العسكريون المتقاعدون بين مطرقة الدستوري وسندان موازنة 2020

العسكريون المتقاعدون بين مطرقة الدستوري وسندان موازنة 2020
العسكريون المتقاعدون بين مطرقة الدستوري وسندان موازنة 2020
أسقط  المجلس الدستوري طعن العسكريين المتقاعدين المتصل بسلسلة من مواد الموازنة يعتبرون أنها تمس بحقوقهم، فرد الطعن الرامي إلى إبطال المواد 23 و47 و48 وأعلن دستورية المادة 82، لتسقط مع القرار الدستوري آخر قلعة من قلاع دولة القانون والمؤسسات يقول العميد المتقاعد اندريه ابو معشر.

أقرالمجلس الدستوري بعدم دستورية ضريبة الدخل (المادة 47) لمخالفتها مبادى العدالة والمساواة، وعدم جواز الازدواج الضريبي ومبدا الوضوح الوارد في استخدام عبارة معاشات التقاعد وما يماثلها، ولعل اهم الأسباب الموجبة للابطال التي اقر بها المجلس الدستوري عندما اورد في الصفحة الثالثة والعشرين من قراره  "... انطلاقا من مبدا المساواة في الحقوق والواجبات وفقا للفقرة "ج" من مقدمة الدستور ومبدا المساواة بين اللبنانيين تجاه القانون وفقا للمادة السابعة ... وحيث ان اجازة الدستور في المواد 81 و82 و83 منه للسلطتين الاجرائية والتشريعية فرض وجباية الضرائب العمومية ، لا يعني اباحة خرق مبدا المسواة بين اللبنانيين الذين هم في ذات الوضع الواقعي والقانوني كفئة المتقاعدين..." ورغم ذلك امتنع المجلس الدستوري عن إبطالها حرصاً  منه على انتظام المالية العامة، طالباً من المجلس النيابي إصلاح الخلل، في خطوة يضعها العميد ابو معشر في خانة ممارسة المجلس الدستوري وظيفة مراقب عقد النفقات.

لقد أظهر العسكريون المتقاعدون من خلال تقديمهم الطعن الى المجلس الدستوري، أن الاخير لا يتمتع بأهلية أن يكون المرتكز لقيام دولة القانون والمؤسسات، يقول أبو معشر لـ"لبنان24"، فهو لجأ الى اعتماد مصطلحات ترفع عن عاتقه مهمة الإصلاح وتطبيق القانون عندما قال إن هذه المواد 23 و47 و48 غير مؤتلفة مع أحكام الدستور ليفتح الباب امام الالتفاف على صياغة نص تعليلي، بدل أن يحسم الجدل ويؤكد أنها مخالفة للدستور، بذريعة أن ابطال التعديلات التي أدخلتها المواد 23 و47 و48  على قانون ضريبة الدخل من شأنه ان يؤدي الى انعكاسات سلبية جدا على المدة المتبقية من موازنة العام 2019 التي يحكمها مبدأ سنوية الموازنة، وبالتالي على الانتظام المالي العام، راميا الكرة في ملعب الحكومة والبرلمان لاصلاح الخلل الوارد في المواد السابقة الذكر على نحو يتوافق مع الدستور خلال  اعداد ومناقشة موازنة العام 2020، بعدما عجز عن إصلاحه.

لا يبدي العسكريون المتقاعدون ارتياحا لخطوة الدستوري الاستنسابية، فهو بحسب أبو معشر، أبطل موادا قد تؤدي إلى فعلا إلى انهيار المالية العامة (عدم جواز الجمع بين أجرين من المال العام) فضلاً عن أنه لجأ الى تجاوز حد السلطة، لا سيما وأن وظيفته تكمن في النظر بدستورية القوانين وليس في المالية العامة لأنه ليس محاسبا او استشاريا،  فأياً تكن المواد الدستورية، متى اثبت انها مخالفة للقوانين وجب ابطالها، بغض النظر عن التبعات المالية المترتبة على ذلك.

وليس بعيداً فان المادة 82 من الدستور ووفقا لقراءة المجلس الدستوري لا تعني على الإطلاق إباحة خرق مبدأ المساواة بين اللبنانيين الذين يتمتعون بالوضع الواقعي والقانوني ذاته ، علما أن أن المجلس الدستوري لم يشرح الأسباب الموجبة  للمادة 82  المطعون بها والمتعلقة بضريبة الطبابة،  والتي لو ناقشها لتأكد من انها تنطوي على نفس الأسباب الموجبة للابطال، شأنها شأن المادة 47  لجهة مخالفتها مبادىء العدالة والمساواة بين
المتقاعدين الذين يتقاضون راتب تقاعدي ومن اختار تعويض صرف، وعدم الوضوح في نطاق التطبيق لجهة فرض ضريبة لقاء مساعدات اجتماعية لا يحق للعسكريين المتقاعدين الاستفادة منها او لجهة الغموض في نطاق تحديد من يستفيد من الاعفاء من دفع الضريبة. وبذلك يكون المجلس الدستوري قد قدم قرارا منقوصا يشوبه عيب عدم البت بأسباب موجبة سبق وتقدم بها النواب لإبطال المادة 82 بموجب مطالعة الطعن.

ويستغرب العسكريون المتقاعدون على سبيل المثال، كيفية اعتبار المجلس الدستوري أن ضمانة مجانية الطبابة للعسكريين من غير ذي قيمة دستورية؛  بيد أنه رأى موجب الاعفاء من رسوم الميكانيك والمعاينة وتخصيص القضاة برمز "ج" على لوحات السيارات من الضمانات ذي القيمة الدستورية وجب المحافظة عليها وهي أسباب موجبة لإبطال المادة 26، وهذا يدل، وفق أبو معشر، على ازدواجية تعاطي "الدستوري"، فهو استجمع مراجعه كافة للدفاع عن حقوق القضاة والمجلس الدستوري، في حين أنكرها على العسكريين المتقاعدين.

ولا يخفي أبو معشر، قلق العسكريين مما يحضر في موازنة العام 2020، فمسودة موازنة 2020 لا تحمل في صفحات مسودتها إلا ثلاثة اسطر حول نية السلطة إدخال التعديلات اللازمة على قانون التقاعد، ومنها: وجوب العودة الى روحية القانون، المعاشات المعقولة، عدم التفرقة بين المنتسبين . وليس بعيدا فقد تمت الإشارة، بحسب ابو معشر، الى ما معناه وجود نيات مبيتة أخرى لضرب حق المتقاعد بالعيش الآمن والرغيد. والملفت في كل ذلك أنه لم يرد في مشروع الموازنة أية مادة لكيفية ترجمة كل النيات المبيتة والمعلنة منها، ولم ترد أية مادة تحدد الحقوق أوالمكتسبات التي ستطالها التخفيضات أو شكل التعديلات أو مقدار الاقتطاعات.

والاكيد أن كل هذه المواد تم إعدادها وتمت صياغتها وهي جاهزة ليتم طرحها على مجلس الوزراء، يقول ابو معشر. فوزارة المال تتقصد التذاكي على المتقاعدين من خلال مقاربتها القديمة الجديدة والمتكررة، لجهة عدم إدراجها التعديلات ضمن مسودة الموازنة وضمن مواد محددة وواضحة وبالتعتيم عليها، لتسطيع القول  في مرحلة لاحقة إنها بريئة من دم هؤلاء الصديقين، خاصة عندما يصدر قرار إعدامهم على طاولة مجلس الوزراء مجتمعا وبالاجماع.

واخيرا يسال ابومعشر في حال خالف المجلس الدستوري احكام الدستور فمن يصحح هذا الخلل ؟ وبمعرض الحديث عن الخلل هل أن السلطة التشريعية ملزمة التقيد بما اقره المجلس الدستوري لجهة مطالبته إياها بإصلاح الخلل الوارد في المواد 23 و 47 و48 ؟ وماذا لو لم يقدم مجلس النواب على اصلاح الخلل؟ فهل يعود المجلس الدستوري عن قراره الملتبس وينتصر للحق وللدستور ويبطل هذه المواد لمخالفتها احكام الدستور؟

اشترك فى النشرة البريدية لتحصل على اهم الاخبار بمجرد نشرها

تابعنا على مواقع التواصل الاجتماعى

التالى منخفض جويّ متمركز فوق اليونان... هذا موعد وصوله إلى لبنان