الاستراتيجية الدفاعية ولازمة ربط النزاع

الاستراتيجية الدفاعية ولازمة ربط النزاع
الاستراتيجية الدفاعية ولازمة ربط النزاع
صحيح أن المنطقة ليست ذاهبة نحو تحولات عسكرية، لكن وسط زخم  التطورات الاقليمية والدولية، تبقى المقاربة المعمقة للاستراتيجية الدفاعية في لبنان محط خلاف داخلي مرتبط بتوجهات المجتمع الدولي الذي ينتظر من لبنان معالجة هذا الملف، خاصة بعد مشاركة "حزب الله" في الحرب على الارهاب في سوريا.

في مؤتمر روما في آذار العام 2018، التزم لبنان الرسمي بشخص رئيس الحكومة سعد الحريري بحث الاستراتيجية الدفاعية، بعدما كان رئيس الجمهورية العماد ميشال عون أكد حينذاك من بعبدا قبل أيام من المؤتمر أن الاستراتيجية الدفاعية الوطنية ستكون موضع بحث بين القيادات اللبنانية بعد الانتخابات النيابية.

بالأمس ظن كثيرون أن كلام وزير الدفاع الوطني الياس بو صعب من الجنوب حول أن الإستراتيجية الدفاعية تبحث حين تزول الأخطار الإسرائيلية، ليس سوى نعي لمبادرة بعبدا، من دون أن يتطلع هؤلاء إلى أن بوصعب ينتمي الى حصة رئيس الجمهورية على الصعيد الوزاري، وأن كلام وزير الدفاع لم يات من عبث، فهو أسوة بالرئيس عون والكثير من الفرقاء السياسيين يعون جيداً أن التوقيت لم يحن بعد لطرح هذا الملف، على رغم أن الوزير العوني، عاد وأعلن عن مبادرة لرئيس الجمهورية لجمع الفرقاء اللبنانيين قريبا إلى طاولة حوار لمناقشة استراتيجية الدفاع الوطني.

لا شك في أن "التيار الوطني الحر" يتبنى حصر السلاح بيد الدولة، لكنه في الوقت عينه مقتنع بأنه لا يمكن حصر السلاح راهناً طالما هناك حرب على حدودنا واسرائيل تواصل خروقاتها وانتهاكاتها، وبالتالي فإن الاعتداءات الإسرائيلية تقف عائقا أمام بند الاستراتيجية، في ظل انعدام التوافق السياسي حول ماهيتها وحول الهدف منها وانقسام القوى حيال مفهوم الدولة وسيادتها، وسبل مواجهة العدو.

في المقابل، فإن حزب "القوات اللبنانية" يرد مواقفه من كلام وزير الدفاع، إلى تمسكه بمنظومة مبادىء وثوابت وطنية تتعلق بمركزية الدولة في الدفاع عن لبنان في وجه أي أطماع أو احتلال، وحصرية السلاح بيد الجيش. لتبقى الدعوة إلى طاولة حوار، بهدف إقرار الاستراتيجية الدفاعية لتستعيد الدولة من خلالها قرار الحرب والسلم، بيد الرئيس عون، تقول مصادر معراب لـ"لبنان24".

وإذا كانت الحكومة تضم كل المكونات السياسية وفي طليعتها "حزب الله"، فان أي قرار دفاعي عن لبنان هو ملك الحكومة التي تجسد وتمثل كل الافرقاء من دون استثناء، تقول المصادر نفسها. فلا يجوز لأي طرف في لبنان أن يتفرد في قرار بهذا الحجم، لا سيما أن التسوية السياسية خلصت إلى استبعاد  الملفات الخلافية عن النقاش لتضارب الرؤى حيالها، والذهاب نحو معالجة الأمور المتعلقة ببناء الدولة ومحاربة الفساد ووضع المالية العامة على السكة الصحيحة. ومن هذا المنطلق لا يجوز لهذا المكون أو ذاك إثارة قضايا خلافية إن كان من قبيل التطبيع مع سوريا أو سلاح "حزب الله"، تشدد المصادر القواتية نفسها.

أما على خط 8 آذار، فالواقع ليس كذلك. فلا تطور داخلياً حقيقياً يوحي بأن ملف الاستراتيجية الدفاعية يشكل أولوية تفرض مناقشتها بأسرع وقت. فلا جهوزية عند أصحاب الشأن، خاصة الرئيس عون المعني الأول بطرح هذا الموضوع في ظل السياسة الأميركية – الإسرائيلية، وربما أتى على ذكره في خطاب القسم كعنوان انسيابي ضمن مساحة أولويات طويلة؛ مع الاشارة هنا إلى أن "حزب الله"  متمسك بطرح الاستراتيجية الذي قدمه في العام 2006 أمام هيئة الحوار في مجلس النواب ومستعد للذهاب إلى أي جلسة حوار في هذا الشأن بملف كامل خلاصته تثيبت معادلة "الجيش والشعب والمقاومة".

ولا يخفى أن الإدارة الاميركية هي الآن في ذروة التصعيد ضد "حزب الله"، ما يعني بحسب مصادر 8 آذار لـ"لبنان24"، أن طرح الاستراتيجة الدفاعية افتراضيا في الداخل يعطي إشارة غير سليمة تجاه "حزب الله"، وكأنه انسجام مع ضغط الرئيس دونالد ترامب تجاه الحزب ربطا بالضغط  الأميركي الاقتصادي على إيران وسوريا، وبقرار ترامب الاعتراف بسيادة إسرائيل على الجولان المحتل والقدس المحتلة، وما يُعرف بـ"صفقة القرن".

وتأسيسا على ما تقدم، فإن رمي "قنبلة" الاستراتيجية الدفاعية بين الفينة والأخرى هو لازمة تخدم الحد الأدنى من الانسجام الوطني والحد الأدنى من ربط النزاع، وتخدم خطاب لبنان مع الأمم المتحدة والمجتمع الدولي، في ظل استراتيجية ترامب التي تطرح الكثير من التحديات.

اشترك فى النشرة البريدية لتحصل على اهم الاخبار بمجرد نشرها

تابعنا على مواقع التواصل الاجتماعى