الرئيس "السوبرمان" ليس الوقت وقته

الرئيس "السوبرمان" ليس الوقت وقته
الرئيس "السوبرمان" ليس الوقت وقته

إذا حاولنا أن نستجمع كل المواصفات، التي أطلقت من هنا ومن هناك، والمطلوب أن يتمتع بها رئيس الجمهورية المقبل، لرأينا أنها غير متطابقة مع الواقع المأزوم، الذي يعيشه لبنان حاليًا. ويمكن في هذا المجال استعارة المثل اللبناني القائل "يللي بيكبّر حجرو ما بيصيب"، بمعنى أن كل هذه المواصفات إنما وُضعت لتصعيب مهمة الاتيان بهذا الرئيس "السوبرمان"، الذي يحمل في يده اليمنى عصا موسى، وفي يده اليسرى الدستور. من خلال الأولى يمكنه اجتراح الاعاجيب. ومن خلال يده الثانية يمكنه أن يفرض هيبة القانون ويطبّقه على الجميع بالتساوي بين الحقوق والواجبات. 

كلا الأمرين غير متوافرة لهما الظروف المؤاتية. فالزمن ليس زمن الأعاجيب، إذ أن الحلول لهذا الكمّ الهائل من المشاكل لا تتمّ بكبسة زرّ، أو بمجرد انتخاب رئيس جديد. أما لناحية فرض القانون على جميع الناس فهو أمر متعذّر ما لم يتم التوافق الجماعي على آليات الاستراتيجية الدفاعية، وإذا لم يكن جميع المواطنين متساوين أمام هذا القانون، بحيث لا يعود في لبنان تمييز بين مواطن من الدرجة الأولى ومواطن من الدرجة الثانية أو الثالثة. 
ليس المطلوب في هذا الظرف الصعب والخطير في آن انتخاب هذا النوع من الرؤساء، وليس المطلوب الاتيان برئيس "غراندايزر". فهذا النوع من الرؤساء يجب التفتيش عنه بـ"السراج والفتيلة". وحتى لو وجد لن يقبل به أحد، لأن لا أحد من الأحزاب السياسية، التي يتألف منها مجلس النواب، تقبل بطريقة أو بأخرى، أن تلغي نفسها بنفسها. فهكذا رئيس بمواصفات "سوبرمانية" سيضع حتمًا حدًّا لكل التجاوزات التي ترتكب حينًا باسم "الميثاقية"، وأحيانًا أخرى باسم الدفاع عن حقوق هذه الطائفة أو تلك. وهو سيضع أيضًا حدًّا لازدواجية المعايير في مقاربة الملفات، التي لها علاقة مباشرة بسيادة الدولة وحصرية السلاح في يد الجيش والقوى الأمنية الشرعية وحدها دون سواها. وكذلك سيضع حدًّا لمشاريع التقسيم والشرذمة، التي عادت تراود أذهان البعض. وسيضع حتمًا حدًّا لجميع الفاسدين، الذين يعيثون في الأرض فسادًا وسمسرات وصفقات مشبوهة. 
ولأن لا أحد من كل هذه الأحزاب يريد أن "يحفر قبره" بيديه فإن هكذا نوع من الرؤساء لن يصل حتى إلى عتبة "ساحة النجمة". هذا ما يقوله المنطق المتبع في لبنان، مع أنه منطق "ألوق".   
الرئيس الممكن أن يبصر النور، ولو بعد حين، هو الرئيس الذي يستطيع أن يدير الأزمة، أو بالأحرى لديه إمكانية لإدارة الاختلاف. المطلوب رئيس يساير الجميع من دون افتعال بطولات وهمية. المطلوب رئيس يكون "منيح" مع أم العريس ومع أم العروس في وقت واحد. مطلوب رئيس لا يخاصم أحدًا، ولا يعادي أحدًا. رئيس "حبّوب"؛ رئيس من نوع "ابوس روحك"؛ رئيس "القفازات المخملية"؛ رئيس "تمرير الوقت" بأقل أضرار ممكنة. 
هكذا نوع من الرؤساء يناسب الجميع في الوقت الحاضر إلى أن يحين وقت "الرئيس – السوبرمان". وإذا فتّشنا عن النوع الأول من الرؤساء لوجدنا الكثيرين، الذين تنطبق عليهم "مواصفات المرحلة". أمّا إذا أردنا أن نفتش عن الصنف الثاني من الرؤساء فإن الذين تنطبق عليه المواصفات "السوبرمانية" نادرون أو منقرضون.   

اشترك فى النشرة البريدية لتحصل على اهم الاخبار بمجرد نشرها

تابعنا على مواقع التواصل الاجتماعى

التالى بري: “الحكي ببلاش”… والجلسة في موعدها