خطوة أولى... هكذا يُكافح الفساد في القضاء والإدارة

خطوة أولى... هكذا يُكافح الفساد في القضاء والإدارة
خطوة أولى... هكذا يُكافح الفساد في القضاء والإدارة
كان لافتًا ما أقدم عليه كل من رئيس مجلس القضاء الاعلى القاضي سهيل عبود والمدعي العام التمييزي القاضي غسان عويدات وورئيس مجلس شورى الدولة القاضي فادي الياس بعدما اقسموا اليمين أمام رئيس الجمهورية، حيث سلّموا الرئيس ميشال عون كتباً برفع السرية المصرفية عن أموالهم مع أفراد عائلاتهم.

وهذه هي المرّة الأولى، وهي سابقة، التي يطلب فيها من يتسلم مهمة عامة رفع السرية المصرفية عن أمواله، بحيث أعتبرت مصادر مراقبة أن ما قام به القضاة الثلاثة، وهم في أعلى المراكز القضائية، خطوة أولى في سلم الإصلاحات المطلوبة في القضاء.

فما قام به هؤلاء القضاة يُعتبر قمة في تحمّل المسؤولية بشفافية مطلقة، وهم بذلك تحرروا من كل القيود التي يمكن أن تكبلهم إثناء قيامهم بواجبهم المهني بتجرّد ونزاهة لا يمكن لاحد "التغبير" على أدائهم في أي أمر سيقدمون عليه، وقد حدّدوا لأنفسهم سقفًا لا يمكن تجاوزه، وهم أثبتوا بذلك، وقبل تسلمهم مهامهم رسميًا، إستقلالية القضاء وعدم الإفساح في المجال لأي كان بالتدخل في عملهم مستقبلًا.

في العادة كان كل من يتسلم وظيفة عامة يصرّح عن أمواله وممتلكاته لدى المجلس الدستوري، وفي الغالب كانت هذه الخطوة تتخذ صفة لا تتعدى الشكليات، إذ لم نشهد ولا مرّة أي محاسبة لأي مسؤول عمّا حصّله من أموال خلال قيامه بوظيفته العامة، ولم يوجه إلى أي كان السؤال الطبيعي والبديهي: من أين لك هذا؟

أما أن ترفع السرية المصرفية عن هذا المسؤول أو ذاك الموظف، أيًّا تكن وظيفته ورتبته وراتبه، فهذا يعني أن من حق أي مواطن الإطلاع على حساباته المصرفية وحركة الداخل والخارج منها.

إن ما أقدم عليه القضاة الثلاثة قد يكون خطوة أولى في مسيرة الإصلاح في الجسم القضائي، بحيث تكون خطوتهم هذه مقدمة لرفع السرية المصرفية عن جميع القضاة، الذين سيجدون أنفسهم في هذه الحالة محصنّين ضد كل الإشاعات التي تطاول الجسم القضائي، وقد يكون من بينها ما هو زورًا وبهتانًا، كما قد يكون في بعض هذه الإشاعات ما يقارب الواقع المشكو منه، والذي يندرج في إطار ما يُعرف بـ"الفساد القضائي".

خطوة أكثر من مهمة ما أقدم عليه من هم في قمة الهرم القضائي، ولكن يجب ألاّ تبقى يتيمة، إذ تصبح من دون قيمة إذا لم تعمّم على مستوى الجسم القضائي ككل، وكمقدمة متقدمة في خطة مكافحة الفساد، والتي يجب أن تشمل أيضًا موظفي الإدارة العامة على مستوى الفئات الأولى والثانية والثالثة الموضوعين في قفص الإتهام، وقد يكون من بينهم من لا غبار على أدائهم الوظيفي وعدم إستغلال مواقعهم لتحقيق أرباح غير مشروعة، بحيث لا يعود يتساوى الصالح بجريرة الطالح، والفاسد بغير الفاسد.

فإذا كان من يطالبون بمكافحة الفساد جادّين في ما هم ساعون إليه فعليهم تطبيق هذه الظاهرة، التي سبقهم إليها أرفع القضاة شأنًا ومركزًا.

اشترك فى النشرة البريدية لتحصل على اهم الاخبار بمجرد نشرها

تابعنا على مواقع التواصل الاجتماعى

التالى منخفض جويّ متمركز فوق اليونان... هذا موعد وصوله إلى لبنان