طوى العام 2018 آخر ايامه على فراغ حكومي متماد منذ سبعة أشهر، لم تفلح كل المبادرات والوساطات في تعبئته. وتتجه الآمال الى مطلع السنة الجديدة، حيث من المتوقع ان تستكمل الاتصالات التي كان المدير العام للأمن العام اللواء ابراهيم قد استأنفها في اليومين الفائتين وجمدتها عطلة الاعياد وسفر العديد من المسؤولين خارج لبنان، فيما الأنظار شاخصة الى الحدث الاقتصادي المرتقب في بيروت، وهو انعقاد القمة الاقتصادية التنموية المرتقبة في 20 كانون الثاني والتي تستوجب وجود حكومة فاعلة لمواكبتها اذا ما اريد لها ان تنجح في استقطاب حضور عربي وازن على مستوى القادة والقرارات التي قد تشمل انشاء صندوق عربي لإعادة اعمار سوريا.
في هذا الإطار، شكّل تصريح السفير الاماراتي في لبنان حمد الشامسي بأن “الحكومة ستتشكل قبل القمة الاقتصادية، لأن القمة تستلزم تأليف حكومة”، مؤشرا الى رغبة عربية خليجية بالدفع بالملف الحكومي الى خواتيمه.
إلى ذلك، يستمر عضو تكتل لبنان القوي النائب شامل روكز بالتمايز عن التكتل في مسألتين، فهو يدعو الى حكومة اختصاصيين يسميها حكومة قدرات وكفاءات بخلاف حكومة الوحدة الوطنية التي فشلت كل المساعي في فكفكة عقدها المتناسلة، أما الامر الثاني فهو اعتباره ان التظاهرات التي انطلقت قبل أسبوع في بيروت احتجاجا على تردي الاوضاع المعيشية قامت على خلفية اجتماعية.
في الموضوع الحكومي لا يبدو روكز متفائلا في تحقيق اختراق، ويكشف في لقاء مع القبس ان الاتصالات التي استؤنفت قبل أيام بعيدا عن الاعلام، وجمعت عباس ابراهيم بوزير الخارجية جبران باسيل، لم تحدث اي اختراق جدي، لافتا الى ان الوضع الداخلي اللبناني مرتبط بما يدور من تقاسم نفوذ في المنطقة. ويوضح روكز ان اللواء ابراهيم يتحرك بتكليف من رئيس الجمهورية ميشال عون، من دون ان ينفي ان يكون ابراهيم قد عمل على استيعاب الازمة الاخيرة التي نشبت بين التيار الوطني الحر وحزب الله، والتي لا يعتبرها روكز “أزمة كبيرة”.
روكز جدد دعوته إلى حكومة قدرات ومهارات. وهذه برأيه تتطلب السير على ثلاثة محاور:
فهي اولا حكومة مصغرة تضم 14 وزيرا وتؤمن مهام السلطة التنفيذية. اضافة الى انها من صلب النظام الديموقراطي البرلماني بحيث يمكن للمجلس النيابي ان يقوم بعمله كمراقب للأداء الحكومي بشكل أفضل. توازيا، وعلى المستوى السياسي، يقترح روكز انشاء طاولة حوار تضم الاقطاب السياسيين، وتتولى التعامل مع مشكلات البلد الاستراتيجية الكبرى.
ويرد روكز مطالبته بحكومة قدرات وكفاءات لكون حكومة الوحدة الوطنية، ومنذ اتفاق الطائف، لم تثبت نجاحها وفعاليتها في معالجة المشكلات المطروحة، لأن ممثليها كانوا ينقلون مشاكلهم الى طاولة مجلس الوزراء.
وحول تأثير الأزمة الحكومية على عهد الرئيس عون، وعما إذا كانت قد اضرت به بالدرجة الاولى، يعتبر روكز ان الازمة تلحق الضرر بمؤسسات الدولة كلها، وامتدادا بالعهد كعهد، لا سيما ان تاريخ ميشال عون مشهود له بالحسم وبالإنجازات. ويضيف: “وكلما تأخرت هذه الحكومة سنشهد المزيد من عدم توازن السلطات ومن انتشار الفساد وتضييع الفرص المتأتية من المؤتمرات الدولية، اضافة الى تفاقم المشاكل المالية والاقتصادية التي تنعكس على حياة المواطنين وتدفعهم الى اعلاء الصرخة”.
وعن خلفية التظاهرات التي دعا اليها عدد من الناشطين الاسبوع الماضي في بيروت وبعض مناطق الشمال والجنوب، وما إذا كان يرى فيها دافعا سياسيا ام اجتماعيا بحتا، يقول روكز انه لا يريد ان يرى فيها الا خلفية اجتماعية، ويأمل ان تكون بمنزلة جرس انذار للسياسيين ليكتشفوا عمق الازمة الاجتماعية التي هي أكبر مما رأيناه لان “الناس لا يزالون خجولين في تحركاتهم”.