اعتبرت مصادر قيادية في الحزب التقدمي الاشتراكي أن حملة رئيس حزب التوحيد العربي وئام وهاب على الرئيس سعد الحريري وعلى والده الشهيد رفيق الحريري “تجاوزت كل حدود في شكل أخذت تذكر مع بعض المواقف الأخرى بالحملة على الأخير قبيل اغتياله عام 2005″، وأن “النائب السابق وليد جنبلاط تقصّد التضامن مع الحريري لأنه ومحيطه فهم الحملة على أنها جاءت بتعليمات من القيادة السورية، وهو ما دفعه إلى القول في إحدى تغريداته بوجود أمر عمليات وراء هذه الحملة. وهذه القراءة نابعة من قناعة جنبلاط بأن عرقلة تأليف الحكومة أصلا منبعها خارجي كما أوحى في أكثر من تغريدة وتصريح في الأسبوعين الماضيين”.
وتشير المصادر القيادية في “الاشتراكي” إلى أن بعض محيط جنبلاط تعاطى مع العراضة المسلحة التي قام بها بها وهاب في الشوف وإقفال بعض أنصاره ليل الخميس الجمعة بعض الطرقات الرئيسة في الشوف، وصولا إلى تحدي أنصار جنبلاط بمرور التظاهرات السيارة في المختارة، على أنها تذكير بالإنذار الذي وجهه إليه الرئيس السوري بشار الأسد خلال اللقاء الأخير الذي جمعه بالرئيس الشهيد رفيق الحريري في شهر آب عام 2004 حين أجبره على التمديد للرئيس السابق إميل لحود، إذ قال للحريري الأب آنذاك أنه “إذا كان جنبلاط يعتقد أن الدروز معه فهناك دروز معي وبإمكاني أن أكسر الجبل على رأسه أيضا”.
وأوضحت المصادر أن جنبلاط تعاطى مع عراضة وهاب على أنها تكرار للرسالة ضده، خصوصا أن أخبارا أخذت ترده ليل الخميس عن تفاصيل التحركات التي قام بها أنصار وهاب، وعن الغليان الذي تسبب به ذلك في صفوف أهالي الجبل وأنصار المختارة و”الاشتراكي”، الذين نزلوا إلى الشوارع وحمل بعضهم السلاح.
وكشفت المصادر القيادية في “الاشتراكي” أن جنبلاط خلافا لسلوكه في مرات سابقة حصل في صدام أو توتر بين المحازبين وبين جماعة وهاب، أو مع حزب الله في حوادث عدة على مر السنوات الماضية، حيث كان يتشدد في زجر المناصرين بشدة ويمنعهم من النزول إلى الشارع أو اللجوء إلى السلاح، لم يفعل ذلك هذه المرة. وأضافت المصادر: “اكتفى جنبلاط بالطلب من القيادات الحزبية والمناصرين على الأرض عدم استخدام السلاح، وعدم الدخول في اشتباك مسلح، وتفهم سبب نزولهم لتطويق جماعة وهاب ودعاهم إلى الحذر، في انتظار معرفة ما سيقوم الجيش لضبط مسلحي وهاب الذين كان غاضبا من تصرفهم ومن خلفياته السياسية. لكنه طلب إلى قياديين حزبيين إيصال رسالة إلى حزب الله الذي يرعى وهاب وأنصاره، بأنه لن يقبل هذه المرة أن يجري تحديه بهذه الطريقة، وأنه سيمنع إذلال الجبل من قبل حفنة من المسلحين مهما كان الثمن وأنه قد لا يضمن ما يمكن لأنصاره أن يقوموا به.
وأوضحت المصادر نفسها لـ”الحياة” أن حزب الله الذي استوعب خطورة المس برمزية دار المختارة وتمادي مسلحي وهاب وطبيعة رد الفعل المحتمل من أنصار جنبلاط، أبلغ الأخير بأنه يتفهم موقفه ولا يوافق على ما يحصل. وفي تقدير المصادر أن الحزب أجرى اتصالات بوهاب طلب منه التهدئة والعودة عن العراضات التي يقوم بها مسلحوه، وأن هذا ما دفع وهاب إلى التصريح بأنه لم يكن يعلم أن أنصاره سيتوجهون إلى المختارة، مشيرا إلى أنها كانت غلطة. ولفتت المصادر إلى أن غضب حنبلاط وقراءته للخلفية السياسية للتحرك ضده عبر عنه في التغريدة التي قال فيها: “المختارة خط احمر أيا كانت الموازين الاقليمية”.
كما أن جنبلاط طلب إبلاغ الرسالة إلى قيادة الجيش بأنه لن يسمح بتمادي مسلحي وهاب ولن يتهاون في التعاطي معه على هذا الشكل. وقالت إن قائد الجيش العماد جوزيف عون تصرف بسرعة فتدخلت وحداته أولا لسحب مسلحي وهاب وأوقفت العديد منهم فنزع فتيل مواجهة كان يمكن أن تؤذي إلى سفك الدماء. ورأت المصادر أن العماد عون تصرف بحكمة وحزم حيال الموضوع ما وفر على الشوف احتمال صدام خصوصا أن أنصار جنبلاط في حال احتقان جراء منعه إياهم من التحرك ضد تمادي وهاب في تجاوزاته في السنوات السابقة.
وأشارت مصادر “الاشتراكي” لـ”الحياة” إلى أن الدليل على الخلفية السورية لما حصل هو ما قاله النائب السابق في مجلس الشعب السوري أحمد شلاش عن أن “على سعد الحريري وبلطجيته ان يعوا أن أي مس بالحليف والصديق وئام وهّاب فهذا يعني قلب بيروت عاليها سافلها.. وقد اعذر من أنذر”.