واضاف في مقابلة مع "الوكالة الوطنية للاعلام: "درّس الكاهن والأسقف راتزينغر الفلسفة واللاهوت في عدد من جامعات المانيا قبل التحاقه بالفاتيكان. صدرت أبحاثه في عدة لغات وتناولت مواضيع أساسية، منها الإيمان والعقل، وتحديث المتوارث في مسائل لاهوتية محورها الله والمحبة والرحمة، علماً أن البابا الراحل حرص على عدم القطع مع التراث الكنسي القديم، وتحديداً فيما يخص القداس اللاتيني والليتورجيا بشكل عام".
وتابع الخازن: "شكّل تنحي البابا بنديكتوس السادس عشر في شباط 2013 خطوة غير مسبوقة في تاريخ الكنيسة منذ نحو 600 عام، علماً انه كان بإمكانه أن يستمر بمهامه على رغم تدهور وضعه الصحي. ولقد تمنى عليه كثر من المقربين منه التريث في قرار التنحي، إلاّ انه اصرّ على الانسحاب بتواضع وخفر. وبحسب بعض عارفيه، شعر وكأنه قام بواجباته وانجز ما خطّه لنفسه، مؤثراً الابتعاد عن الأضواء والضوضاء بقرار مفاجئ لم يكن متوقعاً حتى من أقرب معاونيه، ومنهم الأسقف الألماني المونسنيور Ganswein الذي عرفته شخصياً، وهو الذي لازمه قبل وبعد التنحي الى حين رحيله قبل أيام. الزيارة الأخيرة التي قام بها قبل وفاته بنحو عامين خارج الفاتيكان كانت الى المانيا لوداع شقيقه الكاهن المريض والذي توفي بعد فترة قصيرة. وعلى رغم تراجع قدراته الجسدية في السنوات الأخيرة، إلاّ أنه ظلّ متوقّد الذهن حتى أيامه الأخيرة".
واردف: "صفاء وتواضع، عمق وجدّ، مزايا رافقت حبرية البابا الراحل، وصفها البعض بالتشدّد والبعض الآخر بالالتزام الكامل بمبادئ وقناعات طبعت مسيرته الكهنوتية، منذ بدايتها في مطلع خمسينيات القرن الماضي الى حين تنحيه ومن ثم ملاقاة ربه في اليوم الأخير من العام المنصرم".
وعن علاقة البابا الراحل الفخري مع لبنان، اشار الخازن الى انه "بعد السينودس الكنسي الخاص بلبنان والإرشاد الرسولي الذي نتج عنه والذي أعلنه البابا القديس يوحنا بولس الثاني خلال زيارته لبنان في 1997، جاء الاهتمام بالمحيط الإقليمي الأوسع. ولأجل ذلك أطلق البابا بنديكتوس السادس عشر السينودس الخاص بالشرق الأوسط وتمّ إعلان الإرشاد الرسولي المنبثق عنه خلال زيارته لبنان في 2012. وهي كانت زيارته الخارجية الأخيرة قبل قرار التنحي. سار البابا الراحل على خطى سلفه بشأن لبنان، إلاّ أن ظروف البلاد آنذاك اختلفت عما كانت عليه في زمن البابا يوحنا بولس الثاني سواء خلال سنوات الحرب أو في المرحلة التي تلتها. لا مبالغة في القول إن لبنان كان ولا يزال في صلب اهتمامات الكرسي الرسولي. والبابا فرنسيس يستكمل ما بدأه سلفاه، بل ازداد الاهتمام زخماً بعد ان بلغت أزمات لبنان مستويات غير معهودة لجهة حجمها وتداعياتها. لعل المحطة الأبرز وغير المسبوقة في زمن البابا فرنسيس تجلت بدعوته الى لقاء مسكوني جمع رؤساء الكنائس الكاثوليكية والأرثوذكسية والإنجيلية في لبنان في تموز 2021، ومشاركة البابا شخصياً، محاطاً بكبار معاونيه، في هذا اللقاء طيلة يوم كامل. أما المساعدات الإنسانية والعمل الدبلوماسي الداعم للبنان، ودائماً بلا أي مقابل، فلم يتوقف منذ 2019 الى اليوم".
وعن زيارة الحبر الأعظم لبنان، قال: "زيارة الحبر الأعظم لبنان التي كانت مقررة في حزيران الماضي تأجلت لأسباب صحية، وهي الآن مؤجلة لدواع مرتبطة بأوضاع لبنان المعروفة وليس لعدم رغبة البابا بالمجيء الى لبنان. ولا بد من الإشارة الى زيارة أمين سر الدولة الكردينال بارولين لبنان بعد أيام على انفجار مرفأ بيروت في 2020، ومن ثمّ الزيارة الرسمية التي قام بها وزير الخارجية رئيس الأساقفة المونسنيور غالاغر الى لبنان في شباط 2021 ومشاركته في أعمال المؤتمر حول "لبنان الرسالة" في الذكرى الثلاثين للإعلان الذي أطلقه البابا يوحنا بولس الثاني في أيلول 1989".
أما عن الإجراءات المألوفة الخاصة بمراسم الجنازة للبابا الراحل ومشاركة لبنان، فقال الخازن:"تقام الصلاة لراحة نفس البابا الراحل برئاسة البابا فرنسيس في بازليك القديس بطرس. الإجراءات البروتوكولية المتبعة مع رحيل بابا مستقيل تختلف عما كان يحصل سابقاً إثر وفاة حبر أعظم. إنها المرة الأولى منذ مئات السنين التي يرحل فيها بابا سابق، ما اقتضى إجراءات بروتوكولية غير مألوفة، بعد نقاش بين المعنيين دام لأيام. أما الذي أُقر اعتماده من الكرسي الرسولي فهو دعوة محصورة بوفدين رسميين من المانيا وإيطاليا لحضور مراسم الدفن واقتصار الحضور الرسمي على سفراء الدول المعتمدين لدى الفاتيكان. أما المشاركة الكنسية فتبقى على حالها، كما جرت العادة. وسيشارك من لبنان البطريرك مار بشاره بطرس الراعي وكذلك رؤساء الكنائس الشرقية الكاثوليكية".