أخبار عاجلة

يريدون انهاكنا.. حتى نقبل ولو بالشيطان

يريدون انهاكنا.. حتى نقبل ولو بالشيطان
يريدون انهاكنا.. حتى نقبل ولو بالشيطان
لم ننس بعد صيف العام 2015. ذاكرتنا طرية لكنها حبلى بالمناكفات. ربما يجدر بنا ان نستعيد مشاهد تلال النفايات في الشوارع لعلنا نشمّ رائحتها من جديد. ونتذكر أيضاً أن ثمة من غادرونا بسبب الامراض الناتجة عن انتشارها في الشوارع، ومن لم يزالوا يعانون صحياً من تبعات بقائها وقتاً طويلاً بين بيوتنا.

يبدو مما يثار حول قضية مطمر "كوستابرافا" أننا لسنا بعيدين من أن نعود، بقفزة واحدة إلى الخلف، أربع سنوات. لا يستطيع أحد أن يناقش أن المطامر كانت حلولاً مؤقتة، وأن مخاطرها البيئية غير خافية على أحد، وأولها تسميم البحر وتلويثه، فضلاً عن الروائح المنبعثة منها، وما تحمله من جراثيم. 


لكن يظهر أنه حتى قبولنا بكارثة المطامر طويلة الأمد، كان كثيراً علينا. إذ أعاد إتحاد بلديات الضاحية الجنوبية التلويح بإقفال مطمر "الكوستابرافا"، وتالياً عودة النفايات إلى شوارع بيروت، نتيجة عدم قدرة المطمر على استقبال المزيد من النفايات. 

صحيح أن الامر استدعى اجتماعاً مع رئيس الحكومة سعد الحريري ووزراء ورؤساء البلديات المعنية، إلا أن الحلول لم تزل ضبابية. وآخرها توسيع المطمر قليلاً لاستعياب المزيد من النفايات لوقت محدد. 

حسناً. ما جرى واقعاً منذ سنوات، هو أن الحلّ المؤقت (المطامر) غدا حلاً دائماً، وهو نفسه بات في حاجة إلى حلول مؤقتة أخرى اليوم. تراكم حلول مؤقتة كارثية بكل المعايير الصحية، من دون أدنى نيّة جدية للإنتهاء من أزمة النفايات إلى غير رجعة. 

علماً أن الحل الجذري للنفايات كان يحتاج إنجازه لأربع سنوات. هل من مسؤول في هذا البلد يطلعنا اليوم ماذا فعل خلال تلك السنوات؟ سوى بطمر الأزمة إلى حين؟ وكذلك سعي بلدية بيروت سابقاً الى إنشاء محرقة قبل أن تتراجع عن القرار؟ ثم اقتراح إقامة مطامر أخرى في أكثر من منطقة لبنانية يتم استثمار تأييد وجودها ورفضه سياسياً؟ 

هذه السياسة التي يقال اليوم إنها تقف خلف التلويح بإقفال مطمر "الكوستابرافا"، ومن تفاعلات التصعيد بين الضاحية الجنوبية ووليد جنبلاط، والقرار بعدم استقبال النفايات القادمة من عاليه وغيرها من المناطق الواقعة تحت سيطرة رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي.

لن تمرّ أيام قليلة حتى نشهد بأن المشكلة ستكون مادة جديدة في بازار السياسة، فيما النقاش الفعلي حول الخلاص من أزمة النفايات سيكون في أسفل قائمة الاولويات. هل الأمر مرتبط بتشريع المحارق بعد وضع الناس أمام أمر واقع يدفعهم للقبول بأي حلّ؟ لا أحد يعلم. لأننا لا نعرف ما يدور في الكواليس، إلا بعدما يخرج أحد الحاضرين فيها، ويفضح ما يحلو له وينتقيه من المستور. 

وإزاء غياب الشفافية والمماطلة تظل صحتنا العامة رهن من لا يملكون القدرة على التعامل مع مطلق أي أزمة. ومن بعض السياسيين والمقربين منهم، ممن يرون في أزمة النفايات، كما أي أزمة أخرى، مدخلاً لتعظيم الارباح عبر مشاريع تتعلق بــ "حلول" مؤقتة يروجون لها كأنها الخلاص، بما يخالف الوقائع العلمية والتجربة في أكثر بلد. 

"الكوستابرافا" لن يكون آخر المطامر التي ستتجه إلى الاقفال، لغاية سياسية وغير سياسية. في برج حمود وغيرها من المكبات الكبرى كمب عدوي في الشمال، لن تظل على طاقتها الاستيعابية. وعلى الارجح، أن تبييت المشكلة حتى الساعة من دون أي حلول خلال 4 سنوات، إنما غايته وضع اللبنانيين أمام أمر واقع هو القبول بالمحارق، أو حتى بالشيطان نفسه ... لإزالة النفايات من الشوارع.

اشترك فى النشرة البريدية لتحصل على اهم الاخبار بمجرد نشرها

تابعنا على مواقع التواصل الاجتماعى