أخبار عاجلة

الحريري و'حزب الله'.. تكامل في السياسية والاقتصاد

الحريري و'حزب الله'.. تكامل في السياسية والاقتصاد
الحريري و'حزب الله'.. تكامل في السياسية والاقتصاد
مع تداخل الواقعين السياسي والاقتصادي مع بعضهما البعض لم يعد صالحاً اليوم وانتفى نهائياً، ما كان قائما إبان حقبة الوجود السوري في لبنان حول معادلة تحكم الرئيس الشهيد رفيق الحريري بالمال والاقتصاد، وحزب الله بالأمن والسياسية الدفاعية.

قد يتراءى للبعض منذ العام 2017 أن "التسوية الرئاسية" بنيت على ثنائية توزيع الادوار والمهام وتقاسمها، بيد أن واقع الحال راهنا، يشير إلى تداخل الأمن بالسياسة والاقتصاد والعسكر، نتاج تداخل الأزمات المحلية مع النزاعات الإقليمية والدولية. فبعيداً عن نظرة كل طرف من الأطراف الاسياسية لتطورات المنطقة وللعلاقات العربية والدولية، فإن القوى الثلاث المتمثلة بحزب الله والرئيس سعد الحريري والتيار الوطني الحر اصبحت مجتمعة، تتحكم بمجريات الأمور في الداخل وصاحبة الكلمة الفصل في مقاربة القرارات وتنسيقها.


يتوقف المراقبون ملياً عند مواقف رئيس الحكومة التي أطلقها بعد الاعتداء الاسرائيلي على الضاحية الجنوبية ومروحة الاتصالات التي أجراها بمسؤولين روس وأميركيين وفرنسيين، فضلا عن اجتماعه بسفراء الدول الخمس الكبرى وسفراء الدول العربية ومهاتفته الامين العام للام المتحدة انطونيو غوتيريس والتي خلصت جميعها إلى تأكيده أن "اسرائيل تتحمل المسؤولية الكاملة عن اعتداءاتها على ضاحية بيروت الجنوبية" وإن كان بالامس قد تحدث بدبلوماسية لقناة الجديد عندما اكد أن "القرار 1701 لم يسقط، ولا يزال موجوداً".

ما يجب ملاحظته في هذه المواقف أن رئيس الحكومة انتهج سياسة تركت ارتياحاً عند المقاومة قيادة وجمهوراً، وعند رئيس الجمهورية العماد ميشال عون وتياره السياسي وجاءت منسجمة مع موقف دار الافتاء الى حد كبير. لكن الكلام الحريري دفع الكثيرين الى قراءة ما بين سطوره، والتلميح الى أن الاخير يتطلع إلى مصالحه الاستراتيجية العليا التي تفرض عليه التعاطي بايجابية مع حزب الله في ضوء المتغيرات الاقليمية والدولية المتسارعة.

وليس بعيداً، حاول البعض بالأمس التصويب على موقف الرئيس الحريري بعد حوار بعبدا الاقتصادي عندما نقل متابعة الورقة الاقتصادية التي قدمها رئيس الجمهورية الى لجنة سيترأسها تمهيدا لعرضها على مجلس الوزراء، ظنا أن رئيس الحكومة يريد ان يضع يده على الاقتصاد  بشكل كامل مقابل جرعات دعمه لحزب الله ضد الاعتداء الاسرائيلي، بيد أن الواقع  في الوقت عينه يقول إن حزب الله يدرك تماما حاجته الى الرئيس الحريري في الوقت الراهن، نظراً لعلاقات الأخير مع الولايات المتحدة الاميركية على وجه التحديد وتمثيله قناة تواصل مع المجتمع الدولي في مرحلة تكثر فيها رسائل الرئيس دونالد ترامب التحذيرية لحزب الله ولبنان عبر فرض عقوبات على عدد من قيادات المقاومة وصولاً الى تصنيف جمال تراست بنك مصرفاً ارهابيا عالميا وما سيتبع ذلك من  قرارات اميركية تصب في الاتجاه نفسه في إطار سياسة الضغط  المعتمدة من واشنطن.

ما تؤشر إليه المستجدات، أن الحريري المدرك للواقع الاقتصادي ولضرورة انقاذه، والمرتاح لكونه الى حد كبير من موقعه الرسمي الضمانة للهيئات المانحة، لجأ الى استثمار هذه الورقة الاقتصادية سياسيا لتعود اليه بالدفع على مستوى الشراكة في الداخل من موقع القوي (بمعزل عن تقديمه في بعض الاحيان التنازلات لصالح الرئاسة الاولى)، فضلاً عن تمتعه بغطاء عربي وأوروبي وأميركي للبقاء في موقعه في الرئاسة الثالثة.

وليس بعيداً عن بيت الوسط، فإن حارة حريك باتت معنية بالاقتصاد أسوة باهتمامها بالحروب الدفاعية عن لبنان والمعادلات الخارجية، فقررت سلوك مسار جديد أكثر وانخراطاً بالأوضاع الداخلية وقد تظهر ذلك في  تصويت كتلة الوفاء للمقاومة لصالح موازنة العام 2019 وانكب حزب الله عبر خبرائه على دراسة خطة ماكينزي وماهية مقررات سيدر ونتائجها المالية على الدولة والمواطن وكيفية الاستفادة الصحيحة من الاموال، مع تأكيد قيادته ان الجهد يجب ان ينصب على الحفاظ على الدولة من الإنهيار الاقتصادي بفعل الهدر والفساد. ومع ذلك فإن ما حققه حزب الله بالعسكر لن يستثمره محلياً على مستوى محاربة الفساد ، ربما لاعتبارات تتصل بحلفائه قبل خصومه. ويرى المقربون من حزب الله أن لبنان يستنزف بالمال، من منطلق أن الوصاية الدولية موضوعة عليه من قبل صندوق النقد والبنك الدولييين عطفا على العقوبات التي تزيد يوماً بعد يوم، وبالتالي فإن مواجهة الميركافا وساعر 5 أسهل من مواجهة القوة الناعمة الاميركية (المؤسسات الدولية والتصنيفات) التي سلبت لبنان سيادته.

اشترك فى النشرة البريدية لتحصل على اهم الاخبار بمجرد نشرها

تابعنا على مواقع التواصل الاجتماعى