نشرت وكالة "رويترز" تقريراً عن وضع السوريين في بلدة عرسال، والذين تلقوا أوامر بهدم "خيم الباطون" وجاء في التقرير التالي:
"لم يكن البيت سوى كوخ أقيم بالإسمنت قرب الحدود اللبنانية لكنها قضت خمس سنوات وهي تحاول أن تجعله مريحا لأولادها بعد فرارها من الحرب في سوريا، ثم اضطرت لهدمه بأوامر من الجيش.
وتقول وكالات الإغاثة إن ديما واحدة من آلاف اللاجئين السوريين الذين شملهم قرار حكومي بهدم الهياكل شبه الدائمة في شرق لبنان، ومن المحتمل أن يصبح 15 ألف طفل على الأقل بلا مأوى.
وقالت سبع وكالات عالمية تعمل في مجال الإغاثة إن الجيش هدم 20 بيتا للاجئين يوم الاثنين.
وفي مخيم عرسال المؤقت الذي تعيش فيه ديما ويبلغ عدد المقيمين فيه 450 شخصا، قال لاجئون إن الجيش وصل فجرا ومعه جرافة وهدم بضعة مساكن.
وعاد الجنود بعد يومين لتذكير الناس بضرورة هدم الجدران الإسمنتية والأسقف المعدنية.
وبعدها دفعت ديما (30 عاما) مبلغا من المال لرجال من مخيم قريب لهدم بيتها بالمثقاب إذ فضلت أن تهدمه بنفسها بدلا من الاضطرار لذلك مرغمة.
وانتقلت هي وأبناؤها الأربعة الصغار إلى كوخ جارهم على الناحية الأخرى من الطريق الترابي، حيث يكتظ بهم مع أكثر من عشرة أشخاص آخرين.
وقالت "أنا قاعدة عند جارتي، عندي أربع أولاد وأنا خمسة. ثلاث عائلات مع بعضنا، أغراضنا هون فوق منا، ما عندنا مجال لا نستأجر، ولا نطلع، أي شيء بالمرة".
وقال بعض الناس في المخيم إنهم يريدون اتباع اللوائح لكنهم اكتشفوا صعوبة الالتزام بالمواعيد وتدبير الأموال اللازمة للمعدات. كما أن عليهم التخلص من الركام.
ويخشى البعض أنهم لن يتمكنوا من إقامة الخيام المسموح بها من الخشب وألواح البلاستيك التي لا تكاد تحميهم من الشتاء القاسي في عرسال.
وكانت المرة الأولى التي أخطرهم فيها الجيش بالأمر قبل شهرين تقريبا ومنحهم فترات سماح منذ ذلك الوقت. ولم يعلق الجيش على عمليات الهدم لكن مصدرا عسكريا قال إن القوات تنفذ لوائح قانونية.
وقالت ديما "هلق أكيد عندنا خوف من المستقبل. يعني متل ما طلعوا قرار بإزالة المخيم، الله بيعلم إي شو بيطلعوا قرارات، شو بيعلم شو الله".
وصفت منظمة هيومن رايتس ووتش الحقوقية أمر الهدم بأنه "واحد من إجراءات كثيرة مؤخرا لزيادة الضغط على اللاجئين السوريين من أجل العودة" لبلادهم.
وقالت المنظمة يوم الجمعة إن من هذه الإجراءات زيادة عدد حالات الاعتقال والترحيل وإغلاق المتاجر وحظر التجول والطرد وغيرها في الأشهر السابقة.
ووصف عدد من المسؤولين اللبنانيين اللاجئين وأغلبهم من السنة بأنهم خطر على لبنان وحذروا من أن الأكواخ الإسمنتية ستؤدي إلى استيطان اللاجئين بصفة دائمة.
وهذه قضية شائكة في بلد يقوم على نظام سياسي طائفي هش توسعت فيه مخيمات اللاجئين الفلسطينيين غير الرسمية بعد وصولهم للبلاد قبل عشرات السنين.
وطالب وزير الخارجية جبران باسيل، صهر الرئيس اللبناني، برحيل السوريين إلى بلادهم وأصر على عدم انتظار التوصل إلى اتفاق سلام ينهي الحرب.
وقال الشهر الماضي إن المجالس البلدية يمكن أن تحمل اللاجئين على الرحيل ”بتنفيذ القانون وحماية النظام العام“.
غير أن نشطاء يتهمون حزبه وساسة آخرين بإثارة العداء تجاه اللاجئين وتحميلهم المسؤولية عن مشاكل لبنان القديمة.
وقال لاجئ سوري يشرف على المخيم نفسه في عرسال واسمه أبو فراس إنه لو كان الأمر بيد اللاجئين لعادوا.
وتقول السلطات اللبنانية إن عشرات الآلاف من اللاجئين عادوا مع هدوء القتال واستعادة دمشق السيطرة على مناطق كثيرة من سوريا. غير أن وكالات الإغاثة تقول إن الكثيرين لديهم مخاوف من العودة لبلدهم، ومن هذه المخاوف الإجراءات الانتقامية والتجنيد في الجيش وفقدان الممتلكات أو تجدد موجات العنف.
وقال أبو فراس الذي يتعين عليه هدم كوخ أسرته أيضا "والله طبعا في خوف، لسه متخوفين يعني... السلطات اللبنانية، شأنها هي، ونحن أضافتنا، وكتر الله خيرها، وما بدها إيانا نظل، هي في أمم وفي دول وفي النظام، تعاونوا سوا، بنرجع، بنرجع، نحن مستعدين، ما إنا هون ناويين لا نستوطن ولا نظل هون".
وأضاف "طبعا الإنسان حتى لو كان مستأجر أو قاعد مجانا، بيصير ها الخيمة أو ها الغرفة قطعة منه، يعني لأن عم بيتعب فيها ويضبطها، هلق مثلا صار لنا خمس أو ست سنين عم بنضبط، فجأة الواحد بيلاقي حاله يرجع من أول وجديد يعني".