في أقل من أسبوعين تبدّلت المشهدية السياسية، التي كانت سائدة قبل المصارحة والمصالحة الدرزية – الدرزية برعاية رئيس الجمهورية.
فالأسود أصبح أبيض بين ليلة وضحاها، وأصبحت زيارة المختارة بالنسبة إلى باسيل طبيعية، وهو الذي يستعدّ للقيام بزيارة جديدة للجبل، على رغم الخلافات السياسية التي لا تزال قائمة بين الفريقين، والتي تمظهرت مؤخرًا بوقوف وزيري "التقدمي" إلى جانب خيار "القوات اللبنانية" في تعيينات المجلس الدستوري، وبذلك يكون جنبلاط قد ردّ التحية لـ"القوات" بأحسن منها، في رسالة منه بأن تقاربه مع رئيس الجمهورية لا يعني بالضرورة إبتعاده عن "القوات"، التي وقفت إلى جانبه في أشدّ الأزمات صعوبة، وهذا ما يزعج باسيل، الذي فشل في تحجيم الزعيم الدرزي، لكنه مستمرّ في إتباع سياسة تحجيم "القوات"، خصوصًا أن معركة رئاسة الجمهورية قد فتحت على مصراعيها قبل أوانها بكثير.
فالخلاف القائم بين الحزب "التقدمي الإشتراكي" و"التيار الوطني الحر" لا يفسد في الودّ قضية، الذي تجّلى في الغداء العائلي في قصر بيت الدين، وهو قابل لأن يأخذ مناحي تقريبية في بعض وجهات النظر.
فبعد خطاب باسيل في الضبية، والذي نعى فيه إتفاق معراب المختلف عن المصالحة المسيحية – المسيحية، وهذا ما لا توافقه عليه "القوات"، لأن إتفاق معراب هو الأساس في التسوية السياسية وهو الترجمة العملية لمفاعيل المصالحة، بإعتبارهما متلازمين ولا يمكن فصلهما، ليس ما قبل الخطاب، لأن ثمة معطيات كثيرة قد بدّلت مشهدية العلاقة المتوترة بين جعجع وباسيل، وقد زادت نتوآتها بعد عملية الإقصاء عن الدستوري، وفي ضوء ما يحكى عن إستئثار باسيل بكامل الحصة المسيحية في التعيينات المقبلة ما يجعل المسافة بين ميرنا الشالوحي ومعراب أبعد بكثير من المسافة التي تفصل بين "التيار الوطني الحر" و"الحزب التقدمي الإشتراكي".