أيّهما يسبق الآخر.. الانهيار السياسي أو الاقتصادي؟

أيّهما يسبق الآخر.. الانهيار السياسي أو الاقتصادي؟
أيّهما يسبق الآخر.. الانهيار السياسي أو الاقتصادي؟

تحت عنوان تجديد التسوية السياسية ـ الرئاسية قبل فوات الأوان، كتب شارل جبور في "الجمهورية": دخلت تسوية عام 2016 السياسية-الرئاسية في انعدام وزن وطني وميثاقي واقتصادي وسياسي، يستدعي من القيّمين مراجعة سريعة لما وصلت إليه الأوضاع، تمهيداً لتغيير السياسات المتّبعة قبل فوات الأوان.

التحذير ممّا وصلت إليه الأمور ينمّ عن حرص حقيقي لا عن استهداف، وأيّ مراقب للوضع في لبنان يخلص الى استنتاج مفاده انّ السباق اليوم يجري على قدم وساق تحت عنوان: أيّهما يسبق الآخر: الانهيار السياسي أو الانهيار الاقتصادي.

فمجرد تفسير خاطئ لكلام رئيس الجمهورية في احتفال الجيش اللبناني أدى إلى مضاعفات وتداعيات مالية سلبية جداً، الأمر الذي يؤشّر إلى حقيقة واقع الحال ودقة الوضع الاقتصادي والمالي، ويؤكد انّ التحذيرات الدولية والمحلية من خطورة الأوضاع في محلها، وانه إذا لم تتخذ إجراءات فورية واستثنائية فإنّ الانهيار سيكون حتمياً.

وبدلاً من أن تتجَنّد الدولة في أزمات من هذا النوع لمعالجة الخطر الاقتصادي الداهم، تتفاقم الأزمات السياسية الواحدة تلو الأخرى وكأنّ البلد بألف خير، الأمر الذي يُسرِّع في الانهيار من باب انّ الثقة الاقتصادية متأتية من الثقة السياسية. وطالما انّ الاستقرار السياسي غير موجود، فإنّ الاستقرار الاقتصادي سيكون في خطر حقيقي.

وفي موازاة تسليم الجميع، ضمناً أو علناً، بأنّ الوضع الاقتصادي ليس بخير، وانّ المعالجات القائمة لا ترتقي إلى مستوى التحديات الموجودة وحجمها، فإنّ الوضع السياسي ليس أفضل حالاً من الوضع الاقتصادي، بل يمكن القول وبراحة ضمير إنه أسوأ من الوضع الاقتصادي وربما الأسوأ منذ سنوات.

فعلى رغم حدّة الصراع بين 8 و14 آذار، إلا انه لم ينحدر يوماً إلى صراع طائفي على غرار ما هو حاصل اليوم بالتنقّل بين تفسير الدستور لجهة صلاحيات رئيس الحكومة، وبين تفسيره لناحية الطائفية السياسية التي لم تعالج منذ 90 عاماً ولن تعالج إذا ما استقر الوضع اللبناني على نحو مختلف تماماً، وهل من يسأل: لماذا لم تترجم المادة 95 من الدستور منذ 30 عاماً إلى اليوم؟ وهل هي مجرد مصادفة أم لأنّ الدخول في مرحلة إلغاء الطائفية يثير الحساسيات والهواجس ويعيد إنتاج الأزمات؟ 

وبدلاً من الاستفادة من تراجع حدة الانقسام الوطني من أجل ترسيخ الانتظام المؤسساتي وتحقيق الإنجازات الوطنية والاقتصادية تحديداً، تَقدّمَ الانقسام الطائفي المسيحي-السنّي على خلفية الصلاحيات وشعارات السنية والمارونية السياسية، والمسيحي-الدرزي على خلفية استعادة حقبات تاريخية بشكل مشوّه ومحاولات تطويق رئيس الحزب التقدمي الإشتراكي وليد جنبلاط وعزله.

وإذا وضعنا جانباً عامل المشروعية السياسية الذي يحتاج اليه الوزير جبران باسيل ويستدعي الاستنفار الطائفي، فإنّ خطأ باسيل الاستراتيجي يكمن في خَوضه معركة التوازن في التوظيف بالحدية نفسها لمعركة التوازن النيابي، واستطراداً الرئاسي. فليس صحيحاً انّ كل المعارك يجب ان تُخاض بالحدة والأهمية نفسها، فضلاً عن انّ معركة واحدة كفيلة بإطاحة ما حققته المعارك السابقة. 

وليس صحيحاً انّ كل المعارك يجب ان تُخاض بالأسلوب نفسه، وإذا كانت معركة التوازن الرئاسي-النيابي-الوزاري تستحق المواجهة تصحيحاً لخلل سياسي ناتج من سياسات النظام السوري، فإنّ الخلل الوظيفي في فئة مأموري الأحراج وغيرها من الفئات ناتج من خلل وظيفي وإداري وتقني وليس سياسياً.

اشترك فى النشرة البريدية لتحصل على اهم الاخبار بمجرد نشرها

تابعنا على مواقع التواصل الاجتماعى