إفتتح صباح اليوم الإثنين إجتماع فريق العمل البرلماني الإقليمي المعني بالتغطية الصحية الشاملة في إقليم شرق المتوسط الذي تستضيفه بيروت اليوم وغدًا الثلثاء في فندق موفنبيك، بحضور وزيرة الدولة لشؤون التنمية الإدارية في حكومة تصريف الأعمال عناية عز الدين ممثلة رئيس مجلس النواب نبيه بري، ونائب رئيس الحكومة وزير الصحة العامة في حكومة تصريف الأعمال غسان حاصباني ومدير منظمة الصحة العالمية لإقليم شرق المتوسط الدكتور أحمد بن سالم المنظري ورئيس لجنة الصحة النيابية النائب عاصم عراجي ومدير عام وزارة الصحة الدكتور وليد عمار وممثلة منظمة الصحة العالمية في لبنان الدكتور إيمان الشنقيطي وعدد من البرلمانيين من دول شرق المتوسط وفريق عمل منظمة الصحة العالمية المتخصص بالتغطية الصحية الشاملة من مكتب شرق المتوسط.
وقد تحدث الوزير حاصباني فنوه بأهمية المؤتمر بالنسبة إلى القطاع الصحي كما لبنان الذي يتخذ مكانة خاصة في الشأن الصحي. وعرض ما يتم القيام به في لبنان في مجال الصحة عامة والتغطية الصحية الشاملة والتنمية المستدامة. وقال إن تبوؤه وزارة الصحة العامة فتح له المجال ليتعاطى مباشرة مع الناس الأكثر حاجة للخدمات الأساسية من القطاع العامة وفي مقدمها الصحة، كما أن تسلمه موقع نائب رئيس الحكومة أتاح له ترؤس اللجنة الوطنية للتنمية المستدامة بالنيابة عن رئيس مجلس الوزراء وتقديم التقرير للمنتدى السياسي الرفيع المستوى في الأمم المتحدة في نيويورك عن وضع لبنان في أهداف التنمية المستدامة. ولفت الوزير حاصباني إلى وجود فرصة حقيقية لربط أهداف الصحة والعمل الذي يتم القيام به في وزارة الصحة العامة بأهداف التنمية المستدامة ولا سيما ما يتعلق بالتغطية الصحية الشاملة.
وقال الوزير حاصباني إن الصحة هي هدف من بين سبعة عشر هدفًا لكنها تطال تقريبًا كل أهداف التنمية المستدامة في العام 2030. ولذلك، تم تشكيل لجان متفرقة تنظر إلى هذه الأهداف من زوايا مختلفة في وقت كان للصحة حضور في مختلف هذه اللجان لأن أيًا من هذه الأهداف يمكن له أن يطال الصحة سلبًا أو إيجابًا والعكس صحيح.
أضاف وزير الصحة العامة أنه لم ينتظر حتى العام 2030 بل عكف خلال وجوده في الوزارة على وضع خطة للصحة أطلق عليها تسمية صحة 2025 وقد بدأ بتنفيذها. وأوضح أن خطوطها العريضة انطلقت من التغطية الصحية الشاملة وكل الخدمات التي تبرز الحاجة إليها.
وتابع حاصباني: “البداية كانت من التعزيز المركز والكثيف لمراكز الرعاية الصحية الأولية كركن أساسي للتغطية الصحية الشاملة وذلك عبر تعزيز قدرات هذه المراكز على كافة الأراضي اللبنانية بالتعاون مع القطاع الأهلي والسلطات المحلية كالبلديات والمجتمع المدني والمنظمات الدولية كمنظمة الصحة العالمية والبنك الدولي. بذلك تم تحقيق إدارة نوعية لأكثر من مئتي مركز على الأراضي اللبنانية وتأمين خدمات ذات جودة ومستوى عال”.
ولفت حاصباني إلى أن تحقيق ذلك تم في وقت كان لبنان يمر في وضع إستثنائي تمثل بالنزوح السوري الكثيف إلى أراضيه إذ زاد عدد سكان لبنان في أقل من سنتين أكثر من نصف عدد السكان فأصبح عدد سكان لبنان خلال هذه الأزمة يفوق ستة ملايين نسمة وبالتالي تغيرت المعايير كلها وانقلبت. واضاف: “لم نعد بلدًا ذا دخل متوسط إلى عال رغم أننا ما زلنا كذلك نظريًا، إلا أننا على أرض الواقع أصبحنا نقارب البلدان ذات الدخل المتوسط إلى المنخفض، ما استدعى حركة إستثنائية من قبلنا كما من قبل المنظمات الدولية الداعمة للحفاظ على معايير الصحة والبيئة والسلامة العامة والمجتمع في لبنان”.
وتابع وزير الصحة العامة أن الصحة كانت هي الأهم ولا تزال كذلك، وقد تم تخصيص فرق طبية لتلقيح الوافدين إلى لبنان على الحدود ومتابعتهم داخل لبنان للتأكد من عدم انتشار أي أمراض أو أوبئة على الأراضي اللبنانية كان لبنان قد تخلص منها نهائيًا في السابق. أضاف أن مراكز الرعاية الصحية الأولية قدمت في الوقت نفسه كافة الخدمات لكافة المتوجودين على الأراضي اللبنانية من دون تفرقة أو تمييز. ومن بعد إرساء هذا الركن الأساسي، تم الإنطلاق للعمل على التغطية الصحية الشاملة لتحقيق أهداف التنمية المستدامة وشمولية الخدمات. وأشار حاصباني إلى أن شمولية التغطية لا تقتصر على شمولية المقيمين بل على شمولية الخدمات فهي عمودية وأفقية وتشمل كافة الخدمات وكافة الناس.
وأوضح الوزير حاصباني أنه تم اتخاذ مسارين متوازيين للإسراع في الوصول إلى هدف التغطية الصحية الشاملة. وقد استند المسار الأول إلى العمل على تطوير الخدمات وتقديمها وتوزيعها على مختلف الأراضي اللبنانية بالتعاون مع كافة الجهات المحلية والدولية المعنية، إضافة إلى تعزيز قدرات البنى التحتية بدعم من منظمة الصحة العالمية والبنك الدولي والصندوق الإسلامي للتنمية من خلال قروض وهبات للقطاع الصحي، فضلا عن التعاون بين كافة الجهات الضامنة لأن في لبنان جهات حكومية ضامنة متعددة، ما يؤدي إلى بعض اللغط في تقديم الخدمات. وقد تم تأليف لجنة تنسيقية بين كافة الجهات الضامنة لتنسيق الخدمات وتقديمها والتعاون فيما بينها لتخفيض الكلفة.
أما المسار الثاني الذي تم اتباعه فهو الخط التشريعي وما تم تحقيقه حتى الآن قد يكون محطة للإنطلاق نحو تنفيذ خطة صحة 2025 والذي يحتاج إلى تعزيز بالتشريع المطلوب فلا يكون مبادرة موقتة أو مهددًا بعدم الإستدامة في المستقبل. وأوضح الوزير حاصباني أن الإنطلاق بالمسار التشريعي تم بالتعاون مع مجلس النواب في لجان عدة، إذ بدا المسار التشريعي الأسرع والأسلم لأننا في وضع إستثنائي ولأن العمل الحكومي معطل منذ أشهر بانتظار تشكيل الحكومة.
وأوضح حاصباني: “تم تعديل ونقاش التشريعات المتعلقة بالصحة والتي كانت قيد النقاش في مجلس النواب بهدف أن تتماشى مع خطة صحة 2025 والتغطية الصحية الشاملة، حيث تم إقرار القانون المتعلقة بهذه التغطية في لجان الصحة العامة والإدارة والعدل والمال والموازنة وهو بانتظار الهيئة العامة للتشريع لإقراره نهائيًا. وبذلك نكون أكملنا سلسلة كاملة من الأعمال التي تصب في تأسيس واستدامة التغطية الصحية الشاملة”.
وعرض الوزير حاصباني للخطوط العريضة لهذا القانون مشيرا إلى أنه ينص على أن يكون هناك ملف صحي لكل مواطن لبناني بغض النظر عن الجهة الضامنة التي ينتمي إليها وان يستفيد من رزمة الحملات السنوية، ويتيح ذلك تنظيم أفضل للخدمات التي تقدم مباشرة عبر وزارة الصحة لأكثر من مليون و800 ألف مواطن ليس لديهم أي جهة ضامنة أخرى حتى الآن، وهم يستفيدون من خدمات وزارة الصحة المتعلقة بالتقديمات الإستشفائية والفحوصات الخارجية عبر المستشفيات الحكومية إضافة إلى تأمين أدوية الأمراض المستعصية والمزمنة مجانا لكافة المحتاجين إليها.
تابع حاصباني: “وبذلك يكون لبنان قد أمّن ووضع إلزامية حول التغطية الصحية الشاملة تلزم الدولة وتلزم المواطن معا لاستكمال السلسلة المطلوبة في تأمين التغطية الصحية الشاملة لكافة المواطنين اللبنانيين. وبهذا يكون لبنان قد استكمل جزءًا كبيرًا من أهداف التنمية المستدامة. أما الجزء التالي من خطة صحة 2025 فينص على الإعتماد على التكنولوجيا بشكل كبير لتخفيض الكلفة وتعزيز الخدمات وتأمين شموليتها جغرافيا ولكافة شرائح المجتمع اللبناني الاجتماعية والعمرية”.
وختم حاصباني: “إن الصحة هي ركن أساسي في استدامة المجتمعات ولا مجتمع ينمو من دون صحة جيدة وإنتاجية عالية لمواطنين لا تعوقهم مسائل المرض أيا كانت. فبهدف تأمين صحة مستدامة علينا أن نعمل بتكافل وتضامن بين القطاعين الخاص والعام مع المنظمات الدولية المعنية لتبادل الخبرات. وهذا الإجتماع هو ضرورة لوضع أسس التعاون وتضافر الجهود وتبادل الخبرات الناجحة والإسراع في تنفيذها، علمًا أن التشريع يبقى ركنًا أساسيًا لتثبيت الإلتزامات بغض النظر عمّن يكون مسؤولا عن التطبيق”.