جعجع بين المحاصرة... وأزمة الثقة

جعجع بين المحاصرة... وأزمة الثقة
جعجع بين المحاصرة... وأزمة الثقة
قد يكون رئيس حزب القوات سمير جعجع قد نجح في توسيع قواعد "القوات" لا سيما على مستوى الشباب المسيحي، حيث تمكن من تفعيل الزخم على مستوى الشرعية المسيحية وتمتين قاعدته الشعبية، منذ ما بعد اتفاق معراب، مستنداً الى عمل وزراء ونواب تكتل "الجمهورية القوية" وتجربتهم من خلال  طرحهم لعناوين تصب في خانة  مكافحة الفساد والهدر والتصدي لنهج المحصصات والتسويات. ومع ذلك يظهر حزب "القوات" وكأنه محاصر من حلفائه الاساسيين في ما يسمى بـ14 آذار قبل خصومه داخل الحكم والمؤسسات.

ليست "القوات" الحزب الوحيد الذي يئن من "عقوبات طرفي التسوية الرئاسية". فكثيرة هي القوى التي تتنفس الصعداء عند وقوع أي هزة على خط بيت الوسط – بعبدا – ميرنا االشالوحي، ومرد ذلك بحسب المكونات المتضررة من "التسوية" أن ما خفي من الاتفاق الرئاسي على المستويات كافة أشبه بالتفاهم الثنائي على تقاسم الحصص والسيطرة على الادارات وتعزيز مكتسبات لا علاقة لها بالإنتظام العام لعمل الدولة.

ومما لا شك فيه، أن علاقة معراب – ميرنا الشالوحي وصلت إلى حائط مسدود، مع سلوكها طريق اللا تلاقي واللاعودة الى ورقة نوايا "أوعا خيك"، فالحكيم وضع علامة تحت الصفر لعلاقته برئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل لأنه جزء أساسي مما يحصل اليوم بالذهاب نحو الخراب، قائلاً الموضوع أبعد بكثير من التعيينات التي لا نريد سوى إنجازها تبعاً لآلية معينة"، ومحاولات اقصاء "القوات" تعود إلى اننا لا نتعاطى الشأن العام  بـ"البيزنس".

لا يتأمل جعجع خيراً من باسيل لا سيما في ملف التعيينات في ظل سعي الاخير، بحسب القواتيين، الى تصفير حصتهم جرياً على ما حصل في تعيينات أعضاء المجلس الدستوري، لكن غرابة المشهد تكمن في أن "القوات" رغم حيثيتها، لا تجد من يساندها في ما تسميه أحقية مطالبها وأبسط حقوقها المستمدة من حجمها التمثيلي النيابي والوزاري، في إشارة إلى رئيس الحكومة سعد الحريري الذي يسير بملف التعيينات الادارية والقضائية والامنية بالتفاهم مع باسيل، علما أن هذا التعاطي قد لا ينطبق الى حد كبير على علاقة الحريري – برئيس الحزب التقدمي الاشتراكي النائب السابق وليد جنبلاط، الذي عطفا على رئيس المجلس النيابي نبيه بري الذي يمنع كسره أو تحجيمه او تضييق الخناق عليه، فإن رئيس الحكومة نفسه كان رأس حربة في الدفاع عن بيك المختارة والوقوف الى جانبه بعد حادثة قبرشمون، وهذا من شأنه أن يثير حساسية قواتية بمعزل عن تأكيد معراب علاقتها الجيدة والمميزة بالمختارة، وذهاب الدكتور جعجع بعيداً في وقوفه الى جانب وليد بيك بعد حادثة البساتين وتشديده على مصالحة الجبل.

وإذا كان الواقع يقول إن لا تعيينات بلا موافقة جنبلاطية بدليل ما حصل في المجلس الدستوري (ايصال القاضي رياض ابو غيدا)  بعد تعيين رئيس الاركان، فإن الاشتراكي سيحاول أن يأتي بنتيجة مشابهة في التعيينات المرتقبة (النائب الثاني لحاكم مصرف لبنان المكرّس للطائفة الدرزية، مستفيداً ربما من تموضعه الجديد مع العهد وباسيل( عدم الاصطدام معهما واشاعة اجواء التهدئة) ومع "حزب الله"، عقب لقاءات المصارحة والمصالحة التي توزعت بين بعبدا وبيت الدين واللقلوق وعين التينة، بالتوازي مع موقفي الرئيسين بري والحريري المساندين له.

وربطاً بهذه اللقاءات، وفتح التيار البرتقالي صفحة جديدة مع الحزب الاشتراكي، مع حدث اللقلوق (لقاء باسيل – رئيس اللقاء الديمقراطي النائب تيمور جنبلاط)، فإن الثابت أن رئيس "التيار الوطني الحر" يحاول كسر الحواجز مع المكونات السياسية بعيداُ عن حزب "القوات" وتيار "المردة"، وهذا يقود بحسب المراقبين، الى استخلاص نتيجة واحدة وحيدة أن حزب "القوات" المستهدف الاول من حركة نائب البترون، وأن زيارة الحكيم الى الشوف التي أرجأت كانت إحدى ضحايا "جمعة" اللقلوق، الأمر الذي يضع قائد معراب خارج المشهد السياسي راهناً، طالما أن القوى السياسية الأساسية بعيدة  كل البعد عن التموضع الى جانب "القوات" على مستوى طرح القضايا المحلية أسوة بالاقليمية. فالرئيس الحريري الذي يلتقي ورئيس "القوات" في النظرة إلى التطورات في المنطقة، فضلا عن التمسك بالقرارات الدولية وأن يكون قرار الحرب والسلم بيد الدولة، وقف في مجلس الوزراء يوجه الوزير  ريشار قيومجيان، متموضعا إلى جانب رئيس الجمهورية و"حزب الله" بتأكيده أننا لم نعتد على إسرائيل إنما هي التي بادرت إلى الإعتداء على لبنان.

وإذا كان البعض يغمز إلى أن أزمة الثقة بين الحريري والحكيم لم تنته وأنها لا تزال تتحكم بمسار العلاقة بين الرجلين، فالواقع يقول أيضاً إن الحريري الذي شبك تحالفا متينا مع باسيل لن يذهب بعيداً في خوض معارك لصالح "القوات" وحقوقها، طالما ان الالتباسات ترافق علاقة معراب – بيت الوسط وطالما ان الحكيم يواصل التصويب على أداء رئيس الحكومة في مواضيع إدارة الدولة وآخرها الموازنة.

اشترك فى النشرة البريدية لتحصل على اهم الاخبار بمجرد نشرها

تابعنا على مواقع التواصل الاجتماعى