أخبار عاجلة

قصة 'أكل العنب وقتل الناطور'... من الألف إلى الياء!

قصة 'أكل العنب وقتل الناطور'... من الألف إلى الياء!
قصة 'أكل العنب وقتل الناطور'... من الألف إلى الياء!
غالبًا ما نردّد الامثال الشعبية في غير أمكنتها الصحيحة، وهي التي جاءت نتيجة خبرات طويلة، وإستنادًا إلى سلسلة من التجارب، قبل أن تصبح في متناول الجميع كمرجعية في تحديد الأوضاع الإجتماعية يمكن الركون إليها في المحطات الهامة التي تمرّ بها الشعوب، من دون أن يعني ذلك أن تطبيق هذه الأمثال جائز في كل الظروف وعند تشابه وقائعها مع ما سبق أن إختبره من سبقنا، قبل أن تصبح معمّمة، فائدة وعبرة.

ولطالما سمعنا البعض يردّد هذه الأمثال من دون التأكد من مطابقتها للواقع، الذي قد تكون ظروفه غير متطابقة مع الظروف التي أملت إنتشار هذه الأمثال. ومن بينها ما يتردّد على لسان البعض، الذي يحاول إظهار حسن نواياه من أي مسألة مطروحة على بساط البحث، عندما يقول إنه يريد أكل العنب وليس قتل الناطور.

من حيث المبدأ هذا المثل جيد وفيه من الاشياء الكثيرة، التي تعكس إرادة صلبة في تسهيل الأمور، وعدم التوقف عند بعض التفاصيل التي من شأن إثارتها الحؤول دون التمكّن من أكل العنب أو حتى الوصول إلى السياج الذي يفصل الكرم عن الطرقات العامة.

فإذا أراد أي شخص أن يقطف العنب المتدلي من الدوالي فعليه إستئذان الناطور لكي يسمح له بتجاوز السياج، وبالتالي يصبح الوصول إلى العنب أمرًا مستحيلًا والإستمتاع بمذاقه الطيب، إن لم يتم إرضاء الناطور، الذي يقيمه سيده لحراسة كرمه.

ولكي يتم تجاوز الناطور هناك طريقتان لا ثالث لهما. الأولى أن يكون بين قاصد الكرم وبين الناطور إما صلة قربى، وإما أن تكون بينهما معرفة مسبق، أو مصالح مشتركة.

أما الطريقة الثانية فتكون بـ"برطلة" الناطور حتى يسمح لأي متطفل بالدخول إلى الكرم وقطف ما يحلو له من العنب.

أما الطريقة الثالثة، وهي خارج السياق المنطقي للأمور، فتقوم على التسبب بأذية الناطور حتى الموت، وهي طريقة تحرمّها الشرائع والنواميس والقوانين، وتستوجب على من يقوم بها سوقه إلى المحاكم ليدفع ثمن فعلته.

في الحالة الأولى يؤكل العنب من قبل الغرباء من دون أن يُدفع ثمنه لصاحب الكرم، وبذلك ينطبق على الناطور المثل الشعبي: "حاميها حراميها"، وهذا ما يمكن تطبيقه في حالة "البارطيل"، فيكون الناطور قد أثبت أنه غير جدير بثقة أصحاب الكرم، وهو بالتالي لا يستأهل أن تولى إليه أي مسؤولية، أيًا كان نوعها أو مستواها.

لذلك يصبح قتل الناطور من الأشياء المحرّمة قانونًا وشرعًا، ولكنها على رغم ذلك تحصل عندما يكون القصد إستهداف من وراء الناطور، وهنا ندخل في دوامة الأهداف غير المحدّدة لمن يقصد النيل من صاحب الكرم وليس من الكرم بحدّ ذاته.

ما حصل مؤخرًا في خطة الكهرباء وفي موضوع السير في إقرار الموازنة في مجلس الوزراء هو نوع من أنواع أكل العنب ليس إلاّ، أيًا تكن المبررات والوسائل، لأن خطة قتل الناطور لا تدخل في حسابات التسويات، التي تفترض أن يكون طرفا الحلقة المفرغة متفاهمين على كل التفاصيل قبل طرحها، وقبل إقرارها.

اشترك فى النشرة البريدية لتحصل على اهم الاخبار بمجرد نشرها

تابعنا على مواقع التواصل الاجتماعى