كتب غسان ريفي في "سفير الشمال" مقالاً جاء فيه: "كما كان متوقعا، فقد دخل جبران باسيل الى طرابلس غريبا وخرج منها غريبا، وحوّلت زيارته الحزبية التي إقتصرت على لقاء كوادر التيار الوطني الحر في معرض رشيد كرامي الدولي، الفيحاء الى مدينة عسكرية بامتياز، أقفلها عناصر وضباط الجيش اللبناني وسائر الأجهزة الأمنية بانتشار كثيف وغير مسبوق، ما طرح أسئلة عدة، عن جدوى هذه الزيارة ونتائجها، وكيف للدولة أن تحرك كل حامياتها العسكرية وتتكبد تكاليف مالية هائلة، إستجابة لرغبة رئيس تيار سياسي أصر بعناد على زيارة مدينة تعترض على آدائه وسلوكه.
بالرغم من كل ما رافق زيارة الوزير باسيل الى معرض رشيد كرامي الدولي، إلا أنها حملت بعض الايجابيات، خصوصا أن طرابلس بحضورها وانفتاحها وتنوعها فرضت نفسها على الوزير باسيل وألزمته بخطاب هادئ تصالحي لم يخل من بعض الرسائل السياسية على الساحة المسيحية، كما أن من حضر مع باسيل من المتن وكسروان وبيروت وكذلك نواب ووزراء وقيادات من التيار الوطني الحر شعر بأهمية هذه المدينة الجامعة لكل أطياف المجتمع اللبناني، كذلك فقد أثبتت طرابلس أنها تعترض برقيّ وتخاصم بشرف، فجاءت الاعتراضات على زيارة باسيل في الشارع من دون أي شغب أو زعزعة للأمن ما دفع باسيل الى توجيه الشكر الى المعترضين على زيارته مشيدا بتحركهم الحضاري.
مع إنتهاء الزيارة تبين بما لا يقبل الشك، أن الأمور حُمّلت أكثر مما تحتمل، لا سيما من قبل الوزير باسيل الذي لم يكن إصراره على إتمام الزيارة ولو بشكل خاطف مبررا، ولو حاول تبريره بأنه لا يجوز أن يكون هناك مدينة أو بلدة مغلقة على أحد، علما أن طرابلس لم تقفل أبوابها بوجه أحد في كل الظروف، كما أن الحضور البرتقالي في قاعة المعرض كان خجولا جدا ومعظمه من خارج طرابلس، ما يؤكد أن ليس للتيار الوطني الحر قواعد شعبية في المدينة لكي يبذل باسيل كل هذا الجهد ويجند كل مقدرات الدولة من أجل تفقدها والاطمئنان عليها، وكذلك فقد ظهرت طرابلس بكل أطيافها على موقف سياسي واحد ضد الفتنة، فلم تعارض الزيارة التي هي حق لأي رئيس تيار سياسي، لكنها لم تستقبله فكان باسيل في معرض رشيد كرامي الدولي رئيسا للتيار الوطني الحر وليس وزيرا للخارجية.
يمكن القول إن باسيل حاول في كلامه، التحريض على القوات اللبنانية وإثارة حساسية الطرابلسيين تجاهها، كما برأ نفسه من تهمة التعدي على صلاحيات رئيس الحكومة، مؤكدا أنه يسعى لأن يكون رئيس حكومته قويا وبصلاحيات كاملة، كما أنه بالغ في الحديث عن عطاءات وإنجازات التيار الوطني الحر في طرابلس والتي إستغربها أبناء طرابلس الذين لم يسبق أن لمسوا أي إنجاز للتيار في طرابلس، ولم يذكروا أنه سبق وحمل مشروعا للمدينة وحارب من أجل إقراره سواء في مجلس النواب أو على طاولة مجلس الوزراء، ما دفع كثيرا من الطرابلسيين من خلال مواقع التواصل الاجتماعي الى التأكيد بأنه إذا كان باسيل يريد مساعدة طرابلس وأهلها كونه وزيرا “سوبر” في الحكومة ومتحالف مع رئيس الحكومة سعد الحريري، فإنه قادر من خلال وزارة البيئة على أن يعالج جبل النفايات، ومن خلال وزارة الطاقة أن يجد الحلول لأزمة الكهرباء سواء بالافراج عن ملف شركة نور الفيحاء، أو بتحسين التغذية، ومن خلال وزارة الاقتصاد بتفعيل معرض رشيد كرامي الدولي القادر على النهوض بالمدينة وبكل الشمال.
ويشير بعض الطرابلسيين الى أن باسيل قادر على تحويل زيارته من حزبية داخلية غير مرحب بها، الى زيارة منتجة يصالح من خلالها طرابلس، وذلك عبر إقرار وتنفيذ هذه المشاريع الملحة، مؤكدين أن الحساب سيكون في الزيارة المقبلة التي وعد باسيل بالقيام بها، فإما أن ترحب المدينة به وتستقبله على الرحب والسعة، وإما أن يزداد منسوب الاعتراض على وزير لا يقدم سوى الكلام".