عقوبات دولية تطرح في الكواليس.. فهل سيُعاقب المعرقلون؟

عقوبات دولية تطرح في الكواليس.. فهل سيُعاقب المعرقلون؟
عقوبات دولية تطرح في الكواليس.. فهل سيُعاقب المعرقلون؟
عادت قضية العقوبات لتُطرح في الكواليس السياسية الدولية، ولكن هذه المرة من باب التعطيل الذي يصيب المؤسسات اللبنانية، حيث بعثت لجنةُ العلاقات الخارجية في مجلس الشيوخ الأميركي برسالة إلى وزيرِ الخارجية أنطوني بلينكين ووزيرة الخزانة جانيت يلين، تدعو إلى مساءلة أولئك الذين يقوّضون المؤسسات وسيادة القانون في لبنان، بما في ذلك فرض العقوبات. وقد حثّت اللجنةُ إدارةَ بايدن على إبداءِ الدعم القوي لسيادةِ لبنان وللمؤسسات وسيادة القانون بالتعاون مع الحلفاء الأوروبيين، واتهم رئيسُ اللجنةِ، حزبَ الله وآخرين على الساحة السياسية اللبنانية، بالفشل في إعطاء الأولوية لاحتياجات الشعب اللبناني بدلاً من مصالحهم الضيقة، كما حثّت لجنةُ العلاقات الخارجية بمجلس الشيوخ الأميركي الإدارةَ الأميركية، على استخدام كلّ الوسائل بما فيها التهديدُ بالعقوبات لدفعِ المشرّعين اللبنانيين لانتخاب رئيسٍ جديد وتشكيل حكومة بأسرع ما يمكن، بحسب ما نشر عبر وسائل الإعلام.


سام منسى: واشنطن لن تنجرّ إلى إشكال مع حزب الله
وفي هذا السياق، أشار الكاتب والمحلل السياسي سام منسى، الى أن "هذا الحديث قديم ولن يحدث، خصوصاً وأن الإدارة الأميركية والدول الاوروبية، عاجزون حتى الآن عن فرض العقوبات،كما ان العقوبات التي تُوضع، تخضع لآليات وشروط محددة، مشدداً على أن أي عقوبات على حزب الله لن تكون جديدة.
واذ اعتبر في حديث عبر "لبنان 24" أن الحديث عن العقوبات قد يكون صادراً عن أوساط مقرّبة من اللبنانيين في أميركا تطالب الخارجية بوضع عقوبات، دعا إلى التأكد من صحة وجود عقوبات في الإدارة الأميركية، عبر انتظار أي موقف رسمي قد يصدر عن الإدارة الأميركية أو الخارجية، مشدداً على أن "هذا الأمر لن يحصل لأنه غير واقعي، لا سيًما وأن الإدارة الأميركية لديها العديد من الأمور الأخرى المنهمكة فيها بدءاً من الحكومة الإسرائيلية وصولاً إلى ما يجري في روسيا والصين".
وفي هذا الإطار، لفت منسى إلى أن الإدارة الأميركية "غير معنية على الإطلاق بمن يصل إلى سدة الرئاسة الأولى، وهذا مبنيّ على تجارب في هذا المجال، فإذا تمّ التوصل إلى انتخاب سليمان فرنجية، بضغوطات من حزب الله، فإن واشنطن ستكون أول المهنئين"، مشدداً على أن واشنطن، "لن تسعى إلى فرط الإتفاق الذي بذلت جهداً كبيراً لإنجاحه، أي اتفاق ترسيم الحدود، والذي تمكنت من خلاله من ضمان أمن اسرائيل، من خلال فرض عقوبات على الحزب، أو حتى للإنجرار إلى أزمة معه قد تطيح بموضوع الحدود".
ورداً على سؤال عن العقوبات الأميركية على شخصيات خارج القيادات الحزبية لحزب الله، لفت منسى، إلى أن "العقوبات التي فُرضت على بعض القيادات اللبنانية، تأتي نتىيجة ارتباط هذه الشخصيات بالعلاقة بحزب الله، وإن أتت تحت مسمّى محاربة الفساد".

بول مرقص: عقوبات تحت قانون ماغنيتسكي
من الناحية القانونية، قسّم رئيس "منظمة جوستيسيا للإنماء وحقوق الإنسان" المحامي الدكتور بول مرقص ل"لبنان 24"العقوبات إلى قسمين:

القسم الاول هي العقوبات الأوروبية والتي قد يطبقها الإتحاد الأوروبي لتنفيذ قرارات مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة أو لتعزيز أهداف السياسة الخارجية والأمنية المشتركة، كدعم الديموقراطية وسيادة القانون وحقوق الانسان والدفاع عن مبادئ القانون الدولي.
وأشار الدكتور مرقص إلى أن الإتحاد الأوروبي يعمل على توجيه عقوباته بعناية وتصميم بطريقة تتناسب مع الأهداف التي يسعى إلى تحقيقها، فهي تستهدف المسؤولين عن السياسات أو الإجراءات التي يريد الإتحاد الأوروبي التأثير فيها.
ولفت مرقص في هذا الإطار، إلى وجود مجموعة واسعة من الإجراءات التقييدية المحتملة، التي يمكن أن يفرضها الإتحاد الأوروبي، والتي تتوزّع بين عقوبات ديبلوماسية كقطع العلاقات الديبلوماسية وتعليق الزيارات الرسمية، أو عقوبات تجارية عامة أو قيود الدخول كمنع السفر، وعقوبات مالية كتجميد الأموال وحظر المعاملات المالية، وغيرها أيضاً.
واعتبر أن فرض العقوبات يندرج ضمن مجال السياسة الخارجية والأمنية المشتركة في الإتحاد الأوروبي، ويستند إلى المادتين 30 و31 من معاهدة الإتحاد الأوروبي، وحقّ القيام بالمبادرات من اختصاص أي دولة عضو وللممثل الأعلى للإتحاد للشؤون الخارجية وشؤون السياسة الأمنية، والتي يمكنها العمل أيضاً بدعم من المفوضية الأوروبية، مشيراً إلى أنه بعد تقديم اقتراح فرض العقوبات، تتمّ مناقشته بدايةً بعبارات عامة في مجلس الشؤون الخارجية، ثم يناقش بمزيد من التفصيل من قبل اللجنة السياسية والأمنية، وبعد ذلك يقدم إلى فريق عمل المجلس المسؤول عن المنطقة الجغرافية التي ينتمي إليها البلد المستهدف، لفحص ومناقشة الإجراءات المقترحة (في حالة لبنان: فريق عمل المشرق العربي) وأخيراً، يتفاوض مندوبو الدول الأعضاء في المجلس ويقرّرون بالإجماع من سيتمّ إدراجه.
وتابع مرقص: "يجوز لأي عضو في المجلس أن يحدّ من امتناعه عن التصويت بإصدار إعلان رسمي. في هذه الحالة، لن تكون الدولة الممتنعة عن التصويت ملزمة بتطبيق القرار، ولكنّها تقبل أنّ القرار يلزم الإتحاد. بالإضافة إلى أنّها يجب أن تمتنع عن القيام بأي عمل من المحتمل أن يتعارض مع أو يعوّق عمل الإتحاد بناءً على هذا القرار وتحترم الدول الأعضاء الأخرى موقفها. إذا كان أعضاء المجلس المؤهّلين لامتناعهم عن التصويت بهذه الطريقة يمثّلون ما يقلّ عن ثلث الدول الأعضاء التي تشكّل ثلث سكان الإتحاد على الأقل، فلن يتم اعتماد القرار."
وعن سوابق للعقوبات الأوروبية شبيهة بالتي ستُفرض على مسؤولين لبنانيين، أشار مرقص إلى أنه في 1 تشرين الأول 2015، فرض الإتحاد الأوروبي إجراءات تقييدية هادفة ضدّ أولئك الذين يقوّضون الديموقراطية أو يعرقلون البحث عن حلّ سياسي في بوروندي، وفي 31 كانون الثاني 2011، قرّر مجلس الإتحاد الأوروبي اتخاذ إجراءات تقييدية ضدّ المسؤولين عن اختلاس أموال الدولة التونسية. والهدف من هذه الإجراءات كان استرداد الأصول المختلسة من تونس.

وتابع مرقص: أمّا بشأن العقوبات الأميركية، فأن القانون الذي يمكن للولايات المتحدة أن تفرض بموجبه عقوبات على الدّول الأُخرى بسبب انتهاكها لحقوق الإنسان ومنها الحقوق السياسية للشعوب، هو قانون ماغنيتسكي، وهو كان قُدّم من قبل الحزبين الديمقراطي والجمهوري في الكونغرس الأميركي وينصّ على معاقبة الشخصيات الروسية ولكن هذا القانون لم يبق ساريًا على روسيا فحسب، لافتاً إلى أنه في العام ٢٠١٦ تمّ تفعيل القانون على مستوى كلّ دول العالم ممّا خوّل الحكومة الأميركية فرض عقوبات على منتهكي حقوق الإنسان عالمياً من خلال تجميد أصولهم وحظر دخولهم إلى الولايات المتحدة الأميركية، وبات يجيز للحكومة الأميركية أيضًا فرض عقوبات على المسؤولين الحكوميين الأجانب المتورطين في انتهاكات حقوق الإنسان في أي مكان في العالم.
أمّا في ما يتعلق بفرض عقوبات أميركية على مسؤولين بسبب خرقهم للديمقراطية وحق الإنتخاب، فيؤكد مرقص أنه ليس هناك عملياً أية حالة تطبيقية في ما خصّ هذا الأمر تحديداً، "إلاّ أن الديمقراطية وحق الإنتخاب هم من الحقوق المقدسة في الإعلان العالمي لحقوق الإنسان وقد نصت المادة /21/ من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان على ما يلي:
_"١- لكلِّ شخص حقُّ المشاركة في إدارة الشؤون العامة لبلده، إمَّا مباشرةً وإمَّا بواسطة ممثِّلين يُختارون في حرِّية.
- لكلِّ شخص، بالتساوي مع الآخرين، حقُّ تقلُّد الوظائف العامَّة في بلده.
- إرادةُ الشعب هي مناطُ سلطة الحكم، ويجب أن تتجلىَّ هذه الإرادة من خلال انتخابات نزيهة تجرى دورياً بالإقتراع العام وعلى قدم المساواة بين الناخبين وبالتصويت السرِّي أو بإجراء متكافئ من حيث ضمان حرِّية التصويت".
والديمقراطية توفر بيئة سليمة لحماية حقوق الإنسان.
وختم: "لذلك يمكن بموجب قانون ماغنيتسكي إذا ما شهدت خرقا معين للديمقراطية وحق الإنتخاب أن تفرض عقوبات على المسؤولين الذين يرتكبون هذا الفعل ".
وعليه، يبقى الإنتظار سيد الموقف للتأكد ما إذا كانت الإدارة الأميركية والإتحاد الأوروبي، سيعملان على فرض عقوبات على من يعطّل العمل السياسي في البلاد، ويؤخر انتخاب رئيس للجمهورية، تحت عنوان "ضرورة التوافق" ما ينسف فكرة الديمقراطية التي لطالما تغنّى بها لبنان.

اشترك فى النشرة البريدية لتحصل على اهم الاخبار بمجرد نشرها

تابعنا على مواقع التواصل الاجتماعى

التالى بري: “الحكي ببلاش”… والجلسة في موعدها