حَضَرَ وزيرُ الخارجيةِ الأميركي مايك بومبيو في بيروت قبل أن يصل إليها، بعدما سَبَقَهُ «وهجُ» المحادثاتِ التي سيُجْريها مع كبارِ المسؤولين، وسط تَهَيُّبٍ لبنانيّ لهذه المحطة التي يُتوقَّع أن تُحْدِث، جراء المواقف «بلا قفازات» التي سيُطْلِقُها رئيسُ الديبلوماسيةِ الأميركيةِ، هزّةً سياسيةً من دون أن تكون لها ارتداداتٌ على الستاتيكو القائم، أولاً بفعل عدم تَخلّي واشنطن ومعها المجتمع الدولي عن أولوية الاستقرار في لبنان، وثانياً نتيجة استمرارِ «صلاحية» استراتيجية «الانتظار» التي يعتمدها خصوم «حزب الله» في الداخل.
وفيما بدأ قريبون من «حزب الله» بـ«إطلاق النار» المبكّر على زيارة بومبيو و«جدول أعمال الفتنة الاميركية الجديدة» على وقع تظاهرةٍ نفّذتْها قوى يسارية ومحسوبة على فريق 8 مارس على تخوم السفارة الأميركية في عوكر عصر أمس، فإنّ أوساطاً مطلعة تعتبر عبر «الراي» أن الزائر الأميركي يزور بيروت من ضمن أجندة معلنة وتالياً لا تنطوي على مفاجآتٍ، بل ستعيد بالصوت والصورة صوغ موقف واشنطن المتشدّد حيال «حزب الله» وإيران ومحاذير أي خروجٍ للبنان عن الضوابط التي ما زالت تحكم واقعه وتحول دون تكريس انتقاله بالكامل الى حضن طهران ومحورها.
وتلفت الأوساط إلى عدم تَوَقُّع أن يطلب بومبيو من لبنان ما لا قدرة له على تَحمُّله في ما خصّ مسار المواجهة مع «حزب الله»، ولكنه سيكون صارماً في تحديد «الممنوعات» التي سبق أن مهّد لها موفداه ديفيد ساترفيلد وديفيد هيل، ولا سيما لجهة أي خروجٍ عن سياسة النأي بالنفس أو تحويل لبنان «خاصرة رخوة» تستخدمها إيران للالتفاف على العقوبات الصارمة عليها.
وفيما لن يغيب موضوع الحدود البحرية بين لبنان واسرائيل عن محادثات الوزير الأميركي ولا ملفّ النازحين الذين تربط واشنطن عودتهم بالحلّ السياسي، فإن بومبيو سيكرّر وقوف بلاده الى جانب المؤسسات الشرعية اللبنانية والوفاء بالتعهدات لدعم الجيش، وسيشدّد على أن المواجهة مع إيران و«حزب الله» مفتوحة على مزيد من الإجراءات القاسية التي يتعيّن على لبنان مماشاتها سواء عبر قطاعه المصرفي أو مؤسساته الرسمية.
وبينما تضجّ الصالونات السياسية بمعلومات عن نحو 80 شخصية لبنانية موضوعة على «لائحة الانتظار» وقد تشملها في أي لحظة تقررها إدارة الرئيس دونالد ترامب العقوبات على خلفية ربْطها بطريقة أو أخرى بـ«حزب الله»، تحدّث موقع تلفزيون «ام تي في» عن «أنّ ملفّاً أحيل منذ فترة إلى مستشار الأمن القومي الأميركي يشمل اقتراح عقوبات لـ40 سياسيّاً، من حزب الله ومن خارجه، إلا أنّ المفاجأة هي ورود أسماء لمرجعيّات بارزة، من رأس الهرم السياسي، كما لوزراء في الحكومة الحاليّة»، مشيراً الى «تريّث أميركي لمعرفة موقف الحكومة تجاه الوعود التي أطلقتها لتحصين الوضعين السياسي والاقتصادي، ولو أنّ الإدارة الأميركيّة تضع قاعدةً للعقوبات وهي أنّ كلّ شريك لحزب الله يشكّل هدفاً، بغضّ النظر عن طائفته».
وكان لافتاً أمس اللقاء الذي عُقد بين كل من السفيرين البريطاني كريس رامبلنغ والسفيرة الأميركية إليزابيث ريتشارد وبين قائد الجيش العماد جوزف عون وخصص لمناقشة مشروع حماية الحدود البرية. وأكد رامبلنغ، «دعْم المملكة المتحدة الثابت للبنان من خلال المشاريع الاجتماعية والاقتصادية والتعليمية والإنسانية المستمرة»، مشدداً على «أن الجيش يبقى المدافع الشرعي والوحيد عن لبنان».
إلى ذلك، يلتقي الرئيس ميشال عون الذي يزور موسكو، يومي 25 و26 الجاري، الرئيس فلاديمير بوتين الثلاثاء.