إن الإصول الدستورية والقانونية تستدعي تصديق قطع الحساب قبل إقرار الموازنة ونشرها في الجريدة الرسمية، وهو ما يحتاج إلى اجتماع مجلس الوزراء الذي من مهماته إعداد مشروع قانون قطع الحساب وتحويله كمرسوم، علماً أن موقف وزير الخارجية لا يستند إلى أي اعتبارات مالية تتعلق بالحسابات وقطوعاتها، بل أنه على ما يبدو يرتبط بأسباب سياسية تتصل بتمسكه بعدم انعقاد الحكومة ما دام موضوع إحالة ملف حادثة قبرشمون إلى المجلس العدل لا يزال عالقاً.
صحيح أن الاعتبارات الدستورية تملي تصديق قطع الحساب قبل نشر الموازنة في الجريدة الرسمية، علماً أن تصديق البرلمان لقطع حساب العام 2019 سيكون تصديقا شكلياً يشابه تماماً ما كان يحصل في السنوات السابقة، ما دام معزولاً عن حسابات قطوعات الحسابات الاخرى التي يجب أن تصدر بالاستناد إلى جهود وزارة المال، لكن ثمة ايجابية، بحسب مصادر نيابية لـ" لبنان24" لا يمكن إنكارها في طرح باسيل الذي يقوم على ربط البت بقطع حساب العام 2017 مع بت قطوعات الحسابات الاخرى، لأن هذا الامر يتيح للمجلس النيابي، ولأول مرة في مرحلة ما بعد الطائف، أن يصدق على حسابات صحيحة وقابلة للمطابقة بين قطع الحساب وحساب المهمة، علما ان هذا التفاؤل لا يعول عليه اخرون انطلاقا من أن الحكومة ضربت عرض الحائط نص المادة 65 من قانون موازنة العام 2017 التي منحت مجلس الوزراء مدة سنة تنتهي بتاريخ 3 تشرين الثاني 2018، لتنظيم الحسابات المالية المدققة والعائدة للسنوات من 1993 ولغاية 2015 ضمنا، وتقديم قطوعات الحساب عملا بالأصول الدستورية والقانونية المرعية، أي لغاية العام 2017.
يبقى الاكيد، أن المخرج العوني يتوقف على موقف رئيس المجلس النيابي نبيه بري، الذي كان لا يزال، وفق مصادره، ميالاً الى الالتزام الحرفي بالدستور الذي يفرض إقرار قطع حساب العام 2017، علما ان مصادر تكتل "لبنان القوي" تجزم بأن الرئيس بري موافق على صيغة جريصاتي التي اخذت في الاعتبار الأبعاد القانونية لتجنب أي مخالفة دستورية، مع تأكيد المعنيين بأن اشارة الرئيس سعد الحريري الى امكانية عقد جلسة لمجلس الوزراء الاسبوع المقبل لا تزال حتى الساعة دونها عقبات لاعتبارات تتصل بملف قبرشمون، الذي لم يسلك طريق الحل المقبول من الطرفين (التقدمي الاشتراكي والديمقراطي اللبناني)، وبالتالي فإن الرئيس بري لن يراهن على إلتئام مجلس الوزراء، فهو يريد اقرار الموازنة قبل نهاية تموز الجاري لعدم الدخول في شهر مالي جديد.