'اجراءات موجعة' تتحضر في القطاع العام والسلك العسكري... الشارع يتحرك اليوم والاجتماع الأمني يدرس الوضع

'اجراءات موجعة' تتحضر في القطاع العام والسلك العسكري... الشارع يتحرك اليوم والاجتماع الأمني يدرس الوضع
'اجراءات موجعة' تتحضر في القطاع العام والسلك العسكري... الشارع يتحرك اليوم والاجتماع الأمني يدرس الوضع

مع عودة النائبة ديما الجمالي الى تحت قبة البرلمان، طويت صفحة الانتخابات الفرعية في طرابلس، وعاد البحث في لبنان الى الوضع المالي والاقتصادي، ومتابعة كيفية الخروج من المأزق الاقتصادي، المتعلق بإنجاز "موازنة تقشف". وعلى الرغم من اجراءات التعتيم الكبيرة التي تحيط بها، خصوصاً لناحية ما يحكى عن "اجراءات موجعة" متعلقة بالتخفيضات على رواتب موظفي القطاع العام، بدءاً من سقوف وسطى وصولاً إلى السقوف العليا، فضلاً عن إجراءات تتعلق برواتب "كبار القوم" في السلطات العامة (رؤساء ونواب ووزراء) والموظفين الكبار في الهيئات والمؤسسات والرقابة المصرفية وحاكمية مصرف لبنان وغيرها.. أو نسب تخفيض العجز 1٪ أو 2.5٪، وارقام الموازنة.


اتفاق على خفض عجز الموازنة
في هذا الوقت يحيط الارباك بالموقف المالي، فبحسب "اللواء" فان الدولة تنتظر توجهات البنك الدولي، وصندوق النقد، ومرجعية "سيدر" فضلاً عن اجراء توافق سياسي، غير شعبوي يتعلق بنوعية الإجراءات وحجمها ومداها.

وفي هذا الإطار، عقد ليلَ أمس اجتماع في وادي أبو جميل ضمّ كلاً من الرئيس سعد الحريري والوزراء علي حسن خليل وجبران باسيل، والنائب جورج عدوان ومعاون الأمين العام للسيد حسن نصرلله الحاج حسين الخليل، للتداول في الموازنة والإجراءات التي يُحكى عنها وتأمين غطاء سياسي لما وصف بالقرارات الموجعة. لا أحد يعطي جواباً واضحاً حول ما يمكن أن يحصل. 

وبحسب "اللواء" ينتظر ان يباشر الرئيس الحريري لقاءاته مع ممثلي القوى السياسية خلال الأسبوع الطالع من أجل تأمين أكبر غطاء سياسي ممكن للتخفيضات في مشروع موازنة العام 2019، لا سيما تلك التي يمكن ان تطال الرواتب وتعويضات التقاعد والتقديمات التي يحصل عليها الموظفون، علما ان هذا الامر غير محسوم حتى الان، وكل ما يُقال هو مجرد تسريبات او مطالب تقدم بها بعض الاطراف السياسية.

وذكرت مصادر بيت الوسط لـ"اللواء" ان الرئيس الحريري باشر عملياً من مدة اتصالاته حول خفض ارقام الموازنة واتفق مع وزير المال علي حسن خليل على بعض الاجراءات التي ضمنها الخليل في مشروع الموازنة، لكن الامور لا زالت مطروحة للبحث ولا شيء محسوماً او نهائياً حتى الان، كما ان فريق عمل رئيس الحكومة الاقتصادي اجرى عدداً من اللقاءات مع بعض الاطراف للبحث في موضوع التخفيضات وسيواصل لقاءاته واتصالاته حول الموضوع.

اضافت المصادر: ان التسريبات والشائعات كثيرة حول النقاط التي سيطالها الخفض، لكن الثابت الوحيد هو الاتفاق على خفض عجز الكهرباء البالغ ملياري دولار اما باقي التخفيضات فبحاجة لبحث حتى لو اقترح وزير المال بعضها في مشروع الموازنة، والأكيد ان كل الاقتراحات قابلة للبحث، والمبدأ الاساسي الذي يعتمده رئيس الحكومة هو ان التخفيضات يجب ان يتوافر حولها توافق سياسي كامل بين كل الاطراف لأن الموضوع دقيق وحساس ولا يعني طرفا سياسيا واحدا، ومن هنا فإن اراء القوى السياسية متنوعة والبحث جارٍ عن توافق على نقاط مشتركة بين كل القوى السياسية، ليتسنى بعد التوافق طرح الموضوع على مجلس الوزراء في اقرب فرصة هذا الاسبوع او الذي يليه، بحيث يفترض إقراراها في مجلس النواب قبل نهاية ايار.
وفيما يتردد انه اتفاق بين الرؤساء الثلاثة على خفض العجز في الموازنة من خلال اجراءات عدة منها خفض الرواتب في القطاع العام ما بين 10 و20 في المئة على كل الرواتب التي تزيد على ثلاثة ملايين ليرة لبنانية ولمدة ثلاث سنوات بما يوفر على الخزينة مئات ملايين الدولارات، نقلت أوساط الرئيس نبيه بري عنه لـ"النهار" عدم تأييده الاقتراح. 

الاجراءات القاسية تطال المؤسسة العسكرية
في هذا الوقت، أكدت مصادر وزارية لـ"الأخبار" التوجه نحو "تدابير قاسية ستمسّ كل التقديمات الإضافية، ومنها:
- تشجيع الضباط والرتباء على أن يحصلوا على تعويضاتهم على شكل سندات خزينة بحجة أنها تدر عليهم فوائد عالية.
- وقف الترقيات إلا في حالة الشغور في ملاكات الرتب المنوي الترقية إليها.
- خفض عدد قسائم المحروقات التي يحصل عليها الضباط والمؤهلون أو إلغاؤها.
- خفض عدد السيارات الموضوعة بتصرف الضباط.
- خفض منح التعليم لأبناء الضباط والعسكريين بنحو 40 في المئة من قيمتها الحالية.
- إلغاء "التدبير رقم 3" الذي يمنح العسكريين والأمنيين 3 أشهر كتعويض عن كل سنة خدمة.
- إعادة النظر في كيفية احتساب الرواتب التقاعدية، للعسكريين والمدنيين.
- اما في المؤسسات والإدارة العامة، فيجري البحث في خفض رواتب كبار الموظفين، وتجميدها لسنيتن على الأقل.

ويُنقل عن مسؤولين عسكريين قولهم إن "العناصر ممنوعون من العمل خارج الدوام، وهم يعملون ساعات إضافية من دون مقابل"، وفي حال تمّ إقرار خفض الرواتب والتقديمات "فليُسحب الجيش الى الثكنات، وليُلزم العناصر بدوام كما هو الحال مع موظفي الدولة، على أن يسمح لهم بمزاولة مهنة ثانية خارج المؤسسة".

المجلس الأعلى للدفاع يبحث الوضع المالي
وفيما كان لافتاً دعوة المجلس الأعلى للدفاع للإنعقاد اليوم، علماً أن لا طارئ أمنياً يستدعي اجتماعه. سألت صحيفة "الأخبار" هل الموضوع يتعلق بملف ترسيم الحدود البرية والبحرية في النقاط المتنازع عليها بين لبنان والعدو الإسرائيلي، أم إن هناك قضايا أخرى كالنزاع بين بعض الامن وبعض القضاء على خلفية ملف الفساد في "العدلية"؟ ثمة من يقول إن الاجتماع يمكن أن يكون مرتبطاً بما يحكى عن سلسلة الرتب والرواتب وعن قرارات صعبة ستطال موظفي القطاع العام، وخاصة العسكريين والأمنيين الذين يشكلون الكتلة الأكبر من الموظفين والمتقاعدين، إذ علمت "الأخبار" أن كلام باسيل أحدث ضجّة كبيرة داخل المؤسسة العسكرية، وأن قيادة الجيش ترفض المس برواتب العسكر لكنها لا تمانع النقاش في الملحقات. 

وعلى خط مالي آخر، أوضحت مصادر رسمية ان الاجتماع المالي الذي سيعقد في قصر بعبدا ولم يتحدد موعده بعد، لا علاقة مباشرة له بموضوع الموازنة والإجراءات التي ستتخذ حولها، بل هو اجتماع مالي دوري للاطلاع على الاوضاع المالية والنقدية وبحث الاجراءات الممكن اتخاذها لمعالجة اية مشكلة، كما يهدف الاجتماع الى الاطلاع على حصيلة لقاءات الوزير منصور بطيش والنائب إبراهيم كنعان في واشنطن مع مسؤولي الكونغرس والبنك الدولي وصندوق لنقد الدولي حول السياسات المالية والاقتصادية التي يتبعها هؤلاء حيال الوضع في لبنان.

تخفيض الرواتب كلام؟!
في المقابل، قال مصدر مواكب للاتصالات لـ"الشرق الأوسط": "إن الكلام عن تخفيض الرواتب هو مجرد كلام غير مقترن بشيء عملي، لأنه إذا تقرر خفض الرواتب فهذا يعني أنه سيصار إلى اللعب بسلسلة الرتب والرواتب التي هي قانون، عندئذ نحن أمام طريقين؛ الأولى أن يرفع مجلس الوزراء مشروع قانون إلى مجلس النواب يطلب تعديلاً، أما الثانية فهي اقتراح نيابي من قبل أحد النواب إلى المجلس لإجراء التعديل"، لافتاً إلى أنه "في كلتا الحالتين هذا لم يحصل". وأضاف: "كل ما هو متداول الآن، مجرد كلام وأفكار وأشياء تطير في الهواء. كل مسؤول لديه رأي يطرحه".

واستدرك قائلاً: "إلا أنه من المؤكد والثابت هناك إعادة نظر ببعض المصاريف والتعويضات التي لا تحتاج إلى تعديل قوانين مثل الساعات الإضافية وبدلات السفر التي بوسع مجلس الوزراء اتخاذها من دون العودة إلى مجلس النواب والحد من المهمات في الخارج. وهناك مثلاً تدبير رقم 3 وإعادة النظر فيه للأسلاك العسكرية وحصرها بالأرض ميدانياً وليس الذين يعملون في المكاتب ويقومون بعمل إداري"، مشيراً إلى أن "الذين يستفيدون من تدبير رقم 3 كل الأسلاك العسكرية من دون استثناء".

وأشار إلى إلغاء بعض التعويضات المقررة عرفاً مثل الاستفادة المادية للمعين في لجنة. هذه التقديمات التي لا يلاحظها القانون أو التي لا تحتاج إلى قانون بل إلى مراسيم عادية تصدر عن مجلس الوزراء أو إلى مراسيم عادية تصدر بتوقيع رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة والوزير المختص.

ولفت إلى أن الحديث الآن عن خفض الرواتب واللعب بسلسلة الموظفين "ليس له أي مؤشر عملي حتى الساعة"، وأنه "مجرد كلام سواء كان الوزير باسيل أو سواه. إنهم يفكرون بما هو ممكن لكن حتى الساعة ليس هناك أي شيء مطروح".

واستبعد المساس بسلسلة الرواتب، لأن ردة الفعل السلبية ستكون قوية. أما المجالات الأخرى المتاحة فهي التعويضات، والتخفيف من الساعات الإضافية، وبدلات السفر وبعض المؤسسات التي رواتبها غير محددة بقوانين وبمراسيم متخذة في مجلس الوزراء مثل رواتب بعض الموظفين والبالغة قيمتها 20 أو 25 مليون دولار، إضافة إلى مصاريف النقل.

الشارع يتحرك اليوم
في الموازاة، تنطلق اليوم سلسلة تحركات لمواجهة خفض الرواتب في القطاع العام، وتنفذ رابطتا الاساتذة المتقاعدين في التعليم الثانوي والاساسي اعتصاماً في الحادية عشرة قبل ظهر اليوم في ساحة رياض الصلح بالتزامن مع انعقاد اللجان النيابية رفضا للمس بالرواتب. ودعت هيئة التنسيق النقابية الى المشاركة في الاعتصام محذرة من أي مس بقانون سلسلة الرتب والرواتب. أما رابطة الاساتذة المتفرغين في الجامعة اللبنانية، فأعلنت الاضراب الاربعاء 17 من الجاري والاعتصام في ساحة رياض الصلح مطالبة بدرجات ثلاث وزيادة خمس سنين على عدد سنين الخدمة ورفضا لتحميل المواطن مسؤولية الانهيار المالي والاقتصادي المتأتي من اجراءات خاطئة تتحمل مسؤوليتها السلطة السياسية.

وتداول ناشطون على مواقع التواصل الاجتماعي تسجيلين، قال انهما لعميدين متقاعدين، يدعوان من خلالهما العسكريين المتقاعدين ضباطاً ورتباء وأفراد إلى قطع الطرقات ابتداءً من غد في كل لبنان، لا سيما قطع طريق شتورا - بيروت، عند التاسعة والنصف، على ان يصطحب كل مشارك إطاراً مطاطياً.

تاريخ الفكرة ليس جديداً 
وزير الخارجية جبران باسيل الذي كان قد المح السبت الى موضوع خفض رواتب الموظفين، في خلال حولته في صيدا، كان غرّد قبل ذلك عن الموضوع من صربيا في 28 تشرين الثاني، داعياً الى إستنساخ التجربة الصربية بخفض الرواتب في القطاع العام، وإيقاف "الترف" الذي أنعمت الدولة به على موظفيها، عبر رفع رواتبهم بفعل إقرار قانون سلسلة الرتب والرواتب. ودعم الوزير رأيه بخروج صربيا من أزمتها الإقتصادية والمالية نتيجة خفضها الرواتب.

وأيده لاحقاً عضو "تكتل لبنان القوي" النائب ميشال ضاهر، الذي أوصى باتخاذ قرار "يحظى بغطاء من كل القوى السياسية، يقضي بتخفيض الرواتب". واعتبر انه في حال عدم الامتثال للرؤية، سيواجه لبنان النموذج الفنزويلي، ما يعني "ذوبان الرواتب والانهيار الشامل".

 

اشترك فى النشرة البريدية لتحصل على اهم الاخبار بمجرد نشرها

تابعنا على مواقع التواصل الاجتماعى