لماذا أطلّ نصرالله مرّتين في أقل من اسبوع؟

لماذا أطلّ نصرالله مرّتين في أقل من اسبوع؟
لماذا أطلّ نصرالله مرّتين في أقل من اسبوع؟
أنهت الانتفاضة الشعبية أسبوعها الأول ودخلت في أسبوعها الثاني، وهي بالزخم نفسه وبالحماسة نفسها كأنها لا تزال قي أيامها الأولى، وهي مستمرة إلى أن تستجيب السلطة لمطالب الشعب الذي يطالب بالتغيير، وإن تعدّدت أساليب هذه المطالبة، التي تتراوح ما بين إسقاط النظام، وهو شعار يتردّد في الساحات من دون أن يعرف الذين يطلقونه معناه الحقيقي، وبين إسقاط الحكومة والإتيان بأخرى من غير الطبقة السياسية الحالية المسؤولة عن كل أزمات البلد، وبين محاسبة الجميع "كلن يعني كلن"، إلى ردّ الأموال المنهوبة من الشعب.

ومع دخول الإنتفاضة أسبوعها الثاني لا بدّ من التوقف عند بضع الحقائق، ومنها على سبيل المثال لا الحصر:

أولًا، أن الانتفاضة لم تفرز حتى اللحظة قيادات واضحة المعالم، وإن كانت مطالبها أصبحت أكثر من واضحة. وقد يكون غياب القيادة العلنية فيه بعض الجوانب الإيجابية وبعض الجوانب السلبية.

في الجوانب لإيجابية لهذا الغياب أن الإنتفاضة باقية في منأى عن التيارات السياسية، وبالتالي تسقط مقولة أن "القوات اللبنانية" هي التي تقف وراء هذه الإنتفاضة،وهي التي تموّلها وتنميها وتديرها.

أما لناحية السلبيات فإن غياب القيادات قد تدخل الإنتفاضة في الفوضى، وقد لا ينوجد من سيتولى المفاوضات مع رئيس الجمهورية في مرحلة لاحقة، وبعد إسقاط الحكومة الحالية والتفتيش عن البدائل، بما يتوافق والنصوص الدستورية.

ثانيًا، أن هذه الإنتفاضة استوجبت خطاباً ثانياً من الأمين العام لـ"حزب الله" السيد حسن نصر الله، بعد الخطاب الأول، والفاصل الزمني بينهما اقل من اسبوع، وقد انتقل فيه تدرجًا من التهديد الصريح إلى التخوين العلني والترويع المبطّن لشارع "الحراك"، كما أسماه، عبر"مناصريه"الذين نزلوا إلى الساحات على رغم مطالبته إياهم بالإنسحاب منها.

أن يطّل "السيد" مرتين ليتحدّث عن نفس الموضوع في اقل من أسبوع فإن لذلك دلالات واضحة كشف عن بعضها في إطلالته الثانية عندما تحدّث عن مخاوفه من حرب أهلية تدّبر للبنان، وتمسّكه بالحكومة الحالية التي تؤّمن لـ"حزب الله" غطاء سياسيًا مهمًّا قد لا تسمح الظروف إذا ما تغيّرت بتوفير ذات المناخ الذي يحظى به من خلال هذه الحكومة.

ثالثًا، أن هذه الانتفاضة ما زالت فعلياً محرومة من أي تعاطف دولي يستحق الذكر، على رغم اتهام نصر الله القيّمين عليها بتلقّي الدعم من السفارات؛ وهو اتهام ردّده إعلام "حزب الله" بالأمس، أيضاً بحق الانتفاضة العراقية، وقد يكون ما بين ما يحصل في كل من العراق ولبنان أوجه شبه، وهما البلدان شبه الوحيدين التي تستطيع إيران التحرك فيهما بسهولة، ومن دون أن يشكل ذلك أي أحراج لها.

رابعًا، أن "التيار الوطني الحرّ"الحليف الإستراتيجي لـ"حزب الله"، تلقّف رسالة الحزب، وباشر بالتصدي للانتفاضة في المناطق المسيحية، دفاعاً عن مؤسّسه رئيس الجمهورية العماد ميشال عون، ورئيسه الوزير جبران باسيل، مع تسجيل نقطة مهمة وهي أن الحراك العوني، الذي له قيادات تحركّه وتوجهه، يفتقد إلى الحيوية التي تسجّل للإنتفاضة الشعبية في مختلف المناطق.

خامسًا، أنه لأسباب مختلفة ما زال المنتفضون يفصلون بين ظاهرة الفساد ومنظومة "الدولة الأمنية العميقة" التي تحكّمت بمفاصل القرار في لبنان منذ أكثر من السنوات الـ30 التي يردّدها أبرياء الانتفاضة، و"الأقل براءة" فيها، إذ أن أزمة لبنان، في الحقيقة، أكبر من الفساد بالمعنى السائد لهذه الكلمة. وعليه، فحلّها أكبر من حكومة وانتخابات. إنها أزمة وطن ممنوع من أن يكون وطناً سيداً حراً مستقلاً، كي يبقى ورقة ضغط بيد هذا اللاعب الإقليمي أو ذاك، أو يظل صندوق بريد بين القوى الكبرى واللاعبين الإقليميين.

سادسًا، إن تعميم الإنتفاضة على جميع المناطق اللبنانية، من صور والنبطية وبعلبك إلى طرابلس، عروسة الثورة، إلى البداوي، يثبت عدم تطييف أو مذهبة هذه الإنتفاضة، التي نفضت عنها غبار الطائفية والمذهبية، وهما كانا من بين العلل الأكثر تهديمًا لبناء مواطنة حقيقية ولبناء دولة مدنية تقوم على أساس الكفاءة وليس على اساس طائفي.

اشترك فى النشرة البريدية لتحصل على اهم الاخبار بمجرد نشرها

تابعنا على مواقع التواصل الاجتماعى