بري يعود.... إلى إدارة التوازنات

بري يعود.... إلى إدارة التوازنات
بري يعود.... إلى إدارة التوازنات

لا شك في أن حادثة الشحار وما سبقها وما أعقبها من مواقف أطلقها رئيس "التيار الوطني الحر" الوزير جبران باسيل في زيارتيه للجبل وطرابلس أخرجت التململ من وزير الخارجية من الدائرة الثنائية الاشتراكية والقواتية، إلى الدائرة الأوسع، على اعتبار المعنيين (باستثناء "حزب الله" الذي ياخذ موقف متفرج وان كان يعتبر ان كل ما يجري في غير اوآنه)، أن السلوك الباسيلي الاستفزازي ذهب بعيدا وسيستمر في المرحلة المقبلة اذا لم يتم ضبطه من قبل الرئاسة الاولى.


في غمرة ما يجري، بدأ الحديث عن مشروع تكتل مرحلي يضم المتضررين من الحركة الباسيلية (الاشتراكي - القوات - المردة - حركة أمل) باعتبار مصادر مطلعة لـ"لبنان 24" أن الوزير العوني يواصل اتباع السياسة الإلغائية والاقصائية ويريد مصادرة صلاحيات مجلس الوزراء ورئيس الحكومة ليكون صاحب القرار، فهو يقدم نفسه على أنه مرجعية وطنية لكنه يتعاطى بـ"نفس طائفي" ويريد الإستيلاء على كل مفصل من مفاصل الدولة من خلال التعيينات المرتقبة. 

 

في المقابل يظن المؤيدون لسياسة رئيس تكتل "لبنان القوي"، أن التفاهمات الثنائية او الثلاثية او الرباعية وحتى الخماسية التي يتم التلميح إليها ليست إلا تعبيراً عن قلق الطبقة السياسية من باسيل، الذي يواصل العمل لاستعادة الشراكة في السياسة والادارة والتمثيل الصحيح للمسيحيين، فضلاً عن أنه يجهد لكسر ما يسمى بإمارات الطوائف عبر القيام بجولات على البلدات كافة لكونه رئيسا لتيار عابر للطوائف، على عكس الاحزاب الطائفية الاخرى التي عزلت نفسها في دوائر ضيقة، وفي الوقت عينه ترفض سياسة اليد الممدودة للوزير باسيل، وتريد تكريس فكرة التقوقع الطائفي.

لم يعد خافياً على أحد أن وزير الخارجية يمثل مشروعا رئاسياً للعام 2022 ويتمتع بفائض قوة من العهد العوني. فالسباق الرئاسي بين مرشحي الشمال الثلاثة (باسيل، رئيس تيار "المرده" سليمان فرنجية، رئيس حزب "القوات اللبنانية" سمير جعجع) انطلق جدياً منذ أن أعلن رئيس الجمهورية في نهاية العام 2018 أن أسباب فتح معركة الرئاسة مبكراً، مرده "وجود شخص في رأس السباق اسمه جبران باسيل".

لا تلقى هذه الحقيقة قبولاً عند معظم القوى السياسية لا سيما عند الاحزاب المسيحية بالدرجة الاولى، مروراً بالتقدمي الاشتراكي، وصولاً الى رئيس المجلس النيابي نبيه بري المعروف أنه كان في الاصل ضد وصول الرئيس عون لسدة الرئاسة، وكان يدعم فرنجية لهذا الموقع. وعلى هذا الأساس ثمة من يقول من المطلعين أن بري ليس منسجما مع العهد العوني، على رغم كل محاولات التلطيف الجارية على خط العلاقة والزيارات التي يقوم بها بين الفينة والاخرى لقصر بعبدا، وعلى رغم الرسائل الباسيلية التهدوية التي تدور في فلك الايجابية تجاه حركة "امل" وابعادها عن القصف المركز على "القوات" و"الاشتراكي" و"المرده".

وسط هذه الاجواء، عادت عين التينة الى الواجهة مجدداً بعدما اصيبت في فترة سابقة بحالة تدهور جراء سياسة باسيل وتحالفاته والامساك بمفاصل اللعبة السياسية. فنظرية الرئيس بري القائمة على تدوير الزوايا عادت لتفعل فعلها. فنجح في جمع رئيس الحكومة سعد الحريري والنائب السابق وليد جنبلاط، وتبريد الخلاف بينهما، بهدف إعادة احياء الاتفاق بين الرجلين، بعدما نجح في مرحلة سابقة في تكريس مفهوم ربط النزاع بين "حزب الله" وتيار"المستقبل"، وصولاً إلى زيارته امس قصر بعبدا للعمل على تذليل العقبات امام المخارجَ المطروحة لحادثة قبرشمون لجهة احالة الملف على المحكمة العسكرية بدل المجلس العدلي وإعادة تفعيل العمل الوزاري. وعليه، فإن الحركة الخضراء، تعني بحسب المتابعين، استعادة "النبيه" لدوره في معالجة الخلافات وادارة التوازنات وتحصينها، انطلاقا من انه من صانعيها، بمعزل عن أن "الاستاذ" لن يسمح بعزل جنبلاط حليفه الاول على مستوى الحسابات الداخلية، ويبدي تفهما لهواجس الاخير وكلاهما متمسك بمقتضيات اتفاق الطائف اسوة بالرئيس الحريري.

وتأسيساً على ما تقدم، فان الحديث عن جبهة خماسية تضم بري والحريري وجنبلاط وفرنجية و"القوات"، قد يكون مرده وضع حد لسياسة التمدد الباسيلي. فـ"القوات" على غرار "المردة" ترفض الاستئثارالعوني بالشأن المسيحي؛ وبيك المختارة من جهته قلق من محاولات تطويقه وتحجيم مكانته السياسية. ومع ذلك، تقول المصادر إن انضاج هذه الجبهة يبقى رهن الرئيس الحريري، الذي بحسب المعنيين، يتعاطى مع المستجدات وفق سياسة "اجر بالبور واجر بالفلاحة". فهو من جهة يميل الى هذا التكتل لاستعادة ثقة شارعه السني ومناصريه لكنه في الوقت عينه يأخذ في الاعتبار ما سيترتب عليه جراء ابتعاده عن وزير الخارجية. فولاية الرئيس عون، لم يمض منها بعد الا  نحو سنتين ونصف السنة، ما يعني أن الحكومة قد تتعرض للخطر لان التسوية سوف تُنسف، وعندها ستبقى أموال "سيدر" حيث هي.

 

اشترك فى النشرة البريدية لتحصل على اهم الاخبار بمجرد نشرها

تابعنا على مواقع التواصل الاجتماعى