعضنا البعض يبشِّر بالخير، ويحمل باب خلاص ونجاح واستمراريَّة.
سأختم هذا التأمُّل بالحوار بين العصفورين وقصَّة نفنافة التلج: عصفور يسأل زميله: كم تزن نفنافة التلج؟؟؟ - الجواب: لا شيء! لا ميزان لها. وهنا القصة: غاطط على غصن، بدأ الثلج بالتساقط. بدأت أحصي النفنافات.... انكسر الغصن عند الحبة 3 ملايين وسبع مئة وخمس. وهو طار العصفور. يمكن يتوقَّف على شخص واحد حتى يحرِّك العالم ويصلحه، يمكن هو كل واحد منَّا".