بالأمس تنفس اللبنانيون الصعداء، مع التسريبات التي تحدثت عن تأجيل إصدار هذا التصنيف لستة أشهر، حيث نقل نواب الى الرئيس نبيه بري خلال لقاء الأربعاء النيابي أن الاتجاه جدي لتأجيل التصنيف، وأنهم أجروا إتصالات مع حاكم مصرف لبنان الدكتور رياض سلامة الذي أوحى بأجواء إيجابية في هذا الخصوص، ما يعطي الدولة اللبنانية فرصة جديدة وربما تكون أخيرة للقيام بالاصلاحات المالية المطلوبة، والاسراع في إقرار موازنة عام 2020 قبل نهاية العام الجاري.
يمكن القول أن تأجيل صدور التصنيف، هو بمثابة رمي كرة الأزمة لستة أشهر إضافية، لكن هذه الكرة سرعان ما ستعود لتصطدم بوجه الحكومة اللبنانية التي يؤكد كثير من الخبراء أنه لا بد من قيامها باجراءات غير روتينية لتلافي التدهور السريع الذي يهددها، حيث من المفترض أن تدخل الى هيكليات كل جزء من أجزاء الدولة لتصغير حجم الانفاق وليس ضغطه كما كان يحصل، فضلا عن ضرورة القيام بالاصلاحات المطلوبة فعلا وليس قولا.
لم يعد وضع لبنان يحتمل أي ترف، خصوصا أن الأشهر الستة المقبلة ستكون مفصلية، وإذا كانت بعض الاتصالات التي جرت في الأيام الماضية على أكثر من صعيد سياسي وإقتصادي ومالي قد أثمرت عن تأجيل صدور التصنيف الائتماني، فإن هذه الفرصة قد لا تتكرر، وسيكون على لبنان بعد هذه الفترة أن يواجه مصيره وأن يتحمل تبعات ما سيقدمه، فإما البقاء على ما هو عليه، أو تخفيض التصنيف الذي قد يؤدي الى ما يحمد عقباه ماليا وإقتصاديا.
يشير بعض الخبراء الى أن الستة أشهر المقبلة، من المفترض أن تحفل بالاصلاحات الاقتصادية والمالية السريعة والحقيقية، وأن تشهد البلاد خلالها إستقرارا كاملا سياسيا وأمنيا، على قاعدة لا صوت يعلو فوق صوت تحصين الوضع المالي، فضلا عن معالجة الوضع البيئي بايجاد الحلول الناجعة لأزمة النفايات، وإصلاح وضع الكهرباء، والاستفادة من الجرعات الايجابية التي يمكن أن يقدمها مؤتمر سيدر، وتقديم خطوات عملية على طريق محاربة الهدر والفساد، وتحصين واقع القضاء، وتفعيل مؤسسات الدولة الرقابية، وتخلي المعنيين عن مصالحهم السياسية ومكاسبهم الشخصية، لمصلحة البلد، وإلا فإن الآتي سيكون سلبيا جدا، لا بل أعظم، خصوصا أن أحدا لن يشفع للبنان الذي في حال لم يستفد من هذه الفرصة في تحسين واقعه الاقتصادي بما يبقي التصنيف على حاله أو تحسينه، فإن السلطة السياسية تكون قد دفعت بالبلد نحو الهاوية بيدها، وإرتكبت جريمة بحق شعبها الذي لن يغفر لها.