استهل جبق كلمته بنقل تحيات رئيس الجمهورية وتمنياته للمؤتمرين بالتوفيق في جهودهم لتأمين وسائل الوقاية للمواطن ووسائل العناية والتدخل السريع لإنقاذه وهو خارج المستشفى. وقال: "رعاية رئيس الجمهورية لهذا اللقاء يحمل الإهتمام الذي يوليه فخامته لتأمين حق المواطن بالصحة الجيدة والنوعية والفعالة خصوصا في حالات توقف القلب المفاجئ التي يمكن أن تصيب كل إنسان في مختلف الأعمار والشباب منهم بنوع خاص".
وأكد أن "الوزارة لا توفر أي تعاون مع كل جمعية أو مؤسسة تهتم بصحة الإنسان، وقد تمثلت المبادرة الأخيرة التي قمنا بها في إصدار قرار ينص على إلزامية توفر آلة مزيل الرجفان القلبي AED أو جهاز صدمات القلب الكهربائية الخارجي في الأماكن والمرافق العامة المزدحمة والتي ترتفع فيها نسبة حصول توقف القلب المفاجئ وهي تشمل على سبيل المثال لا الحصر مراكز التسوق الكبرى والمطار والمرافئ والمنتجعات السياحية والمصارف والمدارس والجامعات والأندية والملاعب الرياضية حيث يتعرض الشبان ولاسيما الرياضيون منهم لخطر توقف القلب المفاجئ". وقال: "سيكون هناك مفتشون ومراقبون من وزارة الصحة للكشف على وجود هذه الآلات والأجهزة والتأكد من فعاليتها".
وأعلن أن "بالتعاون مع وزارة التربية، تم الاتفاق على إلزام كل المدارس في لبنان بتأمين آلة مزيل الرجفان القلبي فيها، على أن يكون في خلال دوام المدرسة، فريق من المتخصصين ليؤمنوا الإسعافات الأولية". وقال: "هذا الأمر يبقى غير كاف، لأن استخدام آلة مزيل الرجفان القلبي قد يكون محصورا بعدد معين من الأشخاص، لذا يرتدي تدريب فريق من الموظفين على استخدام هذه الآلة أهمية خاصة، خصوصا أن الانتقال من مكان إلى آخر في لبنان يستغرق الكثير من الوقت ما يهدد إمكانية إسعاف الذي يتعرض لوقف القلب المفاجئ. ففي حال نجا المريض من الموت المحتم، يعيش نتيجة ذلك مع إعاقات كبيرة".
وعن موازنة وزارة الصحة قال: "لا تتجاوز 2 أو 2.5 في المئة من الموازنة العامة، في حين أنها تشكل في العالم نسبة 7 إلى 10 في المئة من الموازنة العامة للدولة. هذا الواقع يؤدي إلى الكثير من الضغوط لتغطية الخدمات الصحية التي يحتاج إليها حوالى مليون و800 ألف شخص يلجأون إلى وزارة الصحة، علما بأن جهات ضامنة أخرى مثل مؤسسة الضمان لا تغطي حالات صحية كثيرة. فالضمان مثلا يبدو كمن لديه مؤسسة خاصة به، ولا يعترف في الكثير من الأمور الباهظة الثمن والتي تثقل على موازنة وزارة الصحة. وفي سابقة في وزارة الصحة، تمكنت الوزارة هذه السنة من الإكتفاء بالمبلغ الذي كان مرصودا في بند الدواء. ونتوقع أن تتمكن الوزارة من تغطية حاجات الشعب في هذا المجال".
وفي بند الإستشفاء، لفت إلى أن "تطورا علميا حصل في العالم في هذا المجال ولكن الإجراءات المتأتية عن هذا التطور باهظة الثمن. وهناك الكثير من الإجراءات الطبية التي لا تعترف بها الدولة". وقال: "هذا دافع أساسي لتضافر الجهود بين مختلف مكونات المجتمع لكي يتمكن لبنان من اللحاق بالتطور العالمي في هذا المجال".
وكان إطلاق الحملة تخللته فيديوهات سيتم التداول بها عبر وسائل التواصل الإجتماعي ويتحدث فيها أهالي الشبان ريمي ويوهان وهشام الذين توفوا خلال تعرضهم لتوقف القلب المفاجئ، وذلك بهدف التوعية على القيام بالفحوص الاستباقية اللازمة وتأمين الإسعافات السريعة لدى الإصابة بهذا الحادث.
وأوضح مدير برنامج طب القلب في الجامعة الأميركية في بيروت دكتور حسين اسماعيل "ماهية سلسلة النجاة التي تتألف من خمس حلقات، وهي تبدأ بالتعرف السريع على توقف القلب والاتصال بالإسعاف، ثم البدء بالإنعاش القلبي الرئوي واستخدام آلة مزيل الرجفان القلبي، فوصول الإسعاف في وقت مقبول نسبيا، إلى العمل المطلوب في داخل الطوارئ والمستشفى. وشدد دكتور اسماعيل على أهمية السرعة الفائقة في تقديم الإسعافات، لأن التلف الدماغي يبدأ بالحصول بعد عشر دقائق من توقف القلب. وقال إن الأبحاث التي تم إجراؤها في لبنان تظهر أن خمسة في المئة من الذين يصابون بتوقف القلب المفاجئ ينجون ولكن نصف الناجين يعانون من التلف الدماغي، في حين أن نسبة النجاة في أوروبا الجنوبية تبلغ 35 في المئة".
ولفت إلى أن "هذه الحملة تشمل توزيع آلات الصدم الكهربائي والتدريب عليها بالتعاون مع البلديات، إنشاء مراكز تدريب على الإنعاش القلبي الرئوي في المحافظات، إنجاز المادة التدريبية على الإنعاش القلبي الرئوي عبر النت، وإنجاز التطبيق الهاتفي للتدريب على الإنعاش القلبي الرئوي".
أما رئيس لجنة الصحة النيابية دكتور عاصم عراجي، فلفت إلى "السعي لإقرار تعديل المادة 567 من قانون العقوبات بهدف تشجيع الناس على مساعدة المرضى الذين يصابون بتوقف القلب المفاجئ على الطرقات وفي الأماكن العامة". وقال: "إن توافقا حصل مع لجنة الإدارة والعدل لإقرار المشروع وإحالته في أسرع وقت على الهيئة العامة لمجلس النواب".
وأشار إلى أن "صدور القانون سيكون أمرا جيدا، على أن يتم التنسيق مع وزارة التربية لتعليم الإسعافات الأولية المتعلقة بالإنعاش القلبي الرئوي ونشرها في المدارس".
بدورها، اعتبرت رئيسة لجنة المرأة والطفل النيابية النائبة الدكتورة عناية عزالدين ان "لبنان يقف على عتبة مفصلية سياسيا واقتصاديا تتطلب اقصى درجات التعاون والتنسيق للحد من الاثار السلبية للازمة الاقتصادية والمالية والنقدية التي نمر بها". ودعت المسؤولين إلى "التعاطي بجدية وإحساس بالمسؤولية وباعتماد الحسم لوضع حد للمتلاعبين بالاوضاع". وشددت على أن "الاهتمام بالقطاع الصحي ووضعه ضمن أولويات الحكومة والعمل الجاد من أجل تغطية صحية شاملة، سيساهم حتما بوطن أكثر صحة وأمان وانصاف للجميع".
وشبهت القطاع الصحي ب"البنيان المتنامي والمتشعب حيث تتفاعل فيه مؤسسات متنوعة ومختلفة ولا يجدي العمل فيه الا بشفافية عالية ودعت ل"حوكمة الصحة" في لبنان حيث تؤدي الشراكة في اتخاذ القرار كما في التنفيذ بين مختلف المعنيين الى وضع المعايير والاطر التنظيمية وحشد الموارد وتنسيقها حتى بين اطراف قد تتناقض مصالحها بالمعنى الضيق ولكنها ستستفيد تلقائيا من الحوكمة الرشيدة ومن التشريعات المنصفة والمعتدلة والمتوازنة والمتزنة".
وحثت على "العمل من اجل تحقيق هدف "الصحة للجميع في لبنان"، معتبرة ان "الصحة هي "اولى الثروات"، لافتة الى ان "الادبيات الاقتصادية باتت تعتبر ان الصحة أحد أشكال رأس المال البشري، كما ان الانفاق على الصحة لا يفترض النظر اليه على انه مجرد نفقات استهلاكية تشكل عبئا على الموازنة انما هو استثمار في الانتاجية ونمو الدخل والحد من الفقر".
وشددت على ان "الصحة العامة تساهم في بناء المجتمعات المتماسكة اجتماعيا والمستقرة سياسيا، وان عدم تلبية الحكومات لاحتياجات شعوبها الصحية من اهم اسباب اضعاف الثقة بين الطرفين ، وقد يؤدي الخلل الصحي الى لا استقرار اجتماعي وامني واقتصادي".
وعن التشريع للصحة، أشارت الى "ضرورة ان تأخذ العملية التشريعية بالاعتبار العمل على الوقاية ووضع نظم قادرة على الرقابة وتقصي الاخطار الفعلية والمحتملة على الصحة العامة والتربية على السلوكيات الصحية والحفاظ على العاملين في مجال الصحة". واكدت ان "العمل في هذا المسار بدأ في التشريعات الصحية التي يتم اعدادها في البرلمان اللبناني"، ونوهت بان "الرئيس نبيه بري مصر على هذه المنهجية". وأعلنت انها قدمت ثلاثة مشاريع قوانين متعلقة بالصحة النفسية والجسدية للقاصرين والرئيس بري احالها على لجنة الصحة النيابية.
ثم لفت نقيب الأطباء البروفسور شرف أبو شرف إلى أن "الحملة الوطنية للتوعية على سبل التعامل مع توقف القلب المفاجئ خارج المستشفى تهدف إلى تثقيف وتوعية المجتمع عبر الجمعيات المختصة والمؤسسات الحكومية والخاصة ووسائل الإعلام والفنانين للحصول على أفضل النتائج بواسطة العلاج والوقاية، وعبر التعاون والتواصل بين جميع الأطباء بدءا بمراحل الإكتشاف والمراقبة وصولا إلى تحسين نوعية الخدمة وتطوير جودة الأداء".
وقال: "إن نقابة الأطباء تعمل من أجل تطوير نظام التثقيف الطبي المستمر من خلال برنامج متكامل له، بالتوافق مع الجهات الرسمية والعلمية والنقابية والجمعيات العلمية".
ورأى أن "لا مستقبل نتطلع إليه ولا نهضة علمية أو نقابية أو اجتماعية سياسية إن لم تتضافر الجهود لتحقيق الهدف المنشود، وما عدا ذلك سراب بسراب". وشكر وزير الصحة "الذي لا يعرف التعب ولا تثنيه صعوبة عن المساهمة الجادة للنهوض بالحمل الصحي الثقيل الملقى على عاتقه".
ثم قدم رئيس جمعية أطباء القلب في لبنان دكتور مالك محمد عرضا عما تنوي جمعية أطباء القلب تحقيقه في المرحلة المقبلة على صعيد مواجهة حوادث توقف القلب المفاجئ، معلنا "التنسيق مع اتحادي كرة القدم وكرة السلة لوضع آلات مزيل رجفان القلب في أماكن التمارين وأكد ضرورة تعميم التدريب لنشر ثقافة استخدام هذه الآلة".
أما رئيس جمعية أطباء الطوارئ في لبنان دكتور مازن السيد، فلفت إلى أن "الحملة الوطنية للتوعية على طرق التعامل مع توقف القلب المفاجئ خارج المستشفى بدأت بتأمين الإطار القانوني لدور المجتمع عبر السعي إلى تعديل القانون من خلال حماية من يقوم بإسعاف مريض توقف قلبه أو أي مريض بحاجة للمساعدة الطبية".
وقال: "بدأ كذلك العمل بوضع برامج تطبيقية لآلات مزيل الرجفان القلبي (AED) في الأماكن العامة من بلديات ومدارس وأندية رياضية بالتعاون مع الجمعيات ومع مؤسسات عامة وخاصة. وستكون هذه البرامج تحت إطار تنظيمي وإشراف طبي بالتنسيق مع وزارة الصحة العامة ومرتبطة مستقبلا بنظام الإسعاف على أن تكون الآلات جزءا من شبكة اتصال تحت إشراف طبي في مركز موحد".
وختم: "هذه الحملة عبارة عن المرحلة الأولى والتي تجسد دور المجتمع ولكنها يجب أن تكون ضمن نظام متكامل للطوارىء والإسعاف على أن يكون الدور الأساسي فيه لوزارة الصحة العامة من خلال الإشراف ووضع المعايير لعمل منظمات الإسعاف، إضافة إلى دور آخر لمنظمات الإسعاف لتأمين الاستجابة السريعة للحالات الطبية الطارئة وإعطاء الإرشادات للمتصل وتقديم العلاج الطبي خلال نقل المريض إلى المستشفى المناسب".