لبنان… تحت الرقابة الأميركية

لبنان… تحت الرقابة الأميركية
لبنان… تحت الرقابة الأميركية

حسم حصول حزب الله وحلفاؤه على أكثر من نصف المقاعد الوزارية في الحكومة الجديدة، التي طال انتظارها، نظرة الولايات المتحدة إلى لبنان، الذي لم تعد تراه سوى دولة حزب الله. ووضع هذا المكسب السیاسي للحزب، وتحدیداً تعیین أحد الموالین له وزیرا للصحة، القوى السیاسیة «الموالية» لواشنطن في سلة واحدة أمام أي تداعیات محتملة. وتحولت تلك القوى بنظر واشنطن الى «سیف من ورق» وأداة لتغطیة الحزب الذي يراهن علیها لحمایته من تلك التداعیات، نظرا لصعوبة الفصل بینه وبین الدولة، بعد أن رسخ وجوده في مؤسساتها كلها، وأتقن أسالیب الالتفاف على العقوبات الأمیركیة عبر شبكة من نخب سیاسیة ومالیة خلیطة من أعداء واشنطن وحلفائها في آن. لكن هذا الرهان تبدو دونه صعوبات. فالتحذیرات الأمیركیة للبنان ترقى لتكون تهدیداً في حال استخدم حزب الله أموال وزارة الصحة لدفع فاتورة قتلاه وجرحاه في سوریة، أو انتهى المطاف بأموال الوزارة بأیدي الحرس الثوري الإیراني عبر التبادل التجاري مع إیران في قطاع الدواء.

وأكد هذا المنحى قبل أیام مساعد وزیر الخزانة الأمیركیة لشؤون مكافحة تمویل الإرهاب مارشال بیلینغسلیا، الذي قال صراحة إن أمیركا ستحّمل كل لبنان المسؤولیة. وبعد قطاع المصارف، تتحول وزارة الصحة اللبنانیة إلى ساحة معركة أخرى للعقوبات الأمیركیة فيما یشبه معركة القط والفأر.

ولیس من المبكر الخوض في هذا الكلام، وقد سُجلت منذ الیوم الثاني لإعلان الحكومة الجدیدة استعدادات في وزارة الخزانة الأمیركیة لرصد اي انتهاكات لاستخدام أموال الوزارة بما یخالف العقوبات الأمیركیة المفروضة على حزب الله المصنف أمیركیا منظمة ارهابیة.

ولم تستبعد أوساط مطلعة في واشنطن على صلة بالملف اللبناني، أن تطال العقوبات قطاع الصحة اللبناني، مع خیارات تتراوح بین خفض التمویل الأمیركي للوزارة ومنع تصدیر الادویة والضغط على دول ومنظمات مانحة أخرى كمنظمة الصحة العالمیة لوقف التعامل مع الوزارة.

وعلى الرغم من تطمینات بیلینغسلیا بأن واشنطن لن توقف دعم قطاع المصارف، ما دام ملتزماً بشروط واشنطن لوقف استخدامه من جانب حزب الله في عملیاته المالیة، ومن عدم وقف الدعم للجیش اللبناني؛ فإن تحذیرات المسؤول الأمیركي كانت واضحة بأن الأمر مرهون بما سیجري على الأرض.

وترى تلك المصادر أن ولادة الحكومة اللبنانیة بعد تسعة أشهر على تكلیف سعد الحریري لا یخرج عن سیاق المشهد الاقلیمي، حیث تزامن وافتتاح فرنسا وألمانیا وبریطانیا آلیة مالیة للتعامل التجاري مع إیران لتفادي العقوبات الأمیركیة على طهران. وترى كذلك أن إیران سمحت بتشكیل الحكومة في إطار مقاربات جدیدة لها تأخذ في الحسبان إرسال رسالة بناءة قبل مؤتمر وارسو منتصف الشهر الجاري، والذي سیبحث دور إیران في المنطقة، وتقدیم جائزة ترضیة لفرنسا في معقل نفوذها الأخیر لبنان، مقابل انشاء القناة المالیة الاوروبیة. والأهم من ذلك هو حسابات إیران داخل سوریة، بعدما اتضح أن الانسحاب الأمیركي مؤجل، وقد لا یكون منجزاً كما كانت تشتهي طهران، وهو ما أقنعها بعدم الدخول مبكراً في معارك سیاسیة لحسم شكل الحكم السیاسي في كل من سوریة ولبنان ومواقع حلفائها فيهما.

اشترك فى النشرة البريدية لتحصل على اهم الاخبار بمجرد نشرها

تابعنا على مواقع التواصل الاجتماعى

التالى بري: “الحكي ببلاش”… والجلسة في موعدها