دولة مصابة بالأزهايمر النصفي... وهذا ما تقدم عليه!

دولة مصابة بالأزهايمر النصفي... وهذا ما تقدم عليه!
دولة مصابة بالأزهايمر النصفي... وهذا ما تقدم عليه!
نتفهّم أن تلجأ الحكومة إلى إجراءات تقشفية، ولو على حساب الطبقة المطبَق على أنفاسها. ونتفهّم ايضًا أن تضطّر إلى تقليص موازنات بعض الوزارات حيث يلزم وخفض النفقات التي تندرج تحت خانة لزوم ما لا يلزم، إن لم نقل إنها موضوعة أساسًا من أجل تنفيعات خاصة لم تعد خافية على أحد. وقد نتفهّم بعض الإجراءات التي لها علاقة بشروط "سيدر"، على رغم عدم تسليمنا بتوقيت هذه التدابير، التي كان يُفترض إتخاذها منذ زمن بعيد، إذ لو أنها أتخذت في حينها لما كنا وصلنا إلى الحال المهترئة التي وصلنا إليها.

لكن ما لم نفهمه، وهو أمر لا يركب على قوس قزح، أن تلجأ الدولة إلى التقنين في المكان الخطأ، فتقرّر وقف المساعدات لجمعيات إنسانية كمؤسسة "سيزوبل"، وهي المعروفة من القاصي والداني، ومعلوم أيضًا ما تقوم به من رعاية لعدد كبير من الأطفال من ذوي الإحتياجات الخاصة، وما يمكن أن يؤدي إليه ما أقدمت عليه الحكومة من تداعيات سلبية على وضعية هذه الفئة، التي يعتبرها البعض مهمّشة.

وبدلًا من أن تقدم الحكومة على وقف المساعدات عن جمعيات وهمية، وهي كثيرة، حاولت الهروب، كالعادة، إلى الأمام، وأقدمت على ما أقدمت عليه بحق جمعية لا هدف لها سوى الإهتمام بفئة متروكة، لا حول لها ولا قوة، بغض النظر عن الأخطاء في الإجراءات الإدارية، التي لم تقنع مبرراتها أحدًا، إذ حاول المعنيون، وكل على طريقته، التنصل من المسؤولية ورمي كرتها في ملاعب الآخرين.

فما حصل مع مؤسسة "سيزوبل"، وربما مع غيرها من المؤسسات والجمعيات، يدفعنا إلى القول إن دولة تتصرّف على هذا النحو من اللامسؤولية هي دولة فاقدة للأهلية أو هي مصابة بمرض "الأزهايمر" النصفي، بمعنى أنها تتناسى حيث لا يجب أن تنسى، وتتذكّر حيث لا يجب أن تتذكّر، فتقدم أحيانًا حيث كان يفترض بها أن تتراجع، وتتراجع أحيانًا كثيرة حيث يُفترض بها أن تقدم.

فكم من الجمعيات الوهمية، التي يتمّ تغطيتها من قبل أصحاب النفوذ، يجب على الدولة أن توقف الدعم عنها، وكم كانت وفرّت من الأموال التي تذهب إلى جيوب من لا يستحقها، وهذا الأمر يحتاج إلى الكثير من الجرأة الأدبية، إذ سلمّنا جدلًا أن من سيقدم على هذه الخطوة غير مستفيد وغير منتفع بطريقة مباشرة أو غير مباشرة، لأن من سيقوم بهذه الخطوة عليه أن يكون فوق كل الإعتبارات، وفوق أي مصلحة شخصية أو غرضية سياسية، خصوصًا تلك التي يقوم عليها مبدأ المحاصصة، أي "مرقلي حتى مرقلك"، أو "طنشلي حتى طنشلك". وهذا ما هو قائم، إذ أن أغلب التحالفات السياسية إنما هي قائمة على هذه القاعدة الموروثة، على رغم أن البعض يطالعنا بمحاضرات حول مكافحة الفساد وإغلاق أبواب الماضي وما فيه من عقليات هي أقرب إلى منطق السمسرة أكثر من منطق رجال دولة.

فهل من المقبول أن يتحرك هذا الملف نتيجة تدّخل من هنا أو ضغط من هناك، وهل من الجائز ألاّ تكون قضية الإنسان هي من أولويات هذه الحكومة، التي تتلهى بأمور كثيرة بينما المطلوب واحد.

 

اشترك فى النشرة البريدية لتحصل على اهم الاخبار بمجرد نشرها

تابعنا على مواقع التواصل الاجتماعى