لا شيء في الجمهورية يسير كما يجِب أن يسير. فمَن في يدهم زِمام السلطة، لا يزالون، بلا أسباب "منطقية"، يؤخرون البت بواحِد من أهم الملفات في البلاد: ملف التعيينات الإدارية، في وظائف الفئة الأولى تحديداً. يطلّ هذا الملف إلى الواجهة، ثم يعود ليختفي بسبب الخلافات بين القوى السياسية الراغبة في حصص أكبر داخل النظام، من دون الركون إلى آليات واضحة تلتزم معايير الكفاءة وتكافؤ الفرص. المشكلة بحسب المطلعين على "طبخة البحص" هذه، لا تنحصر في عدم اعتماد آلية واضحة للتعيين، ولا في التوزيع الطائفي للمواقع (الذي بات يجري التعامل معه كتوزيع مقدّس، خلافاً للدستور الذي يوجب المداورة بين الطوائف)، بل ينسحِب الخلاف على أسماء المرشحين لشغل المناصب الشاغرة بين الحلفاء في بعض الأحيان، حتى في تلكَ المحسومة طائفياً. إلى الآن لا يزال الشغور في مناصب كبيرة وأساسية قائماً، علماً أن التعيين فيها حاجة مُلحة من أجل انتظام عمل السلطة والإدارات. وقد أدى هذا التعطيل إلى شغور إضافي في عدد من المواقع حتى بلغت أكثر من خمسين. وتُترجَم هذه الخلافات توتراً بين المكونات السياسية، في ظل إقصاء بعضها عن الحصول على حصة في التعيينات، كما يحصل اليوم مع القوات اللبنانية، أو في ظل وضع فيتوات على أسماء تطرحها جهة معينة، لأن فريقاً آخر لا يريدها، كما صارَ سابقاً بين رئيس الحكومة سعد الحريري والوطني الحرّ الذي رفض مرشّح الأول إلى رئاسة مجلس الإنماء والإعمار.
ترتفع حدة التوتر، بما أن المبعَدين، كالقوات وإلى جانبها تيار المردة، يدركون أن اعتراضهم لن يغير في واقع الحال شيئاً. فالجزء الأكبر من التعيينات سيمرّ بموافقتهم أو من دون رضاهم. لكن ذلك لا يمنع المعترضين من شنّ حملة على الحكومة التي يشاركون فيها، كما هي حال معراب التي تتكتم على المواقع التي تضعها نصب أعينها. كلما سئل القواتيون عن التعيينات، يجيبون بالإشارة إلى أن التيار الوطني الحر "لم يلتزم ما اتُّفق عليه في ورقة النيّات حول بند التعيينات".
لقراءة المقال كاملا اضغط هنا