هل طويت صفحة العفو العام؟

هل طويت صفحة العفو العام؟
هل طويت صفحة العفو العام؟
ضمن بيانها الوزاري تعهدت الحكومة بالعمل على إقرار مشروع قانون للعفو العام عن السجناء، سواء المحكومين منهم أو الموقوفين، فضلاً عن المطلوبين والملاحقين غيابياً بعشرات الجرائم والفارين داخل لبنان وخارجه،علماً أن هذا الملف تحرك بقوة قبل الانتخابات النيابية.

حتى الساعة لم يتم وضع هذا الملف على نار حامية. فهو لا يزال حبراً على ورق على رغم اقتناع المعنيين بأن العفو العام سيتم لكن تبعا لتوصيف الجرائم والاستثناءات. رئيس الجمهورية العماد ميشال عون أكد مراراً وتكراراً ويواصل التشديد على أنه لن يوقع على أي عفو عام يمنح لمن هم متورطون بقتل عسكريين في حال وصل إليه.

لقد أعاد اعتداء طرابلس الارهابي الذي نفذه عبد الرحمن مبسوط وأدى إلى سقوط 4 شهداء من الجيش وقوى الامن الداخلي، ملفي محاكمات الموقوفين الاسلاميين والعفو العام إلى الواجهة مجدداً، علماً أن ما غرده النائب اللواء جميل السيد أمس طرح الكثير من التساؤلات لجهة من أفرج عن مبسوط  في اليوم التالي من يوم 11 آذار 2019 تاريخ توقيفه في طرابلس والتحقيق معه واعترافه بأنه ينتمي إلى فكر "داعش"، ودفع بالكثير من القوى السياسية إلى القول إن ملف العفو طوي راهناً إلى آجل غير مسمى.  أصلاً لا شيء عملي على الارض سوى الرغبة في اصدار عفو عام؛ ومرد ذلك، انشغال المكونات السياسية بالوضع الاقتصادي وتدعياته والتحديات المرتبطة به، علماً أن هذا البعض ظن أن في الامكان تحريك هذا الملف بعيداً عن الموقوفين الاسلاميين، لأن أحداً لن يتجرأ على المطالبة بإنهاء هذا الملف بعد واقعة طرابلس، في حين تؤكد مصادر هيئة علماء المسلمين أن الرئيس سعد الحريري قطع عليها وعداً بأن ملف العفو سيوضع على طاولة مجلس الوزراء بعد عيد الفطر.

وسط ما تقدم،  خرجت بالأمس هيئة علماء المسلمين لتقول إنها "تنظر لعمليّة طرابلس بعين الريبة لجهة منفّذها وتوقيتها وهدفها ومكانها، لا سيما مع التسويق الإعلامي لعفو مذهبي انتقائي"، مشددة على وجوب المسارعة إلى إقرار قانون العفو العام كونه من أهم عوامل نشر الأمن الاجتماعي ونزع ذرائع التطرف والغلو.  وفي هذا السياق، تشدد مصادر معنية في الهيئة لـ"لبنان 24" على أن المطالبة هنا لا تشمل الذين شاركوا في التخطيط وتنفيذ الاعتداءات على المدنيين والأبرياء والجيش والقوى الامنية، إنما تقتصر على الذين جرى توقيفهم وصدرت بحقهم مذكرات غيابية لشبهات معينة، أو لأن أحد أقاربهم ينتمي إلى المنظمات المتطرفة، مقدرة عدد الشباب السنّة المستفيدين من هذا العفو بنحو 1200 في حين أن عدد  الأشخاص المتورطين بقتل الجيش مباشرة لا يتجاوز الـ1 في المئة، مشددة على أن هيئة علماء المسلمين تطالب بمحاكمة عادلة لكل من قتل عسكرياً وامنياً، بعيداً عن التمييز الطائفي والمذهبي.

في المقابل، يكتفي مصدر وزاري بما قاله مدير عام قوى الأمن الداخلي اللّواء عماد عثمان، عن أن "منفذ العمليات كان في حالة نفسية غير مستقرة وأن ما حصل هو حادث فردي غير مرتبط بأي مجموعة إرهابية ليسأل عن صحة الربط بين هذا الإعتداء وملف العفو، مؤكداً أن عملية المقايضة بين دماء الشهداء وما حصل في طرابلس مرفوضة وغير قابلة للتحقق، بمعزل عن تأكيد المصدر الوزاري أن قانون العفو وتسريع المحاكمات حاجة وطنية وضرورية لأن العدالة المتاخرة ليست بعدالة؛ مع تشديد وزير الدولة لرئاسة الجمهورية سليم جريصاتي في هذا السياق، على أن كل من قتل عسكريا أو أمنياً لن يشمله العفو على الإطلاق.

وعليه، فإن أي قانون عفو عام لا يمكن أن يشمل أولئك الذين قتلوا جنوداً ورتباء وضباطا من الجيش اللبناني وسائر القوى الأمنية، يقول الخبير القانوني عادل يمين لـ"لبنان 24" لأن ذلك يلحق أبلغ الأذى بمعنويات المؤسسة العسكرية وسائر المؤسسات الأمنية َويشكل رسالة طمأنة إلى الإرهابيين تعطيهم الأمل بالعفو عنهم إذا ما ارتكبوا جرائمهم ضد حماة الوطن ورسالة قلق إلى أبناء القوات المسلحة.  

أما في ما خص المحاكمات فيجب السعي بطبيعة الحال إلى الإسراع بها، رغم الصعوبات اللوجستية التي تعترض ذلك والمتمثلة بمساحة  قاعة المحاكمة وسوق الموقوفين وضخامة أعدادهم والملفات والأوراق، ولكن التمادي في التأجيل يلحق ضررا بالغاً بالموقوفين الأبرياء ويبقي الموقوفين المرتكبين بوضع الإبهام على مصيرهم.

وعليه، يشدد المصدر الوزاري على ان تشعب ملفات الموقوفين الاسلاميين سبب تأخيرا في المحاكمات، فهناك أعداد كبيرة من "الاسلاميين" لا تحضر الجلسات ولا يمكن مواكبتها من أمكنة التوقيف إلى المحاكم لألف عذر وعذر، مع تشديده على عدم صحة ما يشاع عن تقصير متعمد أو قرار استراتيجي بعدم إنجاز هذا الملف، فكل ما في الأمر أن عدد القضاة المعنيين بالقضايا الجنائية ليس كبيراً، على رغم تأكيد يمين من جهته، أن هناك سعياً رسمياً وقضائياً جاداً من أجل تذليل العوائق وتسريع وتيرة المحاكمات.

 

اشترك فى النشرة البريدية لتحصل على اهم الاخبار بمجرد نشرها

تابعنا على مواقع التواصل الاجتماعى