أخبار عاجلة

الراعي بختام اعمال السينودس: الصلاة من أجل الأعداء لا تعني شرعنة أعمالهم

الراعي بختام اعمال السينودس: الصلاة من أجل الأعداء لا تعني شرعنة أعمالهم
الراعي بختام اعمال السينودس: الصلاة من أجل الأعداء لا تعني شرعنة أعمالهم
القى البطريرك الماروني الكاردينال مار بشاره بطرس الراعي في ختام رياضة السينودس المقدس وتبريك الميرون، كلمة قال فيها: "أحبوا أعداءكم، وصلوا من أجل مضطهديكم، لتصيروا أبناء أبيكم الذي في السماوات" (متى 5: 43-45).

بهذه الصيغة الآمرة يواصل الرب يسوع عظة الجبل، التي تعتبر دستور الحياة المسيحية. إنه يدعو إلى ثقافة محبة الأعداء، والصلاة من أجل المعتدين. ويؤكد أن هذه المحبة المثالية وهذه الصلاة التشفعية هما الشرطان الأساسيان لنكون أبناء الآب السماوي وبناته. يسعدني أن أرحب بكم جميعا، ونحن نختتم مع إخواننا السادة المطارنة بذبيحة الشكر رياضتنا الروحية التي أغنتنا بروح الصلاة وبروحانيتها، كصلاة تشفع والتماس وتوبة ورجاء وتمجيد. وبها استعددنا لنبدأ صباح الإثنين المقبل وطيلة الأسبوع أعمال السينودس المقدس. فنطلب أن تواكبونا بصلاتكم من أجل نجاحها وفقا لإرادة الله. وإنا نعرب عن شكرنا لمرشد الرياضة الأب جوزف بو رعد، المدبر العام في الرهبانية الأنطونية الجليلة، الذي قاد مواعظها القيمة. ونتمنى له فيض النعم السماوية، وللرهبانية الجليلة دوام النمو والازدهار، روحيا ورهبانيا وكنسيا".


اضاف: "نحتفل، في هذه الليتورجيا الإلهية، كما تعلمون برتبة تبريك الميرون. وقد نقلناها من خميس الأسرار إلى خاتمة رياضة سينودس أساقفة كنيستنا البطريركية، لتتاح لهم، وللرؤساء العامين والرئيسات العامات والكهنة والرهبان والراهبات والاعيان المدنيين والمؤمنين، إمكانية المشاركة فيها. فالاحتفال برتبة الميرون هي علامة الشركة والوحدة مع البطريرك "الأب والرأس".

واوضح الراعي ان "الميرون طيب معطر، والمسحة به علامة لحلول الروح القدس. يمسح به المعمدون ليصبحوا هيكل الروح القدس وسكنى الله الواحد والثالوث، وشهودا للمسيح. ويمسح به الكهنة والأساقفة، لكي يصورهم الروح القدس في كيانهم الداخلي على صورة المسيح "الكاهن الأسمى" و "راعي الرعاة العظيم" (1بط4:5)، ويشركهم في سلطانه المثلث: التعليم والتقديس والتدبير. إن كل الذين واللواتي يمسحون بالميرون المقدس مدعوون ليكونوا في الكنيسة والمجتمع رائحة المسيح الطيبة.
أما الرائحة الطيبة بامتياز فهي يسوع المسيح بشخصه وكلامه وآياته، كما كشفتها تلك المرأة التي قصدته في بيت سمعان الأبرص، وأفرغت على رأسه قارورة طيب من خالص الناردين الغالي الثمن (راجع مر3:14). بهذا الفعل النبوي بينت أن محبة يسوع وغفرانه هما بلسم الطيب الحقيقي الذي يطهرها من خطاياها، ويملأها من نعمته، ويجعلها "رائحة المسيح الطيبة" الحقة. أما طيوب الأرض فسرعان ما تتبخر وتزول".

وتابع: "يسعدنا في ختام هذا الاحتفال الإلهي أن نفتتح المتحف البطريركي في داخل الصرح، الذي أنشأه المثلث الرحمة البطريرك الكاردينال مار نصرالله بطرس صفير سنة 2000، وكنا نأمل أن يكون حاضرا معنا بالجسد، لكنه حاضر من سمائه بالروح. وقد أعدنا تكوين هذا المتحف بحلته ومحتواه. وأود في هذه الذبيحة المقدسة أن أذكر معكم بالصلاة كل الذين واللواتي، من أشخاص وحكومات ومؤسسات، قدموا الهدايا الثمينة للبطاركة والكرسي البطريركي التي تكون ثروة هذا المتحف. ولولاها لما كان ليكون. كما نذكر بصلاتنا كل الذين واللواتي ضحوا أشهرا وأياما وساعدونا مجانا في إعادة تنظيمه وترتيب محتواه".

وقال: "أحبوا أعداءكم، وصلوا من أجل مضطهديكم" (متى 5: 43-45). هي شريعة المسيح الجديدة التي تسمو على شريعة الطبيعة وشريعة موسى في العهد القديم. لا يأمرنا الرب بما لا يمكن فعله، بل بما يسمو بنا إلى الكمال. فيسوع غفر لصالبيه وبرر جريمتهم بأنهم لا يدرون ما يفعلون (لو 34:23). واسطفانوس، أول الشهداء، جثا وصلى من أجل راجميه ملتمسا من المسيح الإله ألا يحسب ذلك عليهم خطيئة (راجع أع 60:7). وآخرون كثيرون في تاريخ الكنيسة كانوا مجلين في سمو هذه الفضيلة.
إنها ثقافتنا المسيحية التي يحتاجها العالم عامة، ومجتمعنا خاصة. وهي ثقافة نرجو توفير التربية عليها في العائلة والمدرسة والجامعة. هذه الثقافة تحتاج إليها الجماعة السياسية لكي تتمكن من العيش معا بالاحترام والثقة والتعاون، وتنبذ التراشق بالاتهامات والكلمات المسيئة، التي عادت بكل أسف لتتجدد في هذه الأيام. وهي تسيء إلى صيت لبنان وكرامة شعبه، وتقوض ثقة الدول به. يحتاج عالمنا إلى هذه الثقافة عبر وسائل الإعلام ونوعية الأفلام، فتقصي منها العنف والقتل واستباحة قدسية الحياة البشرية وكرامتها".

وتابع: "بهذه الثقافة يدعونا الرب يسوع لنحب أعداءنا ونصلي من أجل مضطهدينا. فلا نبادل الظلم بالظلم، والاعتداء بالثأر، والإهانة بمثلها، بل نبادل بالمحبة والصلاة والغفران وصنع الخير. إن الصلاة من أجل الأعداء وفاعلي الشر، مثل القتلة والظالمين بكل أنواع الظلم، لا تعني شرعنة أعمالهم الشريرة، وإيقاف عمل العدالة بشأنهم، بل لنلتمس من الله أن يغير قلوبهم ويمس ضمائرهم، فيبدلوا مسلكهم، كما فعل مع شاول - بولس وسواه، ويجنب الناس شرورهم. إن مبادلة الشر بالشر إنغلاب وانكسار".

واردف: "لتصيروا أبناء أبيكم الذي في السماوات" (متى 45:5). يشهد يوحنا الرسول في مقدمة إنجيله أننا "أعطينا سلطانا لنصبح أبناء الله" (يو12:1). فنكون كذلك ما دمنا نحفظ وصاياه. يسوع المسيح وحده هو إبن الله بالطبيعة، وأرادنا شركاء له بالتبني، على ما كتب بولس الرسول، وورثة الملكوت معه. ويدعونا الله لنتشبه به، هو الذي يطلع شمسه ويمطر غيثه على الأبرار والأشرار (متى 45:5)، أي شمس البر ومطر الحق، بحيث تتكون علاقتنا مع الناس، أأصدقاء كانوا أم أعداء، على أساس من العدل والحق. إننا بذلك نتمكن من السعي إلى الكمال في الفضيلة، بحيث نعكس فينا كمال الله: "كونوا كاملين، كما أن أباكم السماوي كامل هو" (متى 48:5)".

وختم الراعي: "فليجعل منا هذا الميرون الذي نباركه، والذي مسحنا به في المعمودية والكهنوت والأسقفية، رائحة المسيح الطيبة نفوح بها في أعمالنا وأقوالنا ومبادراتنا، لمجد الله الواحد والثالوث الآب والابن والروح القدس، الآن وإلى الأبد، آمين". 

 

اشترك فى النشرة البريدية لتحصل على اهم الاخبار بمجرد نشرها

تابعنا على مواقع التواصل الاجتماعى

التالى "الوادي الأخضر": من ذروة المجد إلى شفا الانهيار؟