السؤال بات يحمل في طياته اليأس قبل الرجاء. أسئلة لا نكف عن طرحها وما من مجيب، الا بقدر ما تصبح الإجابة نفسها لغزاً بحاجة إلى حل، وذلك من الجهات التي يُفترض فيها أساساً أن تقدم أجوبة بمنتهى الشفافية تجعل اللبناني على بيّنة من أمره، فيتصرف وفق ما يمليه عليه الواقع والمنطق وليس التكهنات والإشاعات كما يجري اليوم.
لكن يظهر أن الشفافية بعيدة المنال، وأننا محكومون بالفوضى. فالمسؤولون المولجون بالمكاشفة والحل، لا جواب لديهم. هذا ما يمكن إستشرافه من كل التصريحات التي تتسم بالكثير من التضارب وغياب المنطق. حتى يبدو أن محاولات الإجابة تستبطن عدم طرح أي جواب، بل تضييع البوصلة، وإدخال المشاهد والقارىء في حالة من التشويش علاوة على ما هو فيه من إرتباك.
لكن هذه المحاولات لا تعني سوى أمرين – إحتمالين لا ثالث لهما. إما أن مسؤولي هذا البلد لا إجابات لديهم، أو أنهم على دراية بما ينتظرنا خلال الفترة القادمة لكنهم يعمدون إلى التكتم. وفي الحالين مصيبة. فإذا كانت جعبهم من الحلول فارغة، ماذا يفعلون في مناصبهم؟ ما الذي يقدمونه لنا مقابل الرواتب والإمتيازات التي تُسحب من جيوبنا كل شهر؟ هل هي ثقافة الإنتفاع الشائعة في لبنان وبلدان عربية؟
أما إذا كان لديهم إجابات وتصورات واضحة عن مستقبلنا، وما سنختبره في المدى المنظور، ويسكتون عنها فإن هذه مصيبة أكبر. لا بل يمكن القول إن هذه التعمية المقصودة إنما غايتها التستر والحجب على السياسة الاقتصادية والفساد المخزي التي لازمت لبنان منذ انتهاء الحرب الاهلية. وأن دفع المصيبة بعيداً عبر إدارة الظهر لها وإنكارها، لا مواجهتها، هو الجبن بعينه.
وفي الحالين، يتوجب على اللبنانيين أن يحاسبوا مسؤوليهم بشجاعة وقوة وصراحة، اليوم قبل الغد. فاليوم يملكونه. أما الغد فقد لا يكون لهم، والله أعلم!