صقور واشنطن لم 'يهضموا' فكرة أن 'حزب الله' جزءٌ اساسي من النسيج اللبناني

صقور واشنطن لم 'يهضموا' فكرة أن 'حزب الله' جزءٌ اساسي من النسيج اللبناني
صقور واشنطن لم 'يهضموا' فكرة أن 'حزب الله' جزءٌ اساسي من النسيج اللبناني
كتبت  بولا مراد في "الديار": بدأ لبنان الرسمي يتلمّس طبيعة العقوبات التي تعتزم وزارة الخزانة الأميركية فرضها على "حزب الله"، من ضمن الحرب الاقتصادية التي تخوضها ضدّ إيران وحلفائها في المنطقة، بعدما أخفقت الحرب العسكرية في تحقيق أهدافها، ومن غير الواضح ما إذا كانت شظايا العقوبات ستطال مؤسسات رسمية لبنانية، رغم إعطائها ضمانات بأن الإجراءات القاسية تستثني المصارف والمؤسسات البعيدة عن المنظومة المالية للحزب، وشخصيات سياسية متحالفة معه. 

بالطبع ستكون للوفد الوزاري والنيابي اللبناني العائد من واشنطن، لقاءات مع القيادات السياسية وحاكم مصرف لبنان رياض سلامة، لاطلاعهم على فحوى المحادثات التي أجراها في الولايات المتحدة، ومدى نجاح هذه المحادثات في التخفيف من وطأة العقوبات قبل صدورها بقانون، لكنّ المعلومات تفيد بأن لبنان بات مستعداً للتعاطي معها، ولاتخاذ قرار يفضي الى مواجهة هذه العقوبات التي ستفرض على الحزب، من دون أن تعني هذه المواجهة قطيعة مع واشنطن، بقدر ما يعني منعها من الاستفراد بأي طرف لبناني، وتحديداً حزب الله، كيلا يطبّق علينا المثل القائل "أُكلت يوم أكل الثور الأبيض". 

ويتحرّى لبنان الرسمي ما تحمله رزمة العقوبات الأميركية عبر قنوات متعددة، إذ أفادت مصادر ديبلوماسية، أن "العقوبات مرشحّة لتأخذ منحى تصاعدياً، وتهدف الى عزل الحزب وإحداث شرخ بينه وبين قاعدته الشعبية، وفكّ اندماجه بالدولة اللبنانية"، مشيرة الى أن "قائمة العقوبات ستترجم ما حمله وزير الخارجية مايك بومبيو في حقيبته خلال زيارته الى بيروت، وهي خلق قناعة لدى الشارع اللبناني بأن حزب الله بات يشكل عبئاً على الشعب اللبناني ككل". 

في هذا الوقت، كشفت مصادر الوفد اللبناني الى واشنطن، أن "أعضاء الوفد سمعوا كلاماً صريحاً يعبّر عن عدائية واضحة ضدّ الحزب، وأن المسؤولين الأميركيين الذين تم الاجتماع بهم، أبلغوا الجانب اللبناني أن الإدارة الأميركية لا تريد كلاماً يبرر هيمنة "حزب الله" على الدولة، وأن مقولة أن الحزب جزء أساسي من النسيج اللبناني، وأحد أبرز مكونات المجتمع اللبناني، لا يمكن تسويقه لدى الرئيس دونالد ترامب". وأوضحت أن الأميركيين "متفقون مع حلفائهم في المنطقة خصوصاً مع المملكة العربية السعودية ودول الخليج على تضييق الخناق الاقتصادي على إيران وأذرعتها العسكرية لا سيما "حزب الله". 

وبموازاة الموقف السياسي البالغ الخطورة، استشفّ الوفد اللبناني، بعضاً من قائمة العقوبات التي ستطال بالإضافة الى شخصيات ومتمولين قريبين من الحزب، قطاعات تعليمية وصحية ومؤسسات اجتماعية، ستترك أثراً سلبياً ليس على الحزب وبيئته، بل على جزء كبير من المواطنين، في مقابل ضمانات أكيدة، بأن العقوبات لن تطال شخصيات سياسية حليفة للحزب، ولن تلحق أي ضرر بالمصارف اللبنانية، باعتبار أن الأميركيين حريصون على الاستقرار السياسي والنقدي، لا سيما وأن القطاع المصرفي يشكّل العمود الفقري للاقتصاد في لبنان، وكشفت مصادر الوفد، بأن "لا أساس من الصحة للمعلومات التي تمّ تداولها عن وضع الرئيس نبيه برّي ضمن قائمة العقوبات". وشددت على أن "الجانب الأميركي أشاد مرات عدّة بالدور الذي يؤديه برّي داخل التوازنات السياسية في لبنان، وأن رئيس البرلمان اللبناني لم يكن يوماً موضع شبهة عند الأميركيين وحلفائهم الأوروبيين»، مشيرة في الوقت نفسه الى أن «الدعم الأميركي للجيش اللبناني سيكون مطلقاً، ولن يتبدّل إزاء أي معطى أو متغيّر يطرأ على المشهد اللبناني". 

ووفق تقديرات زوّار واشنطن فإن "أولوية الإدارة الأميركية بعد إلغاء الاتفاق النووي هو مواجهة إيران في كلّ الساحات، وتضييق الخناق على حزب الله، وعدم الفصل بين جناحيه السياسي والعسكري"، مؤكدة أن "الصقور في إدارة ترامب، وعلى رأسهم مستشار الأمن القومي جون بولتون، يؤكدون على أن أميركا أوقفت العمل بالعدّة القديمة وانتهت من موروثات إدارة باراك أوباما التي غضّت الطرف عن المشروع الايراني، وبدأت العمل بعدّة شغل جديدة، تترجم تبدل السياسات الأميركية والأوروبية، خصوصاً مع لندن التي حذت حذو واشنطن في عدم التفريق بين حزب الله السياسي والعسكري، بعد الدور المتنامي له وتحوّل الحزب الى قوّة كبرى، ذات نفوذ قوي على الساحات الإقليمية". 

من جهتها، أوضحت مصادر سياسية حليفة لـ حزب الله أنها "لن تفاجأ بأي شيء يصدر عن الأميركيين، لكن قراراتهم لن تفلح في خلق شرخ داخلي". وأكدت أن "القيادات اللبنانية قادرة على تخطّي هذا الامتحان بمسؤولية كبيرة، لأن كلفة مواجهة العقوبات الأميركية على قساوتها، أقلّ بكثير من كلفة المواجهة الداخلية"، معتبرة أن "دعوة الولايات المتحدة لإقصاء "حزب الله" وحلفائه، يفتح باباً للفتنة الداخلية، لأنه لا يمكن سلخ نصف اللبنانيين عن النصف الآخر".
 

 

اشترك فى النشرة البريدية لتحصل على اهم الاخبار بمجرد نشرها

تابعنا على مواقع التواصل الاجتماعى