عرض وزير الشؤون الاجتماعية النائب بو عاصي للواقع الحالي للنازحين السوريين في لبنان، وقال: “نجتمع اليوم كما في كل عام منذ بدء أزمة النزوح السوري الى لبنان لإطلاق خطة العمل للاستجابة لازمة النزوح او ما يعرف بخطة استجابة لبنان للازمة للعام 2019. وكما في كل عام نأمل أن يكون اللقاء الاخير على امل ان يعود النازحون الى حيث ينتمون الى ارضهم وبلادهم واعمالهم ومدارسهم، لكننا ندخل اليوم في السنة التاسعة لبدء الازمة ونجتمع لتحديد افضل السبل لمواجهتها”.
وأضاف، خلال إطلاق خطة لبنان للاستجابة للازمة المستحدثة للعام 2019، في احتفال اقيم بالسراي الحكومي، “لقد عهد الى وزارة الشؤون الاجتماعية ادارة الخطة وكان لي شرف تبوؤ منصب وزير الشؤون الاجتماعية للعامين المنصرمين. منذ البدء كان لا بد من تحديد خطوط حمراء يشكل ما بينها مساحة العمل للاستجابة لازمة النزوح. الخط الاحمر الاول الذي رفضت وأرفض تجاوزه، هو التعاطي بعنصرية ورفض الاخر واللامبالاة امام المعاناة الانسانية، فهذا مرفوض ولا يشبه قيمنا اللبنانية والانسانية. أما الخط الاحمر الثاني والذي يجب المحافظة عليه والدفاع عنه، فهو مصلحتنا الوطنية اللبنانية العليا، وكلما طالت فترة النزوح ضاق الهامش ما بين الخطين، وهذا الامر ليس في مصلحة النازح ولا في مصلحة لبنان”.
وتابع: “غني عن التذكير أن عاملين يحددان قدرة الاحتمال وهما الوزن والوقت. الوزن هو ثلث عدد سكان لبنان تقريبا من النازحين، اما الوقت فتخطى الثماني سنوات ولا قدرة للبنان على احتمال كل ذلك لا سيما في وضع اقتصادي واجتماعي صعب وبنى تحتية مترهلة. لا بد بداية من اجراء تقييم سريع للتجربة اللبنانية في ادارة الازمة بالشراكة مع المانحين والمنظمات الدولية والجمعيات. أصررت منذ تولي وزارة الشؤون الاجتماعية ان تكون الدولة اللبنانية حاضرة في أي مشروع أو تحرك يهدف لمساعدة النازح السوري، ففي الامر جانب سيادي لا يمكننا التراجع عنه. لقد اثبتت التجربة بأن حضور الدولة اللبنانية قد سهل البرامج كافة وخلق ثقة متزايدة عند المانحين والمنظمات الدولية والجمعيات”.
وقال: “من الضروري أن الفت الانتباه آسفا، الى أن وقف تمويل رواتب 57 شخصا من برنامج الاستجابة للحالة السورية سيكون له انعكاس سلبي على مستوى حضور واداء الدولة اللبنانية متمثلة بوزارة الشؤون الاجتماعية على الأرض، وكم كان لهؤلاء الاشخاص ولزملائهم من فعالية لافتة خلال الأزمات والعواصف والحرائق التي تعرضت لها مخيمات النزوح السوري. اتوجه هنا للمانحين وللمنظمات الدولية بغية اعادة هؤلاء العاملين الى مهماتهم في أسرع وقت، علما بأن نسبة العاملين هي واحد لكل عشرة الآف نازح”.
أضاف: “فيما نذكر وجود مليون ونصف مليون نازح سوري ووجوب مساعدتهم واستعدادنا التام لذلك، لا بد من التذكير بوجود مليون ونصف مليون لبناني يعيشون في ظروف صعبة وغالبهم تحت خط الفقر. فعند بدء ازمة النزوح كان التركيز المشروع على مساعدة النازحين وتأمين الحاجات الاساسية لهم، ولكن سرعان ما تبين بأن ذلك غير كاف وبأن أفضل طريقة لمساعدة النازح هي بتدعيم استقرار ونمو المجتمع المضيف. ونشأ لهذا الغرض برنامج دعم المجتمع المضيف في لبنان”.
وتابع: “هدف هذا البرنامج بداية الى تنفيذ المشاريع الصغرى في البلديات ليتحول لاحقا الى مشروع يستهدف التنمية المستدامة من خلال انشاء وتدعيم بنى تحتية صغيرة ومتوسطة الحجم. لقد نجحنا في تعزيز ثقة المانحين حين لم نتدخل في استدراجات العروض ولا المناقصات ولا دفع الاموال، فكان دورنا الاساسي تحديد الاحتياجات ومتابعة دفاتر الشروط والتنفيذ. كما نجحت وزارة الشؤون الاجتماعية في العمل مع كافة الوزارات المختصة وفقا للبرامج المختلفة ومنها على سبيل المثال لا الحصر وزارة العمل ووزارة الطاقة والمياه. وهذا ما حدا بالكثير من المانحين ان يطلبوا العمل مع وزارة الشؤون الاجتماعية بشكل ثنائي ومن دون وسيط وأن يزيدوا قيمة الاعتمادات المرصودة لهذا المشروع وهم مشكورون على ذلك. ولكن تبقى الاموال المرصودة لمشروع دعم المجتمع اللبناني المضيف دون التوقعات، فلا بد أن تصل الى قيمة مئة مليون دولار سنويا كحد أدنى لما لهذا المشروع من تأثير مباشر ومستدام على حياة المواطنين”.
وقال: “كما أسلفنا، إن الاهتمام الاول كان بدعم النازح مباشرة والاهتمام الثاني كان بدعم المجتمع المضيف على مستوى البنى التحتية وكان لا بد بعدها من الالتفات الى الانسان المضيف كي تكتمل عناصر الاستقرار الاجتماعي. لا شك في أن المجتمع اللبناني قاطبة في ضائقة مادية وذلك عائد الى انخفاض معدلات النمو والبطالة وغيرها من الاسباب، ولكن لا بد من التركيز على شريحة من المجتمع يستهدفها برنامج الدعم الاسر الاكثر فقرا منذ سنتين. كان البرنامج يضم 104 الاف اسرة فاضطررنا الى اعادة التقييم بالشراكة بين وزارة الشؤون الاجتماعية ومكتب رئيس الحكومة والبنك الدولي لتفادي أي تسييس للموضوع وللحصول على افضل نتيجة علمية فتم احصاء 44 الف اسرة هم فعلا تحت خط الفقر المدقع ويقوم برنامج دعم الاسر الاكثر فقرا بتأمين السلامة الغذائية لعشرة الاف اسرة أي ما يعادل 58 الف شخص بالشراكة مع البرنامج العالمي للغذاء بكلفة 20,8 مليون دولار اميركي وتتكفل الدولة اللبنانية بطبابة واستشفاء وتعليم ابناء هذه الاسر. ونذكر على هامش هذا الرقم بأن 700 الف نازح سوري يستفيدون من برنامج الامن الغذائي”.
أضاف: “كما أطلقنا برنامجا لتخريج أفراد هذه الاسر بغية تدريبهم وايجاد فرص عمل لهم او مساعدتهم على الاستقلالية المهنية. وهدفنا اليوم تأمين المساعدات والغذاء للـ 44 ألف اسرة المشمولة بالبرنامج والكلفة المتوقعة لهذا المشروع هي 100 مليون دولار اميركي سنويا وهي في صلب اهداف التنمية المستدامة 2030. ونأسف لأن مشاريع دعم الشركات الصغيرة والمتوسطة الحجم من خلال الخبرات والمعدات وتصريف الانتاج التي تحدثنا عنها أكثر من مرة في المحافل الدولية لم تر النور، وكان الهدف منها تعزيز النمو وتقليص عجز الميزان التجاري مما يحفز فرص العمل والاقتصاد الوطني. ويجب ان يبقى هذا الهدف ماثلا امام اعيننا لمساعدة لبنان على الخروج من محنته”.
وتابع: “لا بد هنا من التنويه بعمل وزارة التربية والتعليم العالي لما قامت به من جهد مشكور لتأمين التعليم والحق في التطلع لمستقبل أفضل لكافة الاطفال من نازحين ولبنانيين. ومن الامور التي استفاد منها لبنان على هامش ازمة النزوح السوري الاستراتيجيات الوطنية ومنها التي تهدف لحماية الطفل والمرأة وغيرها من الاستراتيجيات قيد الاعداد، وسوف يكون لذلك انعكاس ايجابي على كافة المواضيع الاجتماعية في لبنان وبشكل مستدام”.
وختم: “أعود وأذكر بأننا لسنا امام أزمة عادية يمكن مواجهتها بوسائل عادية فحجمها ومدتها وانعكاساتها خطيرة على النازح كما على البلد والمواطن المضيف. وهنالك ضرورة لتضافر كافة الطاقات والامكانيات لمواجهتها والحد من تأثيرها وذلك يتطلب جهدا مضاعفا ان على مستوى التخطيط أو التمويل وتنسيقا متزايدا بين كافة الشركاء وثقة عالية بلبنان وشعبه”.