أخبار عاجلة

جلسات أخيرة للموازنة على وقع غليان الشارع... والملفات الخلافية على الطاولة اليوم

جلسات أخيرة للموازنة على وقع غليان الشارع... والملفات الخلافية على الطاولة اليوم
جلسات أخيرة للموازنة على وقع غليان الشارع... والملفات الخلافية على الطاولة اليوم

اقتربت المناقشات في موضوع الموازنة الى الخط النهاية، الملتهب، والمتعلق بالرواتب والتقديمات والمساعدات وصناديق التعاضد، بعد ان تمّ ترحيل هذه البنود جميعها الى الجلسات الأخيرة. فاليوم وبالتزامن مع البحث في موازنات الوزارات، يبحث مجلس الوزراء في تخفيض مساهمة الدولة في كل الصناديق والمجالس كمجلس الإنماء والاعمار وصندوق المهجرين، ومجلس الجنوب، وصولاً إلى الهيئة العليا للإغاثة.


وفي ضوء ما ستسفر عنه قرارات الحكومة اليوم، التي لا تعبأ كثيراً بما يجري في الشارع، يتضح ما إذا كان ثمة قرار يتخذ بعقد جلسة بعد غد الأحد لإنجاز التخفيضات والتعديلات في الأرقام والأبواب، بما في ذلك دفع الضريبة على فوائد الودائع المصرفية إلى حدّ لا يقل عن 8٪ ولا يتجاوز الـ10٪، ويضخ مثل هذا الاجراء ما لا يقل عن مليار و200 مليون دولار أميركي لخزينة الدولة، والبحث أيضاً في امكانية تخفيض رواتب الموظفين وتعويضات السلك العسكري.

جلسة حامية اليوم
اذاً، بدأت ملامح مشروع موازنة 2019 بدأت ترتسم مع وصول المناقشات فيه إلى الأمتار الأخيرة، قبل اقراره في الجلسة الأخيرة لمجلس الوزراء والمتوقعة مطلع الأسبوع المقبل، ومن ثم احالته إلى المجلس النيابي لدراسته وانجازه بصيغته النهائية في قانون، وقد بدأ الملف يدخل في مرحلة حسّاسة بالتوازي مع عودة تحرك العسكريين المتقاعدين.

واستبعد عدد من  الوزراء ان تكون جلسة اليوم  هي الجلسة ما قبل الاخيرة والتي من المقرر ان تعقد في قصر بعبدا، بعد ان كانت التوقعات تشير إلى أن جلسة اليوم ستكون الجلسة الحاسمة والاخيرة قبل الاقرار، مع العلم ان الرئيس الحريري يصر على الانتهاء من دراسة المشروع هذا الأسبوع، ولهذا تقرر تمديد الجلسات المفتوحة، بحيث تكون هناك جلسات يومي السبت والاحد، بحسب ما أعلن وزير الاعلام جمال الجراح.

ماذا أقرّ في جلسة الأمس
أمس، لم تشهد أي نقاشات جدية في القضايا العالقة، بل تركّزت على موازنات الوزارات والإجراءات المطلوبة لخفض "النفقات التشغيلية". وفي هذا السياق، قدم الفريق الاستشاري للرئيس سعد الحريري دراسة تفترض إمكان خفض ما بين ألف و1200 مليار ليرة من مشروع الموازنة. هذا المبلغ بدا خيالياً، خاصة أن المشروع المنجز من قبل وزارة المالية، سبق أن خفض هذه النفقات بنسبة كبيرة. وبنتيجة النقاش، تقرر أن يعود كل الوزير إلى جلسة اليوم حاملاً معه اقتراحاته لخفض النفقات في وزاراته. 

ومن هنا، تركز النقاش حول ارقام موازنات الوزارات حيث كان هناك تخفيض ملموس له بحدود 20%، كما وضع  بند الرواتب جانبا بإنتظار اقتراحات جديدة يقدمها الوزراء يمكنها ان  تزيد الدخل وتقلص النفقات  لا سيما ان التوجه العام هو بضرورة اجراء تخفيضات.

وكشفت المصادر الوزارية ان المجلس لم يناقش في الجلسة موضوع تخفيض رواتب السلطات العامة مع العلم ان هناك توجها ايجابيا  على رغم معارضة بعض الوزراء.

وعلم انه تم الاتفاق على تخفيض مساهمات الدولة في كل الصناديق والمجالس كمجلس الانماء والاعمار، صندوق المهجرين، مجلس الجنوب، المجلس الاقتصادي الاجتماعي ومعهد البحوث العلمية والمجلس الاعلى للخصخصة و"اليسار" و"ايدال" و"الهيئة العليا للاغاثة"، نسبة 10 في المائة، فيما اقترح وزير الشؤون ريشار قيومجيان الغاء موازنة المجلس الاعلى اللبناني- السوري، فعلّق الوزير وائل ابو فاعور بأنه يرفض إلغاء هذا المجلس لكنه يقترح تحويل موازنته الى الحكومة السورية.

كما اوضحت المصادر لـ"اللواء" ان مجلس الوزراء وافق على وقف الخطوط الهاتفية المجانية الموضوعة تحت ادارة المؤسسات العامة وهي بحدود 5000 الاف خط مجاني كانت تستخدم في الوزارات والإدارات العامة، وتقرر تحويل فواتيرها الى حسابها الخاص، خلال شهرين، بعدما كانت قيمتها السنوية تصل الى مليوني دولار.

وعلمت "النهار" ان خفض التقديمات المدرسية نوقش طوال ساعتين وتقرر اعتماد مبدأ العدالة والمساواة بتوحيدها وخفضها الى الحد الأقصى، وكلف وزير التربية أكرم شهيب بالعودة الى مجلس الوزراء في جلسته اليوم بدراسة أولية واضحة لهذه التخفيضات.

وقالت المصادر الوزارية انه لم يتم التطرق الى البنود الاشكالية التي كان علق بتها، مثل خفض مخصصات ورواتب السلطات العامة والذي لم يحصل على تأييد كل القوى السياسية، وزيادة الضريبة على فوائد الودائع في المصارف التي حازت موافقة مبدئية من المصارف ومن كل القوى السياسية.

واكدت المصادر ان هذه الإجراءات باتت بحكم المقرة، حتى ان المصارف ستساهم في خفض العجز من طريق اكتتابها بسندات خزينة بواحد في المئة.

ماذا على طاولة مجلس الوزراء اليوم؟
كل البنود الجدية في مشروع الموازنة رُحّلت إلى اليوم. ولأنها كثيرة ومتشعبة، فإن إقرار المشروع قد رُحّل بدوره، ولعل أبرز البنود العالقة الاقتطاع من رواتب وأجور وتعويضات القوى العسكرية والأمنية وموظفي القطاع العام، وزيادة الضريبة على فوائد الودائع المصرفية...

وذكرت مصادر وزارية ان البحث بمشروع الموازنة اصبح في نهاياته، وسيتابع المجلس البحث اليوم في هذه البنود، لا سيما رفع الضريبة على فوائد المصارف برغم إعتراض وزير الطاقة محمد شقير، فيما ايده وزراء "القوات اللبنانية" شرط ان تكون من ضمن سلة اصلاحات متكاملة. وتأجل البت بالبنود المعلقة مرة جديدة الى جلسة اليوم، خاصة بند التخفيضات للموظفين وللقطاعات العسكرية والامنية، بعدما يعود وزيرا الدفاع والداخلية بتقارير مفصلة عن التخفيضات التي اقترحتها قيادتا الاسلاك.

ولخص مصدر وزاري لـ "اللواء" جو النقاش بأنه "تركز على موضوع موازنات الوزارات ليس إلاّ، ولا صحة لما تردد في الاعلام عن اقرار بندالضريبة على الودائع او غيره، فكل المواضيع الخلافية لم تُطرح للبحث جديا وتفصيليا، ولم يُتخذ اي قرار، باستثناء بحث نفقات الوزارات والاتفاق على ان يعد كل وزير جدولا بالتخفيضات الممكنة في وزارته للوصول الى خفض بقيمة 1200 مليار ليرة. وهذا امر تقني بحت ولذلك طال النقاش فيه الى جانب بحث قضايا تقنية اخرى مثل تخفيضات بعض موازنات المجالس والمؤسسات الخاصة والتقديمات ومساهمات الدولة في الهيئات والمجالس والجمعيات".

اضاف: اتفقنا على ان تكون هناك نظرة شاملة للموازنة وان تتخذ القرارات بالتخفيضات كسلة شاملة، إما يتم التوافق عليها وإما يجري تعديل او الغاء بعض البنود، وهذا سيتقرر في اليومين المقبلين، لكن النقاشات موضوعية وتقنية واصبحنا قريبين من الانتهاء من الموازنة.

وذكرت معلومات ان قيادة الجيش وضعت خطة لاجراء تخفيضات في النفقات تلحظ تخفيض عدد العمداء في الجيش إلى نحو 130 عميداً فقط من أصل 300، وانها سعت مثل العام الماضي في تحقيق وفر في موازنة الدفاع يصل إلى حدود 20 في المائة، الا ان الخطة لا تلحظ وقف تطويع العسكريين والضباط بحسب ما يقترح مشروع الموازنة، أو تأخير التسريح ثلاث سنوات، لأن ذلك من شأنه ان يجعل الجيش جيشاً هرماً.

ووفقا لاوساط "الديار"، بات محسوما رفع الفوائد على الفوائد من 7 الى 10 بالمئة، وهو ما سيدخل الى خزينة الدولة نحو 500 مليون دولار، ووفقا لمصادر مقربة من رئيس الحكومة فانه تبلغ من المصارف موافقتها المبدئية على المساهمة في "الخطة الانقاذية" من خلال الاكتتاب بسندات خزينة في المصرف المركزي بفائدة واحد بالمئة، وهو "ملف" سيسحبه الحريري من "القبعة" بعد اقرار اصلاحات جدية في الموازنة كانت جمعية المصارف قد اشترطتها لتقديم مساهماتها.

الشارع يغلي
وعلى صعيد التحركات النقابية المتصلة بالموازنة، أعلنت نقابة موظفي مصرف لبنان تأجيل الجمعية العمومية التي كانت حددت اليوم إلى موعد لاحق إلى حين  تبيان الأمور النهائية، في ضوء المعطيات الإيجابية التي تبلغها من الحاكم رياض سلامة، وهذا يعني استمرار تعليق إضراب الموظفين، كمبادرة إيجابية، في حين أعلن موظفو الضمان الاجتماعي عودتهم إلى الإضراب اليوم ملوحين بخطوات تحذيرية ابتداء من الاثنين، في ضوء ما سيصدر عن مجلس الوزراء.

ويسرى الأمر نفسه على القضاة، حيث استمر بعضهم في الاعتكاف عن حضور الجلسات، بينما واصل قضاة آخرون عملهم، انسجاماً مع دعوة المجلس الأعلى للقضاء.

وفي مقابل هذه التحركات، بقي الاتحاد العمالي العام على ارتباكه الناتج عن موافقته على وقف الإضراب، بعد التزام من رئيس الجمهورية بالسعي إلى إلغاء المواد "الإشكالية" من مشروع الموازنة. فلا هو يستطيع العودة إلى الإضراب والاعتصام ولا هو قادر على تبرير استمراره في تعليق الإضراب، خاصة أن الجلسات الحكومية تشير إلى أن كل الوعود التي قطعت بأن يعمد الوزراء، كل في وزارته، إلى إجراءات لخفض النفقات، من دون المس بحقوق الموظفين، قد ذهبت أدراج الرياح. يُضاف إلى ذلك أن وزير المال علي حسن خليل، سبق أن أعلن أنه "لم يتمّ صرف النظر عن المادة 61 من مشروع قانون الموازنة"، وهي المادة التي لها علاقة بالرواتب.

رغم ذلك، أكدت مصادر الاتحاد العمالي أن رئيسه سيقدم، اليوم، مذكرة إلى رئيس الحكومة يطالب فيها بإلغاء مواد مشروع الموازنة التي تصيب العمال والموظفين، معلناً أنه في حال عدم التجاوب، فسيكون الاتحاد على موعد مع تحركات اعتراضية جديدة تنطلق مع بداية الأسبوع المقبل.

بري: لتخفيض العجز الى ما دون 9%
في الموازاة، قال الرئيس نبيه بري أمام زواره أمس انه "يرفض استقبال الموازنة العامة في حال ابقاء العجز على ما هو والمطلوب أن يخفض الى ما دون الـ 9 في المئة. وإذا لم تكن على هذا الشكل فمن الأفضل أن لا تحيلها الحكومة على مجلس النواب". وأوضح أنه اتفق على هذه النقطة مع رئيس الجمهورية العماد ميشال عون في حضور رئيس الوزراء سعد الحريري. ولاحظ انه لم يتفهم حتى الساعة اضرابات بعض القطاعات ونزولها إلى الشارع. ووصف اجتماعه مع حاكم مصرف لبنان رياض سلامة أمس بأنه "كان جيداً".

ويستقبل بري اليوم الوزير جبران باسيل والنائب ابرهيم كنعان.

من جهة أخرى، سلط بري الضوء على "أمر إيجابي تمثل في الإجماع اللبناني الرسمي على موضوع الحدود اللبنانية البحرية وبإشراف الأمم المتحدة". وتناول هذا الملف مع السفيرة الاميركية اليزابيت ريتشارد أمس بإسهاب. وأعلن أمامها انه يؤيد ما ورد في الورقة التي تسلمتها في هذا الخصوص من الرئيس عون. وكان رئيس الجمهورية سلم الى السفيرة ورقة بافكار لآلية عمل ترسيم الحدود البحرية الجنوبية.

وشدد بري جواباً على سؤال، على أن "هذا القضية حاسمة وغير قابلة لأي تنازل وتدخل في صميم سيادتنا الوطنية. وبقدر ما هي مهمة على الصعيد الوطني فهي أكثر أهمية على المستوى الاقتصادي وستفتح الباب أكثر أمام الشركات الدولية للمشاركة والاستثمار في النفط والغاز. وهناك تلزيمات قريبة. وفي حال تثبيت الحدود البحرية رسمياً وعبر الأمم المتحدة يصبح الاقتصاد اللبناني في وضع أفضل. ولن ندخل ثانية في كل ما يرافق اقرار الموازنة من ملابسات ومشكلات".

"رسالة" مطمئنة من الدول المانحة
ووفقا لمعلومات "الديار" فقد تبلغ المسؤولين اللبنانيين بان "الهامش" المتاح لولادة الخطة الانقاذية ما يزال متاحا، والدول المانحة في مؤتمر "سيدر" لم تتخذ اي اجراء سلبي في ما يتعلق بتراجعها عن تعهداتها، لكن هذا الامر يتطلب "سرعة" في انجاز الاصلاحات الموعودة، ومن المتوقع ان يزور وفد فرنسي بيروت بعد انجاز الموازنة.

ازمة صامتة؟
وفي سياق متصل، تحدثت اوساط وزارية لـ"الديار" عن نوع من "الازمة الصامتة" بين الرئيس الحريري ووزير الخارجية جبران باسيل الذي اعترض خلال جلسة الامس مما اسماه "بطء" دراسة الموازنة، معربا عن عدم ارتياحه لمسار الجلسات، بينما لا يرى الحريري انه يتحمل مسؤولية التعقيدات الموجودة والتي حاول تجاوزها خلال اللقاء الثلاثي في بعبدا مع رئيس الجمهورية ميشال عون ورئيس مجلس النواب نبيه بري، وقد وعده باسيل بمجموعة اقتراحات "نوعية" ستؤدي الى خفض كبير في العجز وحتى الان لم يتقدم باي مقترح في هذا السياق، ولا يدرك رئيس الحكومة الاسباب الحقيقية وراء هذا التأخير في "المبادرة".

اشترك فى النشرة البريدية لتحصل على اهم الاخبار بمجرد نشرها

تابعنا على مواقع التواصل الاجتماعى