وفي هذا السياق، ترى أكثر من جهة سياسية، بأن هذه المواقف تصبّ في خانة الموقف السياسي، ولكن الجميع في الوقت عينه يقرّ بصعوبة إنجاز الخطة، حالها حال معظم المشاريع والخطط الموضوعة على بساط البحث، والبعض الآخر قيد التنفيذ، في حال توفّرت الأموال اللازمة. ولكن ما هو مؤكد، أن ثمة أجواء تشير إلى إعادة صياغة التحالفات بين معظم الأفرقاء، ولا سيما من قبل سيد المختارة، حيث يسود الفتور علاقته بالرئيس سعد الحريري، إنما هذه العلاقة مستقرّة، والإنتقادات غائبة كلياً حتى عن تغريدات جنبلاط، الذي كان ولطالما يوجّه بين الحين والآخر غمزاً ولمزاً حيال رئيس الحكومة وفريقه السياسي، ومردّ هذا الهدوء، التمنيات من المملكة العربية السعودية بضرورة عدم خروج الأمور عن مسارها، ولكن يظهر أن بعض المحطات التي حصلت مؤخراً، ولا سيما اللقاء المالي الذي عقد في السراي بدعوة من رئيس الحكومة، لهو دليل على هذا الفتور، بعدما استثنى الحريري وزراء الحزب الإشتراكي عن المشاركة في هذا اللقاء، مما ولّد استياءً لدى جنبلاط.
من هذا المنطلق، تتّجه معظم القوى السياسية في هذا التوقيت بالذات، إلى إعادة قراءة متأنية لتحالفاتها على ضوء ما يحصل حالياً من تدهور مريع على المستويات الإقتصادية والمعيشية، والمخاوف من إعادة تحريك الشارع بشكل مغاير عن المراحل السابقة، ولذا، فإن الحزب التقدمي الإشتراكي بدأ يستعيد حراكه المطلبي والنضالي على المستوى النقابي والطالبي، إلى تواصل مع كل النقابات والإتحاد العمالي العام، ولهذه الغاية، لا يمكن لجنبلاط أن يغامر في رصيده الشعبي ويماشي رئيس الحكومة، حيث كلاهما من مدرسة إقتصادية مختلفة بشكل كبير، وبناء عليه، يبدو أن التوافق والتنسيق بين الكتائب والإشتراكي يسلك طريقه في إطار التوافق بينهما على مجمل الملفات، وثمة معلومات عن لقاء قريب قد يجمع قيادتي الحزبين، وذلك استكمالاً للقاءات السابقة الهادفة لمتابعة الملفات الإقتصادية والمالية، وعلى هذا الأساس من غير المستبعد أن يلجأ الحزب الإشتراكي إلى الطعن بخطة الكهرباء أيضاً بالتنسيق مع حزب الكتائب، وربما قوى سياسية وحزبية أخرى من خلال تجمع سياسي معارض للواقع الحالي، وإن نأى بنفسه الحزب الإشتراكي عن الدخول في معارضة للحكومة باعتباره مشاركاً بها، وبمعنى آخر أن لديه ظروفاً وخصوصية تدفعه للتوازن بين المعارضة الهادئة والهادفة، وتنشيط العمل الحكومي، من دون أن يكون هناك أي استهداف للحزب لها ولرئيسها، ولكن ينقل عن معظم نواب ووزراء الإشتراكي، بأنهم لن يسكتوا لا في مجلس الوزراء ولا في المجلس النيابي، عن أي ارتكابات وتمريرات من أي كان.