خرج لبنان من تداعيات قبرشمون، ونفض وحول البساتين، وانتفض على سياق الحرن والحرد والنكد، وتوج الصفحة الجديدة بلقاء مصارحة ومصالحة في قصر بعبدا، تلته جلسة لمجلس الوزراء خلت من أي مواد خلافية، ومهدت للإنطلاق في معالجة الوضع الاقتصادي- المالي، وهو الأدق في تاريخ البلاد، وبالتالي لتوجيه رسالة إيجابية إلى المجتمع الدولي عشية زيارة رئيس الحكومة سعد الحريري لواشنطن، والتي يعول عليها لتفعيل الدعم الأميركي للبنان، وستكون مناسبة للبحث في القضايا التي تتصل بالعقوبات، كذلك بمسألة الإرهاب، وإلى تسليح الجيش والقوى الأمنية الشرعية، إمتدادا إلى ملف ترسيم الحدود.
الأجواء الايجابية الحالية، أرخت بظلالها على خطب عيد الأضحى المبارك، والتي ركزت على الوحدة والتوافق والعودة إلى الهدوء، فيما لفت تأكيد البطريرك الراعي في معرض التثبيت: أن السياسيين في لبنان خبراء في خلق العقد والتعطيل وحلها.
في الغضون، توقعت أوساط مراقبة للمرحلة المقبلة مسارا موازيا للمسار الاقتصادي- الاجتماعي- المالي- الأمني- القضائي، وهو مسار التعيينات وتفسيرِ المادة 95 من الدستور وطرح تعديل قانون الانتخابات النيابية أو اتجاه طرح مشروع قانون جديد، مشيرة إلى أن هذه القضايا الثلاث في هذا المسار الموازي، ستحدث تجاذبات بديهية وإنما في سياق المنحى الديمقراطي الذي يتميز به لبنان في شكل عام، داخل هذه المنطقة المضطربة والتي تتنازعها خطط خارجية لتقاسم النفوذ على المستوى الدولي والإقليمي في الشرق العربي والخليج.
في أي حال، إذا كان الهدوء ظلل أجواء عيد الأضحى في لبنان، إلا أن الوضع لم يكن مماثلا في اليمن، ولا في الأراضي المحتلة حيث عكرت قوات الاحتلال الاسرائيلي البهجة كما الصلاة، مقتحمة المسجد الأقصى.
مقدمة نشرة أخبار تلفزيون "أن بي أن"
في فلك عطلة العيد، بدأ لبنان يدور مطمئنا إلى انتظام عمل مؤسساته الدستورية من جديد، ولا سيما مجلس الوزراء الذي التقط أنفاسه بقوة دفع من لقاء المصارحة والمصالحة في قصر بعبدا.
صحيح أن المجلس لن يلتئم الأسبوع الطالع لمصادفة عيد الأضحى ثم السيدة، لكن قطار جلساته بات على السكة الصحيحة، بعدما اكتملت مناسك المصارحة والمصالحة.
على بركة هذه المناسك، صلى البطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي إلى الله، لكي تعقد لقاءات مماثلة تعم جميع الأفرقاء السياسيين فيحققون فعليا الوحدة الوطنية.
هذه الوحدة رصدت دعوة للتمسك بأهدابها في خطب العيد اليوم، إلى جانب إشادة بلقاء بعبدا الخماسي، وتشديد على ضرورة حل أي إشكالات بالتواصل والحوار والتفاهم.
وفي أول أيام الأضحى المبارك، يواصل حجاج بيت الله الحرام الانتقال من مشعر مزدلفة إلى مشعر منى لرمي الجمرة الكبرى.
أما في الأراضي المحتلة، فقد تحدى الفلسطينيون كل اعتداءات وممارسات وتضييقات سلطات الاحتلال، وتمكن أكثر من مئة ألف منهم من أداء صلاة العيد في رحاب الحرم القدسي الشريف.
الفلسطينيون المؤمنون بربهم وأقصاهم وقضيتهم، ما أهابتهم جحافل جنود العدو، ولا قطعان المستوطنين الذين حاولوا اقتحام المسجد الأقصى. هناك دارت مواجهات على مدى ساعات، انتهت بإصابة العشرات من المرابطين الفلسطينيين وبينهم مفتي القدس ووزير سابق لشؤون المدينة.
مقدمة نشرة أخبار تلفزيون "المنار"
بين الأضحى والأقصى شراكة متجذرة، وعناوين تضحية واقتداء بما أمر به رسول الله رجما لشياطين الفتنة، تماما كما رجم المقدسيون اليوم شياطين العصر ورسموا حدودا سماوية لأرض مقدسة بين قبلتين.
عيد الأضحى في القدس حافظ على رسائله، شجاعة أبناء المدينة المقدسة أكدت سقوط المكائد، وثبتت الاطمئنان في قلوب المؤمنين بأن لا خوف على الأقصى، وأن من يبيع فلسطين لكرسي وعرش لن يحقق مراده ولا صفقاته.
في لبنان، التضحيات قائمة دوما، يتشاركها اللبنانيون بوجه الهموم في بلد يطلب تفعيل العمل الحكومي لانقاذ ما أمكن من اقتصاده ومن مشاريع الموازنة، ولتأمين انطلاقة انتاجية تتكامل بين المؤسسات والادارات ولا تبتعد عنها العين الراصدة للفساد والهدر.
إيجابيا ينظر "حزب الله" إلى ما نتج عن اجتماع بعبدا الخماسي، ولكن ما حصل من تعطيل الحكومة لأربعين يوما يدل على ضعف وهشاشة في الأداء والتعاطي السياسي، وهو يدعو- وفق رئيس المجلس التنفيذي في "حزب الله" السيد هاشم صفي الدين- إلى أخذ العبر والابتعاد عن مغامرات غير محمودة العواقب، خاصة من جانب الذين لم يتعلموا من التجارب.
في اليمن، تجربة الصمود بوجه العدوان تتراكم على طريق الانتصار، والبلد الذي يدفع أبناؤه في عيد الأضحى ثمانية أطفال شهداء بغارات عدوانية وحشية، يتمسك بصبر مقاتليه وحنكة قيادييه مقابل تحالف اجرامي بدأ يفتك بأهله في عدن الجنوبية، ويكشف كيف يصفي حلفاء الأمس بعضهم البعض على طريق التقسيم بعد الاقرار بالافلاس الميداني.
مقدمة نشرة أخبار تلفزيون "أو تي في"
أضحى مبارك وكل عام وأنتم بخير.
بمعزل عن حسابات الربح والخسارة، التي يحاول البعض أن يتسلى بها عن تشاطر وتذاكي وتشفي وتصفية حسابات واثارة حساسيات وادعاء معرفة، فإن ما حصل بعد صيام 40 يوما عن الحل والمخرج، شكل ربحا لفكرة الدولة ومنطق التوافق ومبدأ الفصل بين الخلافات.
عمليا لم يربح أحد بالمطلق، ولم يخسر أحد بالكامل، ولم يصب أحد بجروح خطيرة استدعت خروجه من المشهد الداخلي ونقله إلى غرفة العناية السياسية. الجميع ربح والجميع تنازل لمصلحة التسوية الكبرى التي أثبتت مرة جديدة أنها عصية على السقوط، وأنها جديرة بالحياة والاستمرار رغم هنات وزلات وهفوات.
لم يطرح المجلس العدلي ولم يمر، لكن ثنائية القرار الدرزي تكرست بغض النظر عن الأحجام والكلام، وأن المشكلة التي تجند البلد لحلها والحد من تداعياتها، كانت مشكلة درزية داخلية وليس مشكلة مسيحية- درزية، كما حاول بعض أصحاب الرؤوس المريضة تصويرها.
أثبت اجتماع بعبدا أن ما جمعه التفاهم بين الرئيس عون ورئيس الحكومة سعد الحريري، لا تفرقه قبرشمون ولا جو مشحون ولا حفلة جنون. المسارات الثلاثة التي طرحها الرئيس عون سارت ووصلت. والرئيس الحريري الذي حيد مجلس الوزراء عن الالتحام والاقتحام والامساك بالخناق، نجح وأبعد الكأس المرة عن حكومته. والرئيس بري الذي استعان بمخزون وافر من الحنكة والحكمة، أوصل المصالحة إلى بعبدا لتدخلها آمنة برعاية وعناية الرئيس عون. أما كاسحة الألغام عباس ابراهيم فأظهر مرة جديدة أنه يجمع حيث يفرق الآخرون، وأنه يقرب حيث يباعدون، وأنه يبني جسور تواصل وعمارات حوار ويفتح ثغرات عميقة في جدران سوء الفهم.
لكن الأبرز والأهم في ما تحقق، والذي أثبتته أيام المطهر والمصهر الأخيرة، هو أن لبنان يهتز ولا يقع، والدولة تتعثر ولا تسقط. صحيح أن الازدهار منتظر لكن الانهيار مستبعد. تصل الأمور إلى حافة الهاوية وتعود عنها بسحر ساحر وقدرة قادر. تعلم أفرقاء الداخل أن هناك حدودا للعبة وهامشا للمناورة. وتأكد أفرقاء الخارج أن لا حدود للتدحرج والتراجع للمنطقة إذا سقط البلد الصغير في الرهان الكبير.
انتهى صيام الأزمة، وفطر اللبنانيون على دينامية جديدة، قد تؤسس للنصف الثاني من عمر العهد، حيث لا تهويل ولا تهبيط حيطان ولا سيناريوهات من صنع عقول مريضة ونفوس بغيضة.
كل طرف بات يدرك حجمه وحدود تحركه وهامش معاركه. نظرية المحاور أظهرت عدم جدواها في الداخل، والكلام الثقيل الذي يطلقه أصحاب الأوزان الخفيفة عن اسقاط العهد أظهر أنه نكتة لا يضحك لها أحد. ولأن التفاهم لم يسقط كما أمل وعمل وحلم كثيرون، فذلك يعني أمرا جليا: فرصة جديدة متاحة للتعافي.
مقدمة نشرة أخبار تلفزيون "أم تي في"
أضحى مبارك.
لم تكد الحكومة تنهي عطلتها القسرية التي امتدت أربعين يوما، حتى أتت عطلة منتصف الصيف، وفيها عيدان: الأضحى وانتقال السيدة العذراء. ومع العيدين وبينهما، يدخل الوضع السياسي والحكومي في شبه إجازة طوال الأسبوع المقبل، ليتبدل المشهد بدءا من الأسبوع الذي يليه.
لكن العطلة في لبنان لا تسري في الولايات المتحدة الأميركية، التي يزورها الرئيس سعد الحريري. والأكيد أن لقاءات الحريري في واشنطن، جاءت بطلب من الإدارة الأميركية التي ترى أن الوضع اللبناني ليس على ما يرام، وأن "حزب الله" يحكم قبضته أكثر فأكثر على المؤسسات يوما بعد يوم، في ظل غياب أي استراتيجية بديلة لدى الفريق الآخر. وهذا يعني في القراءة السياسية، أن لقاءات الحريري المسؤولين الأميركيين لن تكون سهلة، لأنه سيواجه بمجموعة من الأسئلة الصعبة والتقييمات السلبية لما يحصل على الساحة اللبنانية. فهل نكون بعد عودة الحريري من واشنطن، أمام مرحلة سياسية جديدة، وأمام تحولات في الوضع اللبناني؟.
توازيا: الهموم اليومية اللبنانية لا تتغير ولا تزال تلقي بثقلها على المواطن، وهي تنتظر المعالجات الجدية، فيما الحكومة غارقة في عطلتيها القسرية والعادية. فالنفايات في مناطق عدة من لبنان مرمية على الطرقات وفي الشوارع، محولة البلدات والقرى النموذجية للصحة، إلى مناطق نموذجية لنمو الميكروبات وانتشار الأمراض على أنواعها. ومسألة قوننة عمل الفلسطينيين مؤجلة حتى اشعار آخر، باعتبار أنه ثبت أمس وبما لا يقبل الشك، أنها من المواضيع الخلافية في مجلس الوزراء، لذا كان الحل الأمثل في تأجيل البحث في الموضوع المتفجر، إذ أن الحكومة لم تشف بعد من جروح قبرشمون.
لكن الموضوع الأبرز يبقى مؤتمر "سيدر" والمقررات الناتجة منه. والأكيد في هذا الاطار أن على الحكومة تحقيق رزمة اصلاحات قبل أن يصبح في امكانها الاستفادة من أموال "سيدر". والسؤال الكبير يبقى: كيف لحكومة فاشلة وتحتاج إلى عملية اصلاح جذرية عميقة، أن تحقق اصلاحات؟.
مقدمة نشرة أخبار تلفزيون "أل بي سي آي"
إنه أسبوع التقاط الأنفاس، والهدوء الذي يفرضه عيد الأضحى وعيد السيدة العذراء، لا بد أن يترجم بعد العيدين، من خلال قراءة هادئة في الأمن والسياسة، لحادث قبرشمون وأيامه الأربعين السود.
هذه الأيام أثبتت مدى الحقد الدفين بين كل أفرقاء السلطة، وقد تخللها أكثر من ملف لغم، من قبرشمون إلى مشكلة فقدان الثقة بالقضاء والأجهزة الأمنية، إلى التوتر الذي ساد منطقة الجبل، إلى الدولة التي أكدت ضعفها، إلى الاقتصاد شبه المنهار، إلى الحديث عن المناصفة، إلى ما لم يكشف من خفايا هذه الأيام.
صفحات هذه الملفات طويت، عبر بلسم لقاء المصالحة في بعبدا، لكنها لم تختم بالشمع الأحمر منعا لتكرارها، فيما المطلوب البحث عن حلول، لا تودي بالبلد في لحظة تشبه قبرشمون أخرى، إلى نقطة اللاعودة.
سيمر الأسبوع، ونجمه من دون مفاجأة، لقاءات الرئيس الحريري في واشنطن، اعتبارا من الأربعاء. والرئيس الحريري، لكي ينجح في زيارته الأميركية، سيمسك العصا، وبدقة من النصف، بين الحديث عن دور "حزب الله" وحضوره المحلي والاقليمي، وقدرته العسكرية الاستراتيجية، التي تشكل عمق القلق الأميركي، وكيفية التعامل معه، وبين المطالبة بدفع أميركي في اتجاه فك أسر الأموال عن لبنان، عله، على الأقل يبطئ انحداره السريع نحو قعر الهاوية.
وهو ممسك بالعصا من النصف، سيثقل كاهل الحريري، لا سيما في شق المساعدات المالية للبنان، ملف الفساد، الذي يبصم بأيدي وزراء ومسؤولين كبار، وعلى عين دول العالم، يا تاجر.
مقدمة نشرة أخبار تلفزيون "الجديد"
رمي الجمرات على الشيطان في مكة، فيما الشيطان كان مشغولا برمي المحرمات على المصلين في الأقصى، فالمستوطنون لاحقوا أهل القدس على صبيحة عيدهم، اعتدوا على الأضحى عند بوابات الأقصى، لكن المقدسيين أقاموا الصلاة وسجدوا، تعلوهم رصاصات الاحتلال المطاطية وقنابل الغاز المسيلة للدموع.
ومرة جديدة يقدم الفلسطينيون درس بلاغة لكل العرب، بعضهم صلى جريحا، وآخرون خرجوا من سورة قرآنهم ليشكلوا سورا حصينا لأولى القبلتين. وقد استمرت عيون الفلسطينيين مفتوحة على المسجد طوال ليل أمس حتى صباح اليوم، بسبب استفزازات المستوطنين عند باب العمود وسعيهم للاقتحام وتعكير الصلاة، غير أن أسياد القدس كانوا حراس ليلها، متيقظين سائرين وفقا لخريطة طريق منبعها القرآن الكريم وفيه: "سبحان الذي أسرى بعبده ليلا من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى".
وتحت هذه العقيدة، انكفأ أولاد الحرام، ورضخت إسرائيل لمشيئة المصلين بعدما اعتدت على عدد منهم، وبينهم رئيس مجلس الأوقاف عبد العظيم سلهب والمفتي العام محمد حسين وعضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير عدنان الحسيني.
وإرادة الناس المقدسة، شكلت في الأضحى رسالة أخرى إلى كل المنتجين والمخرجين الفاشلين العاملين على "صفقة القرن"، فهذا شعب الجبارين الذي إذا أراد شاء، وليست هناك قوة في العالم قادرة على تذويب حقوقه وتفتيتها وتشتيتها، وتدويلها إلى ورقة تداول بين صهر ترامب وحفنة عرب تليق بهم شعائر رمي الجمرات، لأنهم صورة الشيطان الأكثر تمثيلا على الأرض.
وإلى الجبابرة اللبنانيين الذين وضع لهم البطريرك الراعي اليوم رسما يشبه أداءهم من دون زيادة أو نقصان، قائلا بعد حفلة المصالحة: لقد أثبت السياسيون اللبنانيون مرة أخرى أنهم خبراء في خلق العقد والتعطيل وفي حلها وإعادة الحركة، ولكن بعد خسائر مالية واقتصادية باهظة تلحق بالدولة والشعب.
لكن إعادة الحركة وضخ الروح في الحياة السياسية لها ثمن، وإذ أكد النائب آلان عون ل"الجديد" أن لا جوائز ترضية نتجت عن المصالحة، فإن الجوائز والتوافق والتسوية لا يمكن لها في العرف اللبناني أن تمر "بلا جمرك" سياسي، فالاتفاق على توزيع حصص التعيينات "يحيي الموتى"، يفتح قبورا، ويغلق قبرشمون، أما إذا اختلفوا فيتصالحون بعد جناز الأربعين.