الورقة الاقتصادية لحكومة 'العهد'.. شيك من دون رصيد

الورقة الاقتصادية لحكومة 'العهد'.. شيك من دون رصيد
الورقة الاقتصادية لحكومة 'العهد'.. شيك من دون رصيد

كتبت عزة الحاج حسن في "المدن" مقالاً بعنوان "الورقة الإقتصادية لحكومة العهد.. شيك من دون رصيد" جاء فيه: "تجاوزت مطالب الحراك الشعبي ما تقدّمت به الحكومة في ورقتها الاقتصادية بأشواط. فمطالب الحراك تعكس حاجات اللبنانيين لمقومات الحياة الأساسية، وتعكس رغبتهم العارمة بمحاسبة كل من أوصل البلد إلى قاع الأزمات. وبالتالي، كيف يمكن أن تؤخذ ورقة اقتصادية "هزيلة" على محمل الجد في ظل قيام سلطة باتت فاقدة للثقة.

 

نوايا الخداع
تفضح الورقة الاقتصادية استخفافاً لدى السلطة بعقول اللبنانيين وبطريقة مخاطبتها للشارع، وذلك من خلال تقديم ورقة لا تقارب فيها أي حلول عملية للأزمة المعيشية والاقتصادية باستثناء ثلاثة البنود. تحاول السلطة تجميل الإجراءات الواردة في الورقة الاقتصادية متجاهلة عدم قدرتها على تنفيذ غالبية طروحاتها، لأسباب تتعلّق بعجزها المالي من جهة، وبغياب التوافق بين أطرافها السياسيين من جهة أخرى.

ولا تخلو الورقة الاقتصادية الهزيلة من نوايا الخداع. إذ أنها تتضمن طروحات يستلزم تنفيذها تصويتاً في مجلس النواب، ومنها بند خفض رواتب ومخصصات الرؤساء والوزراء والنواب الحاليين والسابقين بنسبة 50 في المئة. والسؤال ماذا لو صوّت مجلس النواب لاحقاً بالرفض على هذا الحسم؟ علماً أن ما سيوفّره هذا البند لن يُحدث فارقاً يُذكر على المستوى المالي.

وإذا ما سلّمنا جدلاً بجدوى الحلول المطروحة في الورقة الاقتصادية، يبقى السؤال من سيعمل على تنفيذ هذه البنود؟! فالسلطة التي ارتأت تنفيذ الخطة الإنقاذية بنفسها أثبتت فشلها منذ سنوات، وأكدت عجزها عن التوافق في تنفيذ الإصلاحات، إن على لسان وزير خارجيتها جبران باسيل، الآمر الناهي في قصر رئاسة الجمهورية أو على لسان رئيس الحكومة سعد الحريري. من هنا لا يمكن أن تُبنى الآمال على اقتراحات أشبه ما تكون بـ"شيك" من دون رصيد.

إنجاز الشارع

 

قليلة هي البنود الواردة في الورقة الإصلاحية التي تستحق الإدراج في سلسلة إنجازات التظاهرات، التي لها الفضل الأكبر في ممارسة الضغط على السلطة لتدارك خطورة الأزمة الإقتصادية، وهو ما عجز عنه المجتمع الدولي، ومن تلك البنود الآتي:

- عدم فرض أي ضريبة مباشرة أو غير مباشرة وأي رسوم في العام 2020 على المواطنين وعدم إخضاع رواتب الموظفين والمتعاقدين إلى أي ضريبة أو حسم.

 - توقيع مشروع قانون موازنة عام 2020 وأحالته إلى مجلس النواب، على أن تدرسه لجنة المال والموازنة في مهلة أقصاها شهرين، بما يؤمّن لرئيس الحكومة سعد الحريري الذهاب إلى مؤتمر متابعة مقررات "سيدر" في فرنسا في 15 تشرين الثاني المقبل، بخطوات إصلاحية.

- فرض ضريبة دخل استثنائية على المصارف  لسنة واحدة في العام 2020 بما يؤمن مبلغ 600 مليار ليرة لبنانية. وهنا لا بد من التذكير بأن اقتراح رفع الضريبة على أرباح المصارف من 17 في المئة حالياً الى 35% تم سحبه من الورقة الاقتصادية أمس قبل إقرارها، بضغط من المصارف. واقتصرت مساهمة القطاع المصرفي على ضريبة دخل إستثنائية لعام واحد فقط.

ويُضاف الى مساهمة المصارف، مساهمة مصارف لبنان بخفض خدمة الدين العام لسنة 2020 بنسبة 50 في المئة بالتنسيق مع مصرف لبنان أي بنحو 4.500 مليار ليرة، على أن يتابع رئيس مجلس الوزراء الاجراءات التنفيذية مع وزير المالية وحاكم مصرف لبنان. وفي هذا البند ما يدعو الى القلق من تعديله لاسيما بعد إخضاعه للدراسة والتدقيق لاحقاً.

 

خداع وكذب
تستمر السلطة بالمناورة رغم انفجار الشارع وترقّبه تحقيق بعض المطالب المعيشية والاجتماعية. فقد ورد في الورقة الاقتصادية عدد من الاقتراحات "المخادعة" والعصية على التنفيذ، في ظل دولة عاجزة مالياً، أبرزها بند إقرار قانون ضمان الشيخوخة قبل نهاية العام الحالي. والسؤال كيف ستطبق الدولة قانون ضمان الشيخوخة في حين أنها لم تسدد ليرة واحدة لصندوق الضمان الإجتماعي منذ أكثر من ثلاث سنوات، بحيث تجاوزت مستحقات الضمان في ذمة الدولة 3000 مليار ليرة.

ومن بين البنود التي تطرح علامات استفهام بند رصد اعتماد بقيمة 20 مليار ليرة لبنانية لتعزيز وتوسعة قاعدة المستفيدين من برنامج دعم الاسر الاكثر فقراً، وبند سداد مستحقات الموظفين في الإدارات العامة المُقرر إلغاؤها وبنود عدة أخرى تستلزم وجود سيولة بيد الحكومة. وفي حال صدقت نوايا الحكومة فذلك يفسّر وجود فائض مالي يمكنها من تنفيذ هذه البنود. وهذا يعني أنها حين اعتمدت إجراءات تقشفية قبل انفجار الشارع كانت كاذبة.

أما في ما خص إقرار موازنة العام 2020 بعجز يقارب 0 في المئة، في مهلة أقصاها 25 تشرين الأول 2019، فهو طرح غير منطقي، إذ أن تقدير عجز الموازنة لا يتم بإتخاذ قرار توافقي إنما بتقديم موازنة تفصيلية بأرقام واقعية. حينها يُقدر العجز ما إذا كان صفراً أو 5.7 في المئة أو غير ذلك. وليس طرح بند بتقدير عجز الموازنة 0 في المئة سوى تزييف للأرقام في محاولة لخداع الجمهور.

ويبقى البند الأكثر إستفزازاً هو بند ضخ 160 مليون دولار لدعم القروض السكنية، ذلك لأنه بات واضحاً للحكومة التي تصر على التعامي عن الحقيقة، وهي أن الأموال التي تم ضخها مطلع العام للقروض الإسكانية لم يتم استخدامها بكاملها، لأن المصارف ترفض منح القروض الإسكانية المدعومة، اعتراضاً منها على الفوائد المحددة من قبل مصرف لبنان للإقراض السكني.

 

"أضعف الإيمان"
وباستثناء بعض البنود المذكورة أعلاه لا يمكن وصف الورقة الاقتصادية بـ"الإنقاذية". إذ تضمنت قرارات يُعد اتخاذها "أضعف الإيمان" في مسار الإصلاح الحكومي، نذكر البعض منها: دعم الصادرات بنسبة 5 في المئة، والطلب الى المؤسسات العامة والمرافق العامة والادارات ذات الموازنات الملحقة تحويل فائض أموالها شهرياً إلى الخزينة، وإلغاء ودمج بعض الوزارات والمؤسسات والمرافق العامة، والبدء باشراك القطاع الخاص وتحرير المؤسسات والمرافق العامة ذات الطابع التجاري، وتعيين الهيئات الناظمة للطيران المدني والاتصالات ومجلس إدارة بورصة بيروت، ونواب حاكم مصرف لبنان، وتفعيل إدارة ومردود عقارات الدولة، والحد من التهريب عبر المعابر الشرعية وغير الشرعية، والحد من التهرب الضريبي، زخفض موازنات مجلس الإنماء والإعمار وصندوق المهجرين ومجلس الجنوب بنسبة 70 في المئة.

 

 

اشترك فى النشرة البريدية لتحصل على اهم الاخبار بمجرد نشرها

تابعنا على مواقع التواصل الاجتماعى

التالى منخفض جويّ متمركز فوق اليونان... هذا موعد وصوله إلى لبنان