هنا، فإنّ أوجه الصراع ستتخذُ منحى واسعاً وهذا أمرٌ يعني أن تل أبيب ستضعُ نفسها في مأزقٍ كبير باعتبار أنّ مواجهتها لجبهات عديدة في وقتٍ واحدٍ يعني في طليعة الأمر 3 أمور:
الأول هو استنزافٌ عسكري تام للجيش الإسرائيلي، في حين أنّ الأمر الثاني يتعلّق بتهديد كل المساحة الجغرافية التي تُشكل الكيان الإسرائيلي، وبالتالي انعدام الأمن في الداخل الإسرائيلي. أما الأمر الثالث والأهم فهو أنّ إسرائيل ستخسر كافة المقومات الإقتصادية التي تعتمدُ عليها، ما يعني دخولها في معركةٍ خاسرة من كل الجوانب، وقد تكون التكلفة بمئات مليارات الدولارات.
تهديدُ نصرالله سيُفرمل "التعنّت الإسرائيلي"؟
يوم الثلاثاء الماضي، كان الأمين العام لـ"حزب الله" السيّد حسن نصرالله جازماً وواضحاً في تهديدهِ إسرائيل، واعتبار أنّ الانتهاكات التي تتعرض لها المقدسات الإسلامية والمسيحية في فلسطين، قد تؤدي إلى حرب مفتوحة في المنطقة.
عملياً، فإنّ الأمر الذي تحدّث عنه نصرالله قد لا يكونُ تهويلاً عادياً، بل قد يؤدي فعلاً إلى توتر كبير تخشاه إسرائيل. واليوم، ومع تشكيل رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو لحكومته الجديدة، فإنّ الهاجس الأول يتحدّد بإرساء الأمن والإستقرار في الداخل الإسرائيلي، مع ضمان أن تكون الجبهات القتالية محدودة، لأن المسؤولية الاقتصادية الملقاة على عاتق إسرائيل في ملف الغاز، كبيرة جداً ولا يمكن التهاون معها أميركياً وأوروبياً في ظل الحرب الأوكرانية.
وإزاء ذلك، فإنَّ التهديد الذي أطلقه نصرالله باندلاع حرب مفتوحة يعني التالي:
1- انكسار كافة قواعد وقف إطلاق النار وتبديل الوضع القائم في المناطق التي تعتقد إسرائيل أنها خاضعة لسيطرتها، مثل الجولان ومزارع شبعا. حتماً، هذا الأمر قد يعني خسارة إسرائيل الامتداد الإسرائيلي الذي تسعى إليه، وهذا أمر تهابه بشكل كبير.
2- تحوّل المستوطنات محوراً أساسياً للصواريخ الدقيقة والذكية التي يمتلكها الحزب. هنا، فإنّ هذه النقطة تشير إلى انهيارٍ تام لأمن المستوطنين، ما يعني تزايداً في أعداد الهجرة التي تسعى السلطات الاسرائيلية لكبحها مع الوقت.
3- اختبار الجيش الإسرائيلي معركةً جديدة من نوع آخر تتصلُ بمواجهات بريّة قد يصنعها توغل مباشر لـ"حزب الله" إلى العمق الفلسطيني. وأمام هذا المشهد، قد تكون المعطيات العسكرية التي ستفرض نفسها مختلفة عن أي معطيات أخرى سابقة، والأساس هو أن إسرائيل لم تشهد تسللاً عسكرياً كبيراً وميدانياً وعلنياً إلى الأراضي التي تحتلها خلال حروبها الأخيرة. وفعلياً، قد يكون الفيديو الذي نشره الحزب مؤخراً عن اقتحام الجليل تأكيداً على الرسالة النارية خلال أي معركة مفتوحة مقبلة، وهذا الأمر وجدت فيه التقارير الاسرائيلية تهديداً كبيراً.
4- تحوّل كافة المنصات البحرية الإسرائيلية إلى هدفٍ للصواريخ، مع تثبيت قدرة مقاتلي "حزب الله" على التسلل إلى الداخل المحتل عبر البحر وتنفيذ عمليات عسكرية من نوع جديد لم يُكشف عنه سابقاً.
في الواقع، فإنّ أي معركةٍ ومواجهة قد تندلع ستكشفُ عن كتلة هائلة من الصواريخ الموجودة أصلاً لدى "حزب الله". لكنه في المقابل، فإن انخراط جبهات أخرى، استناداً لكلام نصرالله، سيعني تبدلاً للقواعد، وهذا الأمر قد يظهرُ أسلحة نوعية قد تكون لدى الفصائل المُقاتلة الأخرى، والمعنية هنا بشكل خاص "حركة حماس" في غزّة.
إذاً، وأمام هذه المشهدية المعقدة، قد تفكر إسرائيل بالتراجع إلى الوراء والتزام عدم التمادي لا في الأقصى ولا حتى في الضفة الغربية. فإن لم تلتزم، عندها ستكون المواجهة قريبة جداً، وبالتالي الانهيار، وهذا الأمر قد لا يصب في مصلحتها ولمصلحة الغرب في ملف الغاز تحديداً الذي يبرز بقوة في ظل الحرب الأوكرانية المستمرة إلى أجلٍ غير مسمّى.