لم تلقَ هذه الوعود والتطمينات أي تجاوب من القضاة، الذين اكّدوا انّ امتهان كرامتهم واستقلاليتهم هي المسألة الأهم. وتوقف هؤلاء عند الوعود بعدم التعرّض لاستقلالية القضاء، بالإشارة الى أنّها سبق وأُعطيت في السنوات الثلاث الماضية ولم يتمّ احترامها. إضافةً الى أنّ القاضي ابراهيم صرّح وفي أكثر من مناسبة خلال العام المنصرم، عن وجود مشكلة كبيرة تعاني منها مالية الصندوق، الأمر الذي يتعارض مع ما صرّح به خلال الجمعية العمومية.
وتشير مصادر قضائية متابعة، أنّ القضاة المعتكفين، هم غالبية قضاة العدلية الذين فقدوا الثقة بطروحات المجلس ويفضّلون الانتظار إلى حين إحالة مشروع قانون الموازنة الى مجلس النواب.
وترجّح تلك المصادر سبب فقدان الثقة الى التردّي في أداء الإدارة القضائية خلال السنوات المنصرمة، فيما خوف القيّمين عليها من استبدالهم بقضاة آخرين، وهو الأمر الذي يدفعهم دائماً إلى تقديم التنازلات تلو التنازلات، الأمر الذي أفقد القضاء هيبته ووقاره. وقد توقّفت هذه المصادر أمام مضمون البيان الصادر عن مجلس القضاء الأعلى عند انتهاء الجمعية العمومية، معتبرةً أنّ المجلس تقصّد إظهار نفسه بريئاً "ممّا يقوم به القضاة المعتكفون، الأمر الذي سيؤدي الى تشويه صورة الحراك القضائي لدى الرأي العام على قاعدة "وشهد شاهد من اهله".
فهد: إنتظروا وبعدها اعتكفوا
في المقابل، يستغرب القاضي فهد إصرار بعض القضاة على الإعتكاف قبل إقرار الموازنة، وقبل التأكّد من صحة الوعود التي اكّدها له مراراً الرؤساء الثلاثة. وفي حديثه لـ"الجمهورية" كشف فهد، انّ لقاءً جمعه مع وزير المالية علي حسن الخليل، في الإفطار الذي دعا اليه رئيس الحكومة مساء الجمعة الفائت، أي بعد دعوته القضاة صباح الجمعة للجلسة العمومية. وأكّد له خليل عدم نيّة الحكومة المساس بحقوق القضاة، وإدراج مطالبهم في مشروع الموازنة.
كما كشف فهد عن محضر الجلسة التي وضع فيها القضاة أمام ضميرهم المهني والإنساني، لاسيما بعد الضمانات والتأكيدات التي حصل عليها والتي اصبحت حقيقة مُدرجة في البيان الوزاري وفق تعبيره. فطالب فهد القضاة بالعودة الى ضمائرهم المهنية والإنسانية والوطنية وبمتابعة عملهم بانتظار الموازنة والعودة عن الإعتكاف، لأنّهم يحمّلون المواطن الثمن كما يحمّلونه أعباءً غير مسؤول عنها، متسائلاً: "لماذا الإعتكاف قبل صدور الموازنة؟ ولماذا الإفتراض ومحاسبة الحكومة من الآن وهي لم تتخذ اي قرار بعد؟ وما ذنب المواطنين الذين ينتظرون متابعة قضاياهم؟".
لقراءة المقال كاملا اضغط هنا