أخبار عاجلة

الحريري - جنبلاط .. بين 'جمال التسوية' والصلاحيات

الحريري - جنبلاط .. بين 'جمال التسوية' والصلاحيات
الحريري - جنبلاط .. بين 'جمال التسوية' والصلاحيات
لا شك في أن علاقة رئيس الحكومة سعد الحريري ورئيس الحزب التقدمي الاشتراكي النائب السابق وليد جنبلاط تمر بفترات من المد والجزر منذ سريان العمل بالتسوية السياسية التي توجت بانتخاب العماد ميشال عون رئيسا للجمهورية والحريري رئيسا للحكومة. فبعد عام تقريبا من تأليف حكومة استعادة الثقة خرج بيك المختارة بتغريدة في 9 تشرين الثاني 2017 شدد فيها على أنه "من أجل التاريخ وكي لا ندخل في المجهول أفضل تسوية لاستقرار لبنان هي حكومة الوحدة الوطنية الحالية ولن أزيد".

مع الوقت، انفجر تململ الحزب التقدمي الاشتراكي وحزب "القوات اللبنانية" من التسوية، والتي بات الخوف عليها متأتياً من أداء رئيس تكتل "لبنان القوي" الوزير جبران باسيل أولاً وثانياً لما تتضمنه من تفاهمات تطال ملفات وجوانب أبعد بكثير من السياسية تبدأ بالكهرباء وتنتهي بالغاز والنفط، تقول أوساط سياسية لـ"لبنان24".

تتجاوز حرب "الاشتراكي" – "المستقبل" الحسابات الصغيرة، تقول هذه الأوساط. فهي أبعد بكثير من خلاف على بلدية هنا وبلدية هناك، علما أن الخلاف حول بلدية شحيم انتهى لصالح "الاشتراكي"، الذي نجح أولاً  في تأمين انتخاب أحمد فواز رئيساً للسنوات الثلاث المقبلة، بعدما طرح 11 عضواً الثقة بالرئيس السابق زيدان الصغير، فضلاً عن أنه شكل في الوقت عينه فوزاً على النائب محمد الحجار، الذي بحسب الاوساط نفسها،  ضاق رئيس "الاشتراكي" به ذرعاً لأنه يرفض تقبل فكرة الحضور الجنبلاطي بين السنة في إقليم الخروب وصولاً إلى الامين العام لتيار "المستقبل" احمد الحريري، الذي لا تربطه أي علاقة ودية مع جنبلاط، بدليل الرسالة التي بعث بها الأخير إلى اللواء عماد عثمان  في 14  حزيران الماضي على خلفية استبدال العقيد حنا اللحام بالعقيد جوزيف عيد، معتبرا ما معناه أن "المستقبل" ينسق مع المحور العوني والسوري لتطويقه بكل الوسائل ويحاول اضعافه من اجل ما اسماه استزلام الحريري كي يبقى في السلطة المتهاوية في كل يوم ، فضلاً عن ان تيار "المستقبل" يكره وجوده في الاقليم خدمة لأحمد الحريري .
وبالتالي فإن ما تقدم، من كلام بحق رئيس الحكومة، لا يمكن أن يقبل به الاخير أو يغض النظر عنه، تقول مصادر "المستقبل" لـ"لبنان24"، خاصة وأن جنبلاط لا يكف عن الهجوم على الرئيس الحريري بالمباشر وبغير مباشر لسبب أو من دون سبب. صحيح أن التباينات قد تحصل داخل الحزب الواحد، لكن الامر لا يعني إطلاق السهام بين الفينة والأخرى على رئاسة الحكومة بذريعة الدفاع عن صلاحيات مجلس الوزراء في حين أن الهدف في مكان آخر، ولذلك فإن المطلوب من بيك المختارة أن يعيد حساباته ويراجع مواقفه ليبنى على الشيء مقتضاه في المرحلة المقبلة.

وعليه، فان التوتر المصاحب للعلاقة المستقبلية – الاشتراكية، يتصل بالهواجس الجنبلاطية من التجديد للتسوية السياسية بين الحريري وباسيل وتقريش ذلك في ملف التعيينات بشكل يضرب الزعامة الجنبلاطية درزيا ووطنياً. فهناك همس مرده ان الكثير من المواقع التي تعني الطائفة الدرزية سوف تؤول إلى حلفاء العهد والتيار "البرتقالي"، مع الإشارة هنا إلى أن بيك كليمنصو نجح في انتزاع الموافقة على القاضي رياض ابو غيدا المرشح لشغل المقعد الدرزي في هيئة المجلس الدستوري( التي ستشكل في الساعات القليلة المقبلة بين مجلس النواب ومجلس الوزراء) بعدما نجح أيضا في إيصال اللواء الركن أمين العرم لمنصب رئيس الأركان في الجيش اللبناني، علما ان المشكلة الحقيقية تكمن في أنه لا يريد أن يتشارك الحصة الدرزية في التعيينات مع أفرقاء دروز آخرين في إشارة إلى رئيس الحزب الديمقراطي النائب طلال ارسلان.

وللمفارقة هنا، فإن مصادر سياسية في 8 آذار تتساءل عبر ""لبنان 24":  كيف لرئيس التقدمي الاشتراكي أن يقف إلى جانب حزب "القوات" ضد ما يسمى "استئثار" "التيار الوطني الحر" بالحصة المسيحية في التعيينات، وفي الوقت عينه يرفض حصول النائب ارسلان على حصته على رغم أن له حيثية شعبية داخل الطائفة الدرزية ولديه كتلة نيابية وحزبه ممثل في الحكومة من خلال الوزير صالح الغريب.

في المقابل، فإن الرؤية الاشتراكية لمآل الامور تتصل، وفق مصادر مطلعة  لـ"لبنان24"، بالتسوية السياسية التي يحاول البعض إسقاط مبادئها لأن مفهوم التسوية لا يعني الاحتكار والاستثئار بقدر ما يعني وضع حد للتدهور في المؤسسات والعمل على ايجاد حلول مستدامة في علاقات القوى السياسية بعضها ببعض ركيزتها  اتفاق الطائف الضامن للاستقرار في لبنان، والمحافظة على التوازنات ومقاربة الملفات الاقتصادية والاجتماعية بطريقة مختلفة على ما هي عليه اليوم من سياسة تخبط عشوائي في معالجة التدهور الاقتصادي هذا من جهة؛ أما من جهة اخرى، فإن بيك المختارة يستشعر أن الشيخ سعد تغاضى عن معركة حليفه العوني في تحجيم الزعامة الجنبلاطية، وذهب في تموضعه إلى جانب باسيل إلى extreme.

يبقى الأكيد أن السجال التويتري بين "الاشتراكي" و"المستقبل" تجاوز الخطوط الحمر، وثمة من يقول إن الوضع المتأزم استدعى مساعي دبلوماسية عربية لفرملة انهيار خطاب مسؤولي الحزبين، فضلا عن تدخل رئيس المجلس النيابي نبيه بري الذي جمع اول امس الوزير وائل ابو فاعور والوزير الشابق غطاس خوري من اجل الحد من السجال الاعلامي وضبط الوضع

لقد ضربت الندوب منذ فترة ليست بقصيرة العلاقة الجنبلاطية – الحريرية. فالتحالفات الراهنة بن القوى السياسية كافة من 8 و14 اذار لم تعد قائمة على عناوين استراتيجية وسياسية كبيرة كما كانت عليه إبان العام 2005، إنما اصبحت تفصل تفصيلاً وفق مقتضيات المرحلة. فالتسوية أعادت خلط الاوراق بين الحلفاء التاريخيين (المستقبل – الاشتراكي – القوات – الكتائب) ونجحت في احداث التفرقة بينهم، على رغم أن البعض يحاول بالشكل المحافظة على بعض ماء الوجه. واذا كان الاشتراكيون يرددون دوما مقولة للشهيد كمال جنبلاط "علمتني الحقيقة أن أرى جمال التسوية في كل أمر"، فإنهم ثابتون كما تؤكد مصادرهم، على ضرورة ألا تكون التسويات بتجاوزاتها على حساب الصلاحيات والدستور واتفاق الطائف.
 

اشترك فى النشرة البريدية لتحصل على اهم الاخبار بمجرد نشرها

تابعنا على مواقع التواصل الاجتماعى

التالى "الوادي الأخضر": من ذروة المجد إلى شفا الانهيار؟