وألقى جعجع كلمة قال فيها: "نلتقي اليوم هنا كما في كل سنة، لا لنحيي ذكرى المجازر فحسب، بل لنجدد الولاء للقضية الأرمنية والقضية السريانية والأشورية والكلدانية التي لم تمت ولن تموت، رغم السنين والعقود". وتوجه الى شهيد المجازر بالقول: "أما أنت يا شهيد المجازر فنم قرير العين، فأنت لم تعد ملك شعبك فقط، بل شهيد كل الشعوب وكل الإنسانية، والبشرية جمعاء. نم قرير العين يا شهيد المذابح والظلم والقهر والتجويع من أرمينيا الكبرى الى لبنان الكبير وما بينهما، فالذين يتابعون مسيرتك حراس ساهرون مؤتمنون على إرثك وتضحياتك ونضالك، وما رح ينعسوا الحراس".
وتابع: "إن قضية الشعوب الأرمنية والسريانية والأشورية والكلدانية لم تبدأ اواخر القرن التاسع عشر وتنته في اوائله فحسب، وإنما هي بدأت مع قايين وهابيل، واستمرت مع كل كرامة إنسانية منتهكة وكل حق مغتصب وكل حرية مسلوبة. وإن مقاومة هذه الشعوب المشرقية لا تنحصر عند حدود المجازر الأرمنية ومجازر سيفو فحسب، بل تشمل كل شعب مضطهد ومظلوم في كل مكان وزمان".
وأردف: "صحيح أن وحشية السلطنة طالت الأرمن والسريان والأشوريين والكلدان بشكل أساسي، لكنها لم توفر في طريقها القوميين العرب والشعوب العربية واللبنانيين، فتساوى الجميع، مسلمين ومسيحيين، في المظلومية. من أرمينيا الى لبنان مرورا بسوريا، إنسان واحد، معاناة واحدة، قضية واحدة. صحيح أن العدالة بمفهومها القضائي والسياسي لم تتحقق لكم بعد، إلا أن بعضا من حقوقكم المعنوية قد وصلكم بمجرد أن شعوبا وأمما بأكملها، ومنها الشعب اللبناني، قد تبنى قضيتكم وتضامن معكم وآمن بأحقية ومشروعية أهدافكم. إن بعضا من حقوقكم المعنوية قد وصلكم ايضا، بمجرد أن شعوبا وأمما وسياسات دولية تعامت عن آلامكم وصمت آذانها عن اوجاعكم، وعادت وأقرت بحقوقكم المشروعة في النهاية".
وتطرق جعجع إلى الأوضاع العامة فقال: "ليس بالسيف وحده يموت الإنسان، بل بكل عمل يؤدي الى إضعاف دولته، وبالتالي وجوده. إن هذه المرحلة الدقيقة تتطلب الابتعاد عن سياسة المحاور وسياسة التفرد في اتخاذ القرارات خارج الإجماع الحكومي. إن مصادرة القرار الاستراتيجي للدولة تؤدي في نهاية المطاف الى خراب البصرة. إن إغراقها بمئات الآلاف من النازحين يؤدي الى تذويبها. إن سوء إدارة الدولة يؤدي إلى فقدانها لمناعتها واهترائها. إن انتشار الفساد، لا سيما على المستويات السياسية في الدولة، يعطل الدولة وينهش لحم مواطنيها. ونحن في لبنان وللأسف نعيش هذه الظواهر ونعاني منها كلها".
وتابع: "نحن في القوات اللبنانية واعون تماما لهذا الواقع الأليم، وسنكمل صراعنا ضد تلك الأمراض كلها حتى النهاية. لن نتراجع أمام اي تهديد، وسنكمل ولو بقينا وحدنا. لن نستكين قبل بلوغ الهدف المنشود: دولة لبنانية بكل ما للكلمة من معنى، بيدها وحدها قرار السلم والحرب. جمهورية قوية. قوية بحسن إدارتها ونظافة مسؤوليها. جمهورية بتصرف شعبها، تسهر على مصالحه، على أمنه، على مستقبل أولاده، لا جمهورية شكلية تسلم قرارها للآخرين، ينخرها الفساد، ويعشعش في زواياها الفشل. ولكي نبلغ الهدف المنشود، نحتاج إلى مساعدة جميع اللبنانيين، فالسعي نحو جمهورية فعلية قوية هو سعي وطني جامع شامل، وليس هدفا حزبيا ضيقا".