لم تسعف كل التوضيحات المتعلقة بالضرورات التي حكمت على الوزير جبران باسيل القيام بزيارة طرابلس وجهة نظر "التيار الوطني الحر" في إعطاء مبررات مقنعة حول جدوى قدومه إلى المدينة مصحوبا بتعزيزات أمنية غير مسبوقة.
فرط كل البرنامج المعد سابقا وإلغيت كل زيارات السياسيين كما إقتصرت الزيارة على تنظيم التيار لقاء لمناصريه في حرم معرض رشيد كرامي لم يخفف من كثافة الدعوات الشعبية الاعتراضات سلميا ورفع يافطات مستنكرة نهج باسيل ومواقفه.
وما زاد من الامتعاض الطرابلسي تسخير فريق باسيل في الساعات الأخيرة كل أجهزة الدولة ومرافقها ووضعها في تصرف نشاط حزبي لا هدف له ولا عنوان سوى الذهاب بالتحدي كي لا يظهر بصورة المنكسر إثر أحداث قبرشمون، إذ يمكن القول إن طرابلس خذلت باسيل حتى في البعد الشعبي على رغم محاولة استدعاء المنتسبين للتيار من الكورة والبترون، وعلى رغم المواكب المرافقة والمحتشدة، لم يتمكن رئيس "التيار الوطني الحر" من لقاء اكثر من بضع مئات من كوادره الحقيقيين.
فبدا المشهد هزيلا بالحضور في القاعة الكبرى فكان واضحًا مشهد إدارة الظهر الطرابلسية بكل تلاوينها لزيارة "الوزيرالضيف"، التي عدت ثقيلة على قلوب أهل المدينة و قادتها ورجال دينها.
في المقابل جرى تضييق حركة المعتصمين عبر إجراءات أمنية شديدة منعتهم من الاقتراب إلى مشارف المعرض ولم تسمح القوى الأمنية بتجاوز حدود دوار مستشفى النيني.
على صعيد الخطاب السياسي، حاول باسيل التخفيف من وطأة زيارته عبر تبريد كلامه بقدر ما يستطيع وفق مقولة "ما بدها هالقد"، و قد حصر عناوين كلمته بالشق الانمائي وطغت عليها نبرة تصالحية بما فيها لفتته صوب المعتصمين بوجهه بشكل سلمي.
الخطاب الاستدراكي لم يلغ مفاعيل التحدي الذي انفعلت طرابلس لأجله، والذي بدأ بعد احداث الجبل عبر الخطاب المستفز والعالي النبرة المستهدف دائمًا "للسنية السياسية" ورموز الطائفة في الإدارة واستكمل ما سرب عن محضر الإشتباك اللفظي بين الوزير باسيل ووزيرة الداخلية ما استدعى تعاطفًا طرابلسيًا واسعًا مع الوزيرة الحسن، والذي أدى إلى نتيجة مخيبة لباسيل ولحضور "التيار البرتقالي" في طرابلس، على أن الملفت أن المواجهة في طرابلس اقتصرت على اعتراض شعبي، وهذا لا يقلل من اكلاف خطوة باسيل وانعكاساتها على شعبية تياره، خصوصا أن احد أبرز أهداف باسيل كانت تأمين أرضية في طرابلس عبر الاستفادة من وجوده في السلطة علها تساهم في رفع شعبية التيار والتحضير للاستحقاقات الاتخابية المقبلة.
وفق تعليق سياسي "عتيق " فإن باسيل حسبها اليوم لكنه أخطأ في حسابات المستقبل، فالكيدية لا تبني حيثية شعبية.



