بعد الجولان: هدية ثانية من واشنطن لإسرائيل.. ولهذه الأسباب لبنان يُقاطع مؤتمر البحرين

بعد الجولان: هدية ثانية من واشنطن لإسرائيل.. ولهذه الأسباب لبنان يُقاطع مؤتمر البحرين
بعد الجولان: هدية ثانية من واشنطن لإسرائيل.. ولهذه الأسباب لبنان يُقاطع مؤتمر البحرين
كتبت دوللي بشعلاني في صحيفة "الديار":  يبدو أنّ مؤتمر "السلام والتنمية" الدولي الذي دعت اليه واشنطن ويُعقد في المنامة في البحرين يومي الثلاثاء والأربعاء 25 و26 حزيران الجاري لن يكون الهدف الأساسي منه فقط إطلاق الشقّ الإقتصادي من "خطة السلام" التي صاغها صهر ومستشار الرئيس الأميركي دونالد ترامب جاريد كوشنر وسُميت "صفقة القرن"، إنّما بداية إلإعلان عن تطبيع الدول الخليجية علاقاتها مع "إسرائيل". وإذ بات مؤكّداً مشاركة وفد إسرائيلي تجاري وآخر إعلامي في المؤتمر، فإنّ لبنان سيُقاطع هذا المؤتمر بسبب هذه المشاركة أولاً، على ما أكّدت أوساط ديبلوماسية مواكبة، كما لرفضه المبدئي لمقترحات الصفقة التي ترفض إقامة دولة فلسطين، وتسعى لشرعنة سيطرة "إسرائيل" على الأراضي الفلسطينية المحتلّة، وتتجاهل بالتالي "حقّ عودة اللاجئين الفلسطينيين الى ديارهم"، وفق ما رشح عنها.

وتمضي الولايات المتحدة الأميركية في عقد هذا المؤتمر رغم إعلان الفلسطينيين المعنيين به بالدرجة الأولى بمقاطعته كونهم يتوقّعون أن تكون المقترحات الواردة في الخطة منحازة بشكل كبير لصالح إسرائيل، فضلاً عن مقاطعة لبنان والعراق وعدم إعلان دول عربية أخرى موقفها النهائي منه بعد. غير أنّ التحرّكات العربية الأخيرة التي سبقت المؤتمر من تظاهرة الأردن والتظاهرات الشعبية في فلسطين، الى التجمّع الإعلامي الضخم الذي حصل في لبنان تنديداً ورفضاً لـ "صفقة القرن"، لا بدّ من أن تؤثّر على موقف الدول العربية الخليجية التي قرّرت المشاركة في مؤتمر البحرين والذي ستُعلن فيه أميركا الشقّ الإقتصادي من صفقتها الذي يعد بتوفير فرص إقتصادية ممكنة للفلسطينيين قبل حلّ الأمور الجوهرية المتعلّقة بهم، في الوقت الذي ألمح فيه كوشنير الى أنّ الصفقة لن تؤيّد الدعوات الدولية لإقامة دولة فلسطينية.

ويُقاطع لبنان مؤتمر المنامة، نظراً لاتخاذه الموقف نفسه من أي مؤتمر إقليمي أو دولي تُشارك فيه إسرائيل، على ما أشارت الاوساط، ولأنّه يعتبر، على ما جاء على لسان رئيس مجلس النوّاب نبيه برّي، أنّ هذا المؤتمر الدولي هو "بمثابة رشوة لدول المنطقة لكي تقبل بخطّة السلام الأميركية". وقد سبق للبنان أن رفض الرشاوى والوعود من بعض دول الخارج بدفع ديونه مقابل إبقاء أو بالأحرى "توطين اللاجئين الفلسطينيين (ويبلغ عددهم نحو 600 ألف) على أرضه"، وهو بالطبع لن يقبل بها اليوم، بل يلتزم بالموقف الفلسطيني وبحقّ العودة، ويقف في وجه تصعيد التوتّر في الشرق الأوسط والخليج. ويعتقد لبنان بالتالي أنّ هذا المؤتمر يُشكّل أيضاً رشوة للفلسطينيين أنفسهم الصامدين في الأراضي المحتلّة لكي يُوافقوا على الإنتقال الى غزّة وصحراء سيناء. علماً أنّ بعض المعلومات أكّدت رفض الرئيس المصري عبد الفتّاح السيسي مبادلة جزء من سيناء مع العدو الإسرائيلي ليُقيم عليه دولة للفلسطينيين، على ما يقترح في صفقة القرن، ولينقل اليها كلّ من "زاد عددهم"، من وجهة نظره، من الفلسطينيين في الضفّة الغربية التي يريد الإستيلاء عليها.

هذا وأكّدت اوساط العراق على مقاطعتها المؤتمر انطلاقاً من موقفها الثابت تجاه القضية الفلسطينية باعتبارها القضية المحورية للعرب والمسلمين، وعلى دعمها وتأييدها لحقّ الشعب الفلسطيني في إقامة دولته الموحّدة وعاصمتها القدس الشريف، ومع الدفاع عن حقوقه غير القابلة للتصرّف. فيما لم تُعلن مصر والمغرب والأردن موقفها النهائي بعد بالمشاركة في المؤتمر أو عدمها حتى الآن.

ولفتت الاوساط الى ان صفقة القرن تسعى في الواقع الى نسف القضية الفلسطينية برمّتها من خلال الإستيلاء على الأراضي الفلسطينية المحتلّة، و"طرد" الفلسطينيين من أرضهم، وإغفال حقّ عودة اللاجئين الفلسطينين الى ديارهم، وإبقاء الشتات الفلسطيني حيث هو موزّع على أرجاء المنطقة والعالم، مقابل أن تُعطي الشعب الفلسطيني السلام، وليس جميع دول المنطقة مثل لبنان الذي لا تزال تحتلّ بعضاً من أراضيه في مزارع شبعا وتلال كفرشوبا والجزء الشمالي من بلدة الغجر، وتُهدّده باستمرار بشنّ حرب جديدة عليه.

وأوضحت الأوساط نفسها بأنّ ترامب وكوشنير مخطئين عندما يتخطّيان مسألة "إقامة دولة فلسطين"، في ظلّ وجود قرارات دولية تتحدّث عن حلّ الدولتين. وقد جدّد الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش تأكيد "الإلتزام الجماعي" لمنظمة الأمم المتحدة بحلّ الدولتين الفلسطينية و"الإسرائيلية"، القائم على أساس قرارات الأمم المتحدة ومبادىء مستقرّة منذ أمدٍ بعيد، وعلى الإتفاقات السابقة والقانون الدولي، لهذا فلا بديل عن حلّ الدولتين. ما يعني أنّ المجتمع الدولي لن يُوافق على المقترحات الأميركية بعدم إقامة دولة فلسطينية، ولا على "صفقة القرن" برمّتها سيما وأنّها تنسف القرارات الدولية ذات الصلة التي توصّل اليها المجتمع الدولي على مدى العقود الماضية. علماً أنّ الأمم المتحدة ستوفد من يمثّلها في مؤتمر المنامة بعد أن تردّدت في المشاركة فيه خلال الأسابيع الماضية، وهو نائب منسّق الأمم المتحدة لعملية السلام في الشرق الأوسط جيمي ماكغولدريك لكي تبقى على اطلاع على كلّ ما يحصل خلاله.

كذلك ترى الاوساط الديبلوماسية، أنّ موقف جامعة الدول العربية سيكون بالتأكيد رافضاً لمقترحات ترامب، لأنّ، بحسب ما أعلن الأمين العام للجامعة العربية أحمد أبو الغيط، استمرار الإحتلال الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية كان وسيبقى المصدر الرئيسي لانعدام الإستقرار والتطرّف في الشرق الأوسط وخارجه. وعلى هذا الأساس لا يُمكن لجامعة الدول العربية أن تُوافق على ما تنوي واشنطن القيام به، من "إهداء ثانٍ لإسرائيل"، بعد الجولان السوري، أي الأراضي الفلسطينية المحتلّة هذه المرّة، وتهجير الفلسطينيين الصامدين في الضفّة الى خارجها.

وتأمل الأوساط نفسها بأن تكون نتائج مؤتمر البحرين "صفر" لناحية تأييد مقترحات صفقة القرن، ولجهة تخصيص مبالغ طائلة لإقامة مشاريع إستثمارية في الضفّة الغربية وقطاع غزّة، على غرار ما يسعى اليه ترامب من تصفير عائدات النفط الإيرانية. مع الإشارة الى أنّ الموقف الشعبي البحريني رافض كليّاً للمؤتمر، ويصفه بأنّه يُمثّل "خيانة" للعروبة وتنازل واضح عن القضية الفلسطينية بل يحمل مساعٍ لتصفيتها بالكامل، ولهذا يقوم بالتظاهرات المندّدة للتطبيع مع العدو الإسرائيلي في خطوة إستباقية.

اشترك فى النشرة البريدية لتحصل على اهم الاخبار بمجرد نشرها

تابعنا على مواقع التواصل الاجتماعى

التالى "الوادي الأخضر": من ذروة المجد إلى شفا الانهيار؟