مطلوب موازنة 'روبنهودية'

مطلوب موازنة 'روبنهودية'
مطلوب موازنة 'روبنهودية'
لم يبق مواطن في لبنان، إلى أي فئة وظيفية إنتمى، إلاّ ونزل إلى الشارع دفاعًا عن حقوقه ومكتسباته، التي احسّ أن جزءًا منها "ستأكله" موازنة "الفقراء"، كما يسمّيها الذين يرون فيها موازنة غير "روبنهودية"، أي أنها تأخذ من الفقير ومن موظفي الدخل المحدود لتغطية عجز الدولة، التي أوصل المسؤولون فيها البلاد إلى ما وصلت إليه من أوضاع إقتصادية ومالية لا تُحسد عليها.

فلو طبّقت الدولة مبدأ العدالة الإجتماعية، كما في سائر الدول المنتظمة، عن طريق ما يُعرف بالضريبة التصاعدية، لما كانت كل هذه الضجة ولما كانت كل تلك الفوضى، التي تحتاج إلى ما يشبه الأعجوبة للخروج من عنق الزجاجة ومن الأزمة الخانقة، التي تلف خيوطها على رقاب الجميع.

فالضريبة التصاعدية تعني إقتطاع جزء من مدخول كل مواطن على قدر ما يكسبه، إذ أنه من غير المنطقي أن تُحسم نسبة مئوية من راتب الذين يتقاضون الحدّ الأدنى للإجور مثل الذين يتقاضون رواتب عالية، مع ما يرافق هذه العملية من شعور بالغبن لدى شريحة واسعة من المواطنين، وهي ما باتت تُعرف بالطبقة التي تلامس خط الفقر بعدما تقلصّت الطبقة المتوسطة، التي كان يُعّول عليها في الحركة الإقتصادية الطبيعية.

هذا مثل من بين مئات الأمثلة والخطوات، التي كان يُفترض بالدولة أن تقوم بها على مرّ العهود، من أجل تحصين المؤسسات، التي بدأت بالإنهيار، الواحدة تلو الأخرى، ومن بين هذه الخطوات على سبيل التذكير، منع التهرّب الضريبي، حيث تبيّن أن الخزينة تُحرم سنويًا بما يقارب الأربعة مليارات من الدولارات، فضلًا عمّا تتكبده من خسائر نتيجة دعم مؤسسة كهرباء لبنان، والتي تُقدّر بنحو ملياري دولار، إضافة إلى الهدر الحاصل نتيجة عدم ضبط حركة الجمارك، ويُحكى عما يقارب المليار دولار، تزاد عليها الضريبة العادلة على الأملاك البحرية، وإستئجار مبانٍ بمبالغ خيالية لبعض الوزارات والإدارات العامة.

فلو أحسنت الدولة إدارة هذه المرافق بشفافية وحزم لكان العجز اليوم يعادل الصفر، مع ما يمكن أن تساهم به المصارف من تحمّل جزء من فوائد الدين العام، تضاف إليها ما يمكن إعتماده من خطط واعدة في مجال تنشيط الحركة السياحية، من خلال إشاعة أجواء مطمئنة، سياسيًا وأمنيًا، تساعد على أن تكون مواسم الإصطياف مزدهرة، بعدما رفعت المملكة العربية السعودية حظر رفع سفر رعاياها إلى لبنان، وهذا ما ستفعله دولة الإمارات العربية ودولة الكويت قريبًا.

عود على بدء، وهذا ما يجمع عليه الذين نزلوا إلى الشارع، ليس حبًّا بالتظاهر والإضرابات، بل من أجل إيصال الصوت، الذي يعبّر عن الم ما وعن هواجس وقلق من المستقبل وعليه، وكخطوة متقدمة وإحترازية، خوفًا من أن تطال موسى "التقشف" الصغير قبل الكبير، وقبل الذهاب إلى مواجهة قد تكون حتمية بين السلطة وشعبها، وهي بدأت في أكثر من مكان، بدءًا بالإضرابات التي تراجعت وتيرتها نسبيًا ووصولًا إلى التوتر العالي بين الأهالي والسلطة في منطقة المنصورية.

 

اشترك فى النشرة البريدية لتحصل على اهم الاخبار بمجرد نشرها

تابعنا على مواقع التواصل الاجتماعى